غليان في مخيمات تيندوف وأوسرد.. والبوليساريو تواجه سيناريو انتفاضة 1988

بعد سلسلة احتجاجات لم تتوقف منذ سنوات، تتسارع الأحداث وتتصاعد منبئة بتكرار سيناريو انتفاضة 1988 في مخيمات احتجاز الصحراويين المغاربة في تيندوف، بشكل أعنف وأكثر حدة هذه المرة، نظرا لكون الصحراويين المغاربة لم يعودوا يستطيعون تحمل الانتهاكات الجسيمة لأبسط حقوقهم كبشر. فبعد الحرمان من حق التنقل الحر والتواصل الإنساني مع عائلاتهم في وطنهم الأم المغرب، وبعد احتكار جبهة البوليساريو الحديث باسمهم دون إقامة أي وزن لأبسط معايير حرية التعبير، وبعد أن مارست قيادة هذه الجبهة التي يتمسك قياديوها بمقاعدهم منذ ما يقرب من أربعة عقود أبشع الممارسات الإجرامية بفصل الأبناء عن عائلاتهم وإرسالهم إلى كوبا بحجة تعلم مبادئ الاشتراكية، مع علم الجميع بأنها وسيلة مكشوفة لاحتجاز الأهالي الذين يغامرون بفقدان حقهم برؤية أبنائهم مدى الحياة إن هم التحقوا بأرض الوطن، وبعد أن رفضت الجزائر وبإصرار دخول بعثات الأمم المتحدة المختلفة لاسيما المفوضية العليا لشؤون اللاجئين من أجل إحصاء اللاجئين المحتجزين في مخيمات تيندوف والحمادة وتحديد عددهم بدقة، وتشخيص أوضاعهم الإنسانية، وبالتالي معرفة مصير المساعدات الإنسانية التي تجمع باسمهم في مختلف الدول الأوروبية، وبعد انكشاف حقيقة تجارة البوليساريو بالبشر من خلال استمرار اعتمادهم لمفاهيم الاسترقاق والعبودية بوثائق رسمية، ناهيك عن علاقاتهم الموثقة بعصابات التهريب المنظمة للمخدرات والرقيق الأبيض، ناهيك عن الجماعات الإرهابية التي تنشط في الصحراء الكبرى، يبدو أن الكيل قد فاض أخيرا بأحرار الصحراويين المغاربة في مخيمات “العار”، والشباب منهم على وجه الخصوص، وبدأو حركة احتجاج تجاهد القيادة المتنفذة في البوليساريو من أجل قمعها بالاستعانة بالأجهزة الأمنية الجزائرية، والتغطية على الجرائم المرتكبة في قمعها، في زمن عز فيه تكميم الأفواه وحجب الحقيقة عما يجري في أي ركن في العالم.

النقطة التي أفاضت الكأس، والتي وثقتها صرخات استغاثة وصلت أصداؤها إلى موقعنا “مشاهد”، تتحدث عن “تجارة صريحة بأعراض الصحراويات”، بعد أن قامت البوليساريو، وباعتراف رئيسها محمد عبد العزيز باختطاف وتهريب فتاة تدعى محجوبة محمد حمدي الداف مساء الثلاثاء 28 أكتوبر من أمام منزلها بعد أن أعيتهم المحاولة في إقناع والدها الحقيقي بالسماح لها بالسفر معهم طوعا إلى إسبانيا. ومعلوم أن مغادرة المخيمات إلى الجزائر العاصمة التي تبعد قرابة 2000 كيلومتر من أجل السفر لأي بلد في العالم تحتاج إذنا خاصا من السلطات الأمنية الجزائرية لا يمنح إلا لمن ترضى عنه قيادة البوليساريو.

31782 arton28225

وكانت محجوبة إبنة ال 23 ربيعا قد أرسلت إلى إسبانيا ووضعت لدى عائلة إسبانية بالتبني، وفصلت عن  والديها مثل الآلاف من الأطفال الصحراويين، وهو ما أدى لنيلها الجنسية الإسبانية عام 2012. ومع تكرار زيارة المخيمات بين فترة وأخرى، تفتح وعيها على واقع المعاناة التي يعيشها الصحراويون المحتجزون في المخيمات، والمآسي التي يعيشها الأبناء الذين تم ترحيلهم إلى كوبا وإسبانيا وغيرها من الدول، بدأت في النشاط داخل إسبانيا وبريطانيا التي انضمت إلى أحد المنظمات الحقوقية البريطانية. نشاط حدا بالبوليساريو إلى منعها من مغادرة المخيمات التي كانت تزورها خلال الصيف الماضي إلى أن بدأت الضغوطات تتزايد على القيادة المتنفذة في البوليساريو وعرابتها الجزائرية. وكما حرمت من حقها في العيش الطبيعي بين والديها، حرمت من حقها في حرية الحركة والتنقل ما بين أهلها الطبيعيين وعملها وحياتها الدراسية، لدرجة دفعتهم إلى احتجازها، واختطافها وتسليمها للسفارة الإسبانية عندما لم يستطيعو مقاومة الضغط.

