ليبيا.. مشروع أوطان.. لا وطن!

عدوى الاضطرابات في ليبيا لا تهدد وحدتها واستقرارها فقط، إذا ما امتدت الفوضى إلى دول الجوار في المغرب، والجزائر، وتونس وربما موريتانيا والسودان ومصر، إذ إن الحالة الراهنة بتقاتل مليشيات لأخرى، وجنرالات شكلوا قوتهم من فصائل الجيش وبعض المليشيات بدعوى مكافحة التيارات الإسلامية، وجيش نظامي هزيل عاجز عن ضبط الأمن وكذلك الحال مع قوات الأمن التي بقيت خارج السياق، جميعها تطرح بعد أمن المنطقة والتي جعلت ليبيا مصدر تهريب الأسلحة التي خلّفها نظام القذافي، والتي أصبحت بيد سماسرة وإرهابيين وعصابات تتاجر بكل شيء بما فيها السلاح..
قضية ليبيا أنه لا توجد فيها قوة حسم حكومي تسيطر على الحالة الأمنية المنفلتة؛ ولذلك يأتي رئيس مؤقت يزيله رئيس آخر، وبرلمان صوري لا يمثل إلا شريحة صغيرة غير فاعلة، والدول المحيطة بهذا البلد المنكوب، تراقب وليس لها قدرة تغيير الموازين الداخلية، وتخشى من تسرب الأسلحة وعناصر الإرهاب أمام مساحات مفتوحة وحدود غير قابلة للحماية..
الداخل الليبي أشبه بحالة لبنان أثناء حربه الأهلية، حيث اختلطت فيه عناصر من كل الطوائف في حرب دخلت فيها سورية وإسرائيل والفلسطينيون ومن خلفهم قوى العالم كله عربية ودولية، ويشبه أيضاً الحالة العراقية والتي صارت الكلمة العليا لإيران فقط، بينما ليبيا الكلّ يخشى الدخول في مستنقعها المخيف سواء دول أزاحت نظام القذافي، أو وسيط عربي يحاور أشكالاً لا تلتقي على رأي أو فكر أو صيغة نشوء وطن منتظر..
وكما نشط الإسلاميون في العراق وسورية، فبيئة ليبيا صالحة لإعادة تشكيلات جديدة تستنسخ فصائل داعش والنصرة، والقاعدة وغيرها والمشكل الآخر أن الانقسامات القبلية، ومواقع الثروة التي تريد احتكارها فئات أو عناصر تحارب من أجل الوصول إلى هذه الثروات والتحكم بها، ساعدتا على جعل الفوضى مبرراً لانقسام جميع الأطياف الاجتماعية، ولقد نشأت في ظل هذا الجو المضطرب تحالفات عسكرية انفصل بعضها عن الجيش مع عناصر قاومت القذافي، وهناك شكوك أنها من بقايا نظامه، وطالما كل طرف ينادي بشرعيته وحسم المعركة، فالحروب ستكون طويلة لأنه لا قاعدة شعبية يرتكز إليها أي تنظيم..
غياب الدولة مشكل خلخل دول الربيع، ومع أن تونس ومصر شهدتا، استقراراً معقولاً لقوة الجيش ووجود قوى وطنية تسانده فإن سورية وليبيا على خط نار طويل لا يطرح حلولاً تغير معادلات القوة إلا في حال جاء الخيار على فصيل قادر على أن يكون مقبولاً من الدول الفاعلة بتغيير قواعد اللعبة الداخلية..
الفوضى جاءت بديلاً عن أنظمة دكتاتورية دموية، وليبيا لايبدو أنها تتجه نحو خلق قوة حسم سواء من فئات منشقة عن الجيش والحكومة أو المليشيات التي ترفع شعارات خارج السياق الوطني، ومن هنا أصبح ما يجري في هذا البلد لا يمكن تفسيره بأي شكل كان طالما كلّ يحارب الآخر بدعاوى لا يمكن أن ينتصر فيها أي فريق..
“الرياض”

اقرأ أيضا

وفاة الحقوقي عبد العزيز النويضي

توفي الحقوقي والمحامي بهيئة الرباط عبد العزيز النويضي، مساء اليوم الخميس 2 ماي. وترجل الأستاذ …

مونديال 2030.. اجتماع موسع للتنسيق بين القطاعات الحكومية وإرساء منظومة موحدة للعمل

متابعة في إطار التحضيرات المكثفة استعدادا لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030، وتماشيا مع الرؤية …

فيديو صادم لسقوط سيدة من الطابق الرابع في مصر

تداول رواد مواقع التواصل لاجتماعي مقطع فيديو يحبس الأنفاس لإقدام سيدة على الانتحار، عن طريق …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *