“لا حدث” عرض البوليساريو للتفاوض مع المغرب!!

بقلم: هيثم شلبي

“صمت دهرا ونطق كفرا”!! مقولة شديدة الانطباق على آخر خرجات ربيبة الجزائر، المتمثلة في التصريحات المنسوبة لما يسمى “الوزير الأول” لجمهورية تندوف، خلال “جامعتهم الصيفية” في بومرداس، والتي لا تعدوا كونها إجازة سنوية مدفوعة الأجر للمحظوظين من مرتزقة البوليساريو، على حساب أموال الشعب الجزائري. الخبر الذي لا يزال يشغل الإعلام الدعائي الجزائري وبضعة منابر عربية مرتبطة بالنظام العسكري في الجزائر، اجتهد -دون أدنى حظ من النجاح- في محاولة صناعة حدث، يفترض أن يغير من واقع النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، لكن الإخراج السيء له حوله سريعا إلى “لا حدث”!!

تصريحات المدعو “بشرايا حمودي بيون”، التي أريد لها أن تبدو ردا على تصريحات الملك محمد السادس في خطاب عيد العرش قبل أيام، والتي جدد خلالها سياسة اليد الممدودة للجزائر، من أجل حسم هذا النزاع المفتعل وفق مبدأ “لا غالب ولا مغلوب”، أخطأت هدفها منذ الجملة الأولى، عندما قرن دخول البوليساريو في حوار مع المغرب، بأن يكون من أجل حل مسألة الصحراء بوصفها “قضية تصفية استعمار”! هذه الجملة وحدها، كانت كفيلة بعدم رد المغرب، والأمم المتحدة ممثلة في ستافان دي مستورا ممثل الأمين العام، على هذا العرض الفارغ من المضمون. إذ كيف يعقل قبول المغرب والأمم المتحدة بالعودة ثلاثين عاما إلى الوراء، وتجاوز القرارات الأممية الصادرة عن مجلس الأمن خلال العقدين الماضيين، والتي وضعت إطارا واضحا للحل يتجاهل تماما مسألة الاستفتاء كوسيلة لتقرير المصير في هذا النزاع المفتعل.

ويا ليته سكت عند هذا الحد، حيث أردف بيون بالقول: “إن الحل الوحيد هو الحل الديمقراطي المطابق للشرعية الدولية، الذي يعترف للشعب الصحراوي بحقه في تقرير المصير والاستقلال”، مكررا أن “الحل الوحيد الذي يحفظ ماء وجه الجميع لا غالب فيه ولا مغلوب، هو الحل الديمقراطي المطابق للشرعية الدولية التي تعترف للشعب الصحراوي بالحق فى تقرير المصير والاستقلال، ولا تعترف للمغرب بأية سيادة على الصحراء الغربية”. موقف لا نملك لتفسيره سوى أحد احتمالين: إما أن الرجل “أهبل” أو أنه “يستهبل” بلغة إخواننا المصريين، وربما نزيد احتمالا ثالثا نجده أقرب إلى المنطق، وهو أن الرجل “أهبل يحاول التذاكي”، أو أن ضابط المخابرات الجزائرية الذي كتب له كلمته هو من تنطبق عليه هذه التوصيفات!!

وبعيدا عن اللغو الذي تفوه به الشخص المذكور، فالرسالة الملكية كانت موجهة أصلا للمعنيين بالأمر، ونقصد السلطات الجزائرية، ولم تتطرق أصلا لعملائهم، وقد بدا واضحا، للمجتمع الدولي برمته أن الجزائر المخاطبة اختارت عدم الرد على اليد الممدودة، مكررة الكلام الذي ليس لدى أي طرف دولي معتبر الوقت حتى لمناقشته، والذي يصر على أن الجزائر ليست طرفا في هذا النزاع، وأنها تكتفي بتأييد حق الصحراويين في تقرير المصير، وهي الأسطوانة المشروخة التي مل الجميع من سماعها، ولم تعد تفيد النظام الجزائري في التنصل من مسؤوليته عن خلق هذا النزاع واستدامته.

وفي محاولة يائسة لإضفاء أهمية مزيفة على ما تفوه به مندوب الجزائر في البوليساريو، انبرى لتأييد هذا ” الهراء” عدد من “السياسيين” الجزائريين الحاضرين، من خلال التأكيد على “دعمهم لحل يقوم على إجراء استفتاء لتقرير المصير ونيل الاستقلال”. وفي هذا السياق، بلغ الكذب والتدليس الجزائري حد اعتبار المدعو صويلح بوجمعة، بصفته الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة، أن “منظمة الأمم مع الطرح الصحراوي المتمثل في الاستفتاء لنيل الاستقلال”!!، وهو الكلام الذي لا يستحق مجرد الرد أو التعليق. ولأن الجزائريين الحاضرين، كالعادة، ادمنوا الحديث مع أنفسهم خارج سياق الواقع المحلي والدولي، دعا متحدث أخر هو رئيس جبهة الجزائر الجديدة، المدعو أحمد بن عبد السلام، إلى ”تمسك الشعب الصحراوي بخيار الاستقلال و تجاوز كل محاولات تفكيك وحدة الشعب الصحراوي”، وكأن هذا الخيار مطروح أصلا على طاولة المفاوضات او أجندة المجتمع الدولي.

إن إصرار النظام الجزائري على صم آذانه وإغلاق عينيه عن الواقع الجديد الذي أعقب تقديم المغرب لمقترح الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية تحت السيادة المغربية، تجعله غير آبه بالخسائر المترتبة على التمترس خلف هذا المنطق المتجاوز، لعلمه أنه لا توجد فرصة لهدم الواقع الذي بناه المغرب منذ قرابة عشرين عاما، ويحظى بأغلبية ساحقة على صعيد الأمم المتحدة، دولا وهيئات. كما يؤكد هذا السلوك -لمن لا يزال بحجة لدليل- على ان النظام الجزائري الفاقد للمشروعية الداخلية، وللوزن الدولي، قد أصبح متجاوزا بطريقة تستعصي على الإصلاح، وإنه لم يترك خيارا للمنتظم الدولي سوى فرض ما يراه حلا مناسبا لهذا النزاع المفتعل، دون انتظار عودة عسكر الجزائر إلى رشدهم، وذلك باعتماد الحكم الذاتي وسيلة معتبرة لتقرير المصير، انخرط فيها غالبية الصحراويين المغاربة بملء إرادتهم، وأصبحوا -على غرار باقي أشقائهم المغاربة في الجهات الأخرى- يمتلكون زمام أمور تنميتهم، في تناغم تام مع ولاة أمورهم، بعد أن اختبروا صدق وجدية الجهود التي تبذلها سلطاتهم من أجل الارتقاء بواقعهم، وتحسين مستوى عيشهم، وهو الامر غير المتوفر في أي ولاية جزائرية، ناهيك عن مخيمات العار في تندوف.

عموما، فنافذة الفرص التي منحتها الأمم المتحدة ممثلة في مجلس الامن على وشك أن تغلق، والمحطة المقبلة لنقاش القضية في المجلس ستكون كالعادة في أكتوبر، أي بعد أقل من شهرين، وسنرى ساعتها ماذا ستتفتق عنه عبقرية صانع القرار في الجزائر، عندما تصدر القرارات الحاسمة في هذا الملف بالإجماع، غير أبهة بحضور أو انسحاب مندوب الجزائر من الجلسة.؛ وما أكتوبر عنا ببعيد!!

اقرأ أيضا

الطاقة الكهربائية في المغرب

تقرير.. المغرب ضمن 3 دول تتزعم سعة طاقة الرياح قيد التشغيل في أفريقيا

أفادت بيانات منصة غلوبال إنرجي مونيتور بتزعم 3 دول، ضمنها المغرب، سعة طاقة الرياح قيد التشغيل في أفريقيا. وأوضح التقرير، الذي تداولت مضامينه، منصة "الطاقة" المتخصصة (مقرها واشنطن)- أن 3 دول فقط تستأثر بأكثر من 70% من إجمالي سعة طاقة الرياح قيد التشغيل

قبل “الكان”.. صراع أوروبي محتدم لضم النصيري بالانتقالات الشتوية

ترغب العديد من الأندية الأوروبية في التعاقد مع هداف المنتخب الوطني وفنربخشة التركي يوسف النصيري، …

00

المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن أسماء الفائزين بجوائز “ورشات الأطلس” في نسختها الثامنة

أعلن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، يوم أمس الخميس بالمدينة الحمراء، عن المتوجين برسم الدورة السابعة …