سربت بعض العناصر الإسلامية المتشددة في ليبيا بعد ابتعادها عