هل تحتاج ليبيا فعلا إلى عملية عسكرية دولية من أجل القضاء على الخطر الإرهابي المحدق؟ هذا ما يبدو أن بعض الأوساط الغربية، خصوصا في فرنسا، تعتقد أن البلاد التي غرقت في مستنقع من العنف منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في حاجة إليه.
حديث الأميرال إدوارد كيو قبل أيام عن هذه الإمكانية أثار حفيظة سلطات البلاد التي ولربما رأت في المسألة انتهاكا لسيادة البلاد قائلة أنها تفضل الاكتفاء بتلقي دعم خارجي على شكل تدريب لجيشها الوطني، مع العلم أن سلطة القانون والمؤسسات على المحك بسبب عدم قدرة الأخيرة على ضبط الميليشيات والقبائل المسلحة.
وبالرغم من أن الليبيين يرفضون ما يعتبرون تضخيما من قبائل وسائل والدوائر الغربية للوضع الأمني في البلاد، إلا أنه لا يمكن تجاهل وجود حالة حقيقية من الانفلات الأمني من أبرز مظاهرها رفض الكتائب التخلي عن سلاحها، وقيامها في عدة مناسبات بمحاصرة مؤسسات عمومية واعتقال عدد من الموالين للنظام السابق وقتل عدد من المواطنين الذين طالبوا بخروجها من طرابلس وبنغازي، فضلا عن الاغتيالات التي طالت صحفيين ومسؤولين في الدولة.
“ليبيا تشكل تحديا من الدرجة الأولى”، يقول وزير الدفاع الفرنسي جون إيفل ودريان في كلمة أمام مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية بواشنطن، ويضيف أن الوضع في البلاد سيفرض على الدول الغربية “مساعدة جيرانها لتجنيبهم الفوضى الليبية”.
في مقال لها بموقع مجلة “لوبوان” الفرنسية، كتبت ميريل دوتيل عن ما وصفته بتزايد حضور العناصر الجهادية القادمة من شمال مالي، قائلة أن قطع الطريق أمام الإرهاب الموجود في منطقة أدرار إيفوغاس أو بالنيجر لن يتم إلا بفصله عن امتداده في الجنوب الليبي.
دوتيل قالت إن الجنوب الليبي تسيطر عليه مجموعات صغيرة خارج سيطرة السلطة المركزية في طرابلس، وحيث يتمركز قادة تنظيم القاعدة الذين فروا من العملية العسكرية الفرنسية في مالي.
الكاتبة الفرنسية جزمت بأن أحد أخطر قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مختار بلمختار يتواجد حاليا بجنوب ليبيا، وأن المنطقة شكلت محطة عبور للعناصر الجهادية التي نفذت عملية احتجاز الرهائن بالمحطة النفظية “عين أميناس” بالجزائر.
مختار بلمختار، تضيف دوتيل، نسج شبكة من العلاقات في ليبيا مع رفاقه القدامى من الجهاديين الذين حاربوا معه في أفغانستان أو في مناطق أخرى في التسعينات. واليوم، تضيف الكاتبة، يجوب هؤلاء الجنوب الليبي بكل حرية دون أن يقلق راحتهم أحد، كما أنهم يتوفرون على مخيم للتدريب ويطورون مهاراتهم.
التنظيم الثاني الذي يشكل بدوره خطرا محدقا، والمرتبط بدوره بتنظيم القاعدة، تقول الكاتبة الفرنسية، هو تنظيم أنصار الشريعة المتواجد بدرنة قرب بنغازي. هؤلاء يحاولون ربط الاتصال بعناصر جهادية أخرى في واحات الجنوب، ويعقدون تحالفات مع بعض الميليشيات المكونة من أبناء قبائل عربية، كقبيلة أولاد سليمان التي ينحدر منها رئيس الوزراء علي زيدان، علما أن هاته الميليشيات سبق أن دخلت في اقتتال مع قبائل التبو.
قبائل التبو هاته، تقول الكاتبة، ترى أن لدى الحكومة المركزية إرادة لإقصائها بحسب ما نقلته عن أحد قادتها وهو عيسى عبد المجيد منصور، والذي يعتبر أن أفراد تنظيم أنصار الشريعة قدموا إلى منطقتهم الجنوبية طمعا في الاستحواذ على موارد النفط التي تزخر بها.
أما في شرق ليبيا، فقد استطاع الإسلاميون قبل خمسة أشهر السيطرة على بعض آبار النفط، تضيف ميريل دوتيل، مما يضيع على الدولة (أو القليل الموجود منها)، كما تقول الكاتبة الفرنسية ساخرة، عائدات مهمة من الذهب الأسود.