استيقظت الأوساط الثقافية والجامعية في المغرب، صباح اليوم، على خبر مفجع، ألا وهو رحيل الكاتبة المغربية وعالمة الاجتماع فاطمة المرنيسي، التي تعتبر من رائدات الكتابة في المغرب، ومن اللواتي سعين بكل قوة لكسر العديد من التابوهات.
إنها من الجيل القديم الذي تربت على يديه أجيال عديدة، بحكم ممارستها للتعليم الجامعي كأستاذة في كلية الآداب بجامعة محمد الخامس، في الرباط، ولم تبخل يوما على طلبتها بتزويدهم بكل مفاتيح المعرفة، حيث كانت تحثهم على البحث والغوص في عمق المجتمع، بدل الاكتفاء بالنظريات الواردة في الكتب.
ولم يكن فضاء الدرس هو المدرج فقط، بل كان يشمل الفضاء العام، وأحيانا تدعو الباحثين، ورجال الإعلام إلى بيتها في حي أكدال، في العاصمة السياسية، كلما جد لديها جديد، أو طرأت لها فكرة عقد ورشة من الورشات التي كانت تشرف عليها بكل حيوية وحماس.
اهتمت المرنيسي كثيرا بالمرأة ومعاناتها، وخصصت لها العديد من المؤلفات والأبحاث، ونظمت القوافل المدنية والدراسية نحو العديد من المناطق المنسية، بما فيها النقط النائية عن مساقط الضوء.
ومن منطلق سعيها نحو المساواة، تعاطفت كثيرا مع النساء المضطهدات اجتماعيا ومهنيا وعائليا، وأجرت تحقيقات ميدانية عنهن في الحقول والمزارع ومعامل النسيج ومصبرات السمك، قبل أن تنشر نتائج ذلك في كتب تدعو إلى إعادة الاعتبار لهن وإنصافهن من الحيف الذي يلحق بهن.
كانت صاحبة كتاب ” شهرزاد ليست مغربية” تشتغل يوميا، بدأب نحلة، لا تتوقف عن الحركة، وعن التواجد في الأنشطة الثقافية، والعروض المسرحية والموسيقية والسينمائية.
ونظرا لعشقها للشاشة الفضية، لم تتردد في المشاركة في فيلم سينمائي، بعنوان” البحث عن زوج مراتي “، استجابة لمخرجه الفنان عبد الرحمان التازي. وقد صور مشاهد الجزء الأول منه في مدينة فاس، حيث رأت المرنيسي النور سنة 1940.
من أشهر كتبها، وهي المهتمة بالفكر الإسلامي ” الحريم السياسي”، الذي ترجم إلى العديد من اللغات العالمية، علما بأنها كانت تجيد الإنجليزية والفرنسية، إضافة بالطبع إلى العربية.
للمزيد:المغربيات الاقوى في المغرب العربي ضمن تصنيف عربي
ومن إصداراتها أيضا “وراء الحجاب”، “وشهرزاد ترحل إلى الغرب”، و”نساء على أجنحة الحلم”، و “سلطانات منسيات”، وفي السنوات الأخيرة، ظهر لها كتاب “50إسما للمحبة”، انتقت نصوصه من “روضة المحبين” لإبن القيم الجوزية.
رحم الله الفقيدة فاطمة المرنيسي وأسكنها فسيح جانته، وألهم ذويها الصبر الجميل، وإنا لله وإنا إليه راجعون.