دعا المشاركون في ندوة نظمها، اليوم الخميس بالرباط، المعهد الديمقراطي الوطني حول “الإصلاحات الانتخابية بالمغرب:تجارب مقارنة”، إلى إصلاح النظام الانتخابي للمغرب من أجل تنظيم انتخابات أكثر شفافية وبنسبة مشاركة أكبر.
وركز المشاركون على ضرورة تفعيل مقتضيات الدستور الجديد في أفق إجراء الانتخابات المحلية التي يرتقب أن تجري خلال السنة المقبلة، خاصة تلك المرتبطة بإشراك النساء وتحقيق مبدأ المناصفة، وتعزيز دور المجتمع المدني، خاصة في مجال مراقبة وملاحظة الانتخابات، مؤكدين أهمية الدور الذي يضطلع به الإعلام في إنجاح العملية الانتخابية.
وقالت نائبة رئيس مجلس النواب، السيدة أمينة بوهدود، في كلمة بالمناسبة، إن المغرب راكم تجربة مهمة يمكن اعتمادها كنموذج في مجال تنظيم الانتخابات في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، مبرزة أنه حقق تقدما إيجابيا على مستوى مؤشرات الشفافية وتعزيز دور المجتمع المدني، وترسيخ مأسسة ملاحظة الانتخابات.
وأَضافت السيدة بوهدود أن الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2015 ستشكل مرحلة أساسية لتطوير الإطار القانوني والمؤسساتي والسياسي، على اعتبار التحولات والمتغيرات الجديدة التي تعرفها بنية المجتمع المغربي على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وأيضا على مستوى الوعي السياسي للمواطنين.
واعتبرت أن مسألة مشاركة المواطنين في الاستحقاقات الانتخابية تبقى أمرا في غاية الأهمية، يحتاج للدراسة والتمحيص، مؤكدة على ضرورة البحث عن السبل الكفيلة بالرفع من نسبة المشاركة في الانتخابات، ابتداء من التسجيل في اللوائح الانتخابية إلى المشاركة في الانتخابات، بهدف تثبيت أسس المسار الديمقراطي وترسيخ دولة المؤسسات.
وأكدت أنه على الرغم من كون مشاركة النساء في الانتخابات تجد أساسها في الدستور وفي المواثيق والاتفاقيات الدولية، التي تقوم على مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، فإن واقع الممارسة الدولية يبرز أن حضور المرأة في مراكز القرارات الاستراتيجية يظل محدودا، ولا يعكس كفاءتها وإمكانياتها وحضورها في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ومن جهته، ذكر رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان السيد ادريس اليزمي بأن المغرب كرس تقليد ملاحظة الانتخابات من خلال إشراف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سابقا على ملاحظة الانتخابات التشريعية التي جرت سنة 2007 و 2009، كما أعد إجراءات خاصة لاعتماد الملاحظين تم تقنينها لاحقا بموجب قانون يحدد شروط وأنماط الملاحظة النزيهة والمستقلة للانتخابات.
وأشار إلى أنه تم في سياق هذا المسلسل الاعتراف قانونيا بصلاحية المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مجال ملاحظة الانتخابات وتنسيق اعتماد الملاحظين.
واقترح السيد اليزمي أن يتمحور إصلاح التشريع الانتخابي حول ثلاث تحديات يهم الأول توسيع حق التصويت ليشمل بعض الفئات التي يصعب عليها ممارسة هذا الحق من قبيل الرحل ونزلاء السجون والحاصلين على الجنسية المغربية الذين لا يتمتعون بحق التصويت إلا بعد مرور خمس سنوات، مشيرا في هذا الصدد إلى محدودية تقنية تفويض التصويت بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، وبالتالي ضرورة التفكير في بدائل أخرى من قبيل التصويت الإلكتروني.
ويهم التحدي الثاني، التقطيع الانتخابي ورهانات التمثيلية العادلة للهيئة الناخبة، فيما يتمثل التحدي الثالث، حسب السيد اليزمي، في تفعيل مبدأ المناصفة.
ومن جانبه، أكد سفير الولايات المتحدة في المغرب السيد دوايت بوش أن الانتخابات مسار ينطلق قبل عملية التصويت، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تعمل على بناء أنظمة انتخابية قوية وعلى أن تتسم العملية الانتخابية ككل بالنزاهة والشفافية.
وركز السيد بوش على ضرورة اضطلاع كل من الإعلام والمجتمع المدني بدوره الهام في المسار الانتخابي والمضي في الإصلاحات الانتخابية المنبثقة عن الدستور الجديد، معتبرا أن المساواة بين الجنسين وشفافية الانتخابات عنصران مهمان جدا في العملية ككل.
وأشار إلى أن المغرب عمل على تعزيز المساواة بين الجنسين وحقق تقدما كبيرا في هذا المجال على صعيد المنطقة العربية، وذلك بفضل مجتمعه المدني والشراكة التي يقيمها مع الولايات المتحدة في إطار تعاون شفاف.
وبدورها، أكدت الكاتبة العامة للفدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان، السيدة أمينة بوعياش، أن الانتخابات تعتبر مؤشرا لقياس تطور الديمقراطية وعلاقتها بحقوق الإنسان، موضحة أن الانتخابات الشفافة والنزيهة تساهم في بناء مؤسسات ديمقراطية.
وأوضحت أن الانشغالات المطروحة خلال الاستحقاقات المقبلة تهم على الخصوص تحقيق مبدأ المناصفة وولوج المعلومات، إضافة إلى مبدأ المشاركة التي تشكل، حسب السيدة بوعياش، “الحلقة الضعيفة” في مسار الانتخابات المغربية.
وتناقش هذه الندوة التي تمتد على مدى يومين إدارة الانتخابات، والرفع من مشاركة النساء في العملية الانتخابية، ودور المجتمع المدني في ملاحظة الانتخابات ومراقبتها، ودور الإعلام في الانتخابات.