أدانت أكثر من 30 منظمة غير حكومية وشخصيات حقوقية استخدام السلطات الجزائرية لميثاق السلم والمصالحة الوطنية كوسيلة لتكريس الإفلات من العقاب تجاه حالات الاختفاء القسري.
وبين عامي 1992 و1998، وجد الجزائريون أنفسهم عالقين وسط صراع دموي بين الجماعات الإسلامية وسلطات الدولة، مما أدى، من بين مختلف انتهاكات حقوق الإنسان، إلى ممارسة الاختفاء القسري بشكل منهجي.
وحتى الآن، حددت منظمات المجتمع المدني الجزائرية والدولية ما بين 10.000 إلى 20.000 حالة اختفاء قسري، تتعلق معظمها بالاعتقال والاحتجاز التعسفيين، المصحوب بأعمال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والعنف الجنسي والإعدام خارج نطاق القضاء.
وحيال ذلك، ذكر بيان للموقعين، نشرته منظمة (مينا) غير الحكومية المتمركزة بجنيف، أنه بينما يدين القانون الدولي الاختفاء القسري بوصفه جريمة ضد الإنسانية عندما يمارس بشكل منهجي وعلى نطاق واسع، كما كان الحال خلال التسعينيات، فإن رد الدولة الجزائرية منذ نهاية الحرب الأهلية يعكس إصرارها على التستر على جرائم الماضي في ما يسمى بأجندة المصالحة والوحدة الوطنية، التي توفر الحصانة القضائية لجميع مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الجزائر.
وشددت المنظمات الموقعة على أن هذا التوجه يتعارض تماما مع التزامات الجزائر بموجب القانون الدولي، إذ وفقا للجنة المعنية بحقوق الإنسان، لا تستطيع الدول الأطراف إعفاء مرتكبي جرائم الاختفاء القسري من مسؤوليتهم الشخصية من خلال اعتماد قوانين العفو.
وقالت إن الترسانة القانونية التي وضعتها الدولة الجزائرية حرمت أقارب ضحايا الاختفاء القسري من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور الجزائري والمعاهدات الدولية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ولاحظت أن الميثاق يكرس ظاهرة الإفلات من العقاب من خلال نظام التعويضات، الذي يتطلب من عائلات الضحايا تقديم شهادة وفاة وهو شرط “غير إنساني”، مذكرة بأن لجنة مناهضة التعذيب تقر بأن إخضاع التعويض لإصدار حكم بالوفاة قد “يمثل شكلا من أشكال المعاملة اللا إنسانية والمهينة”.
وأورد البيان أن الأسر التي ترفض الامتثال لهذا الإجراء تتعرض للمضايقات من قبل السلطات، مشيرا إلى أن التعويض نفسه لا يحقق جبر الضرر الكامل، إذ لا يسبقه أي تحقيق لمعرفة مصير الشخص المختفي.
وبمقتضى الميثاق، يقول البيان، يتم إعلان عدم قبول أي شكوى مقدمة ضد موظفي الدولة بسبب الاختفاء القسري، ويجبر الصحفيون على ممارسة الرقابة الذاتية، وكثيرا ما تتعرض تجمعات العائلات والمدافعين عن حقوق الإنسان لتنظيم مكافحة الإفلات من العقاب للقمع العنيف.
وأكدت المنظمات في توصياتها بهذا الشأن التمسك بالبحث عن الحقيقة من خلال تحقيقات كاملة ونزيهة حول حالات الاختفاء القسري، داعية السلطات العامة المختصة إلى استخدام كافة الوسائل الفنية والقانونية لتحديد أماكن المقابر الجماعية والمقابر المجهولة والتعرف على الجثامين وتوضيح الظروف التي دفنت فيها.
وتشمل هذه التحقيقات الأرشيفات ذات الصلة وجمع شهادات الأجهزة الأمنية والعاملين في مجال الصحة والمحاكم. كما طالبت الدولة الجزائرية باحترام وحماية حريات الرأي والتعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي لأولئك الذين يطالبون بالحقيقة والعدالة فيما يتعلق بحالات الاختفاء القسري.
وتتم عمليات الاختفاء القسري بطريقة خارج نطاق القضاء، مما يجعل الضحايا عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان خارج حماية القانون.
إن العائلات الجزائرية التي كانت ولا تزال تنتظر معلومات عن مصير أبنائها، هي أيضًا ضحايا للتعذيب المطول.
وفي حين أن الاختفاء القسري يدينه القانون الدولي ويشكل جريمة ضد الإنسانية عندما يمارس بشكل منهجي وعلى نطاق واسع، كما كان الحال خلال التسعينيات، فإن رد الدولة الجزائرية منذ نهاية الحرب الأهلية يعكس إصرارها على التستر على جرائم الماضي في ما يسمى بأجندة المصالحة والوحدة الوطنية. وتضمن هذه العملية الحصانة القضائية لجميع مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الجزائر.
وحتى يومنا هذا، حرمت الترسانة القانونية التي وضعتها الدولة الجزائرية أقارب ضحايا الاختفاء القسري من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور الجزائري والمعاهدات الدولية.