هذا التواطؤ في تهريب محجوبة ونقلها إلى الجزائر العاصمة وتسليمها للسفارة الإسبانية، أعاد إثارة قضية احتجاز الصحراويين للواجهة، ومنعهم من حرية التنقل إلى أي مكان بالعالم بداية بوطنهم الأم المغرب، حيث لم يعد ممكنا لشباب المخيمات احتماله، فبدأت الاحتجاجات على إثر الحادث أمام مقر محمد عبد العزيز في الرابوني، الذي خرج أمام المتظاهرين لتبرير فعلته بعذر أقبح من الجرم نفسه، بأن اعتبر أن محجوبة “كانت مطلوبة للسلطات الإسبانية، وأنه أمام رفض والدها تسليمها، و “الضغوطات” التي تعرض لها من قبل المنظمات الأوروبية، اضطر “لاختطاف الشابة محجوبة وتسليمها للسفارة الإسبانية بالجزائر العاصمة”. عذر أشعل فتيل أزمة تدحرجت ككرة الثلج، إذ انضمت للتظاهرات أمام مقره أعداد متزايدة من المتظاهرين الصحراويين، لجأت قوات الدرك في الجبهة إلى محاولة تفريقها بالقوة موقعة العشرات من الإصابات متفاوتة الخطورة، ناهيك عن اعتقال العشرات تم تأكيد أسماء 50 معتقلا منهم.

4147691-62967671347147696134633671455

احتجاجات واعتصامات بدأت في الأول من نوفمبر وما تزال مستمرة حتى الساعة، في الوقت الذي ترفض قيادة البوليساريو تسليم المعتقلين لذويهم حتى لا تتكشف حقيقة التعذيب الذي تعرضوا له داخل المعتقلات، وهو ما حرك جهودا تضامنية متزايدة داخل المخيمات، وفي أوساط ذويهم في أرض الوطن وتحديدا في مدن العيون والسمارة، فيما ينبئ بتحويل هذه الاحتجاجات إلى “انتفاضة” عارمة تتجاوز في عنفها تلك التي حدثت عام 1988 وتم قمعها بشراسة. ومما يؤكد هذا المنحى أنضمام مواطني مخيم أوسرد إليها، وقيامهم بتحطيم السيارات التابعة للبوليساريو وتخريب مقر ولاية أوسرد، مما اضطر قيادة الجبهة لدفع قوات أمنية متزايدة إلى مخيمات أوسرد في مسعى لتطويق الأحداث ومنع تفاقمها أكثر. جهد يائس ووجه ببدء التنسيق بين جميع ضحايا الانتهاكات السابقة لجبهة البوليساريو، الذين دعو لتظاهرات حاشدة أمام مقر رئاسة البوليساريو في الرابوني.

180375522013-4bdfa180375.png178891155555178891.png

أحداث متسارعة تنبئ بأن الشرارة قد أشعلت، وأن ساعة الحقيقة قد دقت، لتعلن أفول نجم عصابة قامت على مصادرة أحلام الصحراويين المغاربة المختطفين منذ أربعة عقود بمساعدة القوات الامنية الجزائرية، كورقة مساومة للمغرب على الجزء الشرقي للصحراء المغربية التي اقتطعها المستعمر الفرنسي ومنحها للجزائر، ولمنع إقفال ملف لا يسمم علاقات الجوار والدم بين الأشقاء المغاربة والجزائريين فحسب، ولكن يمنع قيام جسور متينة بين أبناء مغرب عربي واحد يحتاج للتكتل من أجل التطلع إلى مستقبل أفضل.

اقرأ أيضا

الداخلة.. البحرية الملكية تقدم المساعدة لـ 85 مرشحا للهجرة غير الشرعية

متابعة قدمت دورية في أعالي البحار تابعة للبحرية الملكية، اليوم الخميس، على بعد 380 كيلومترا …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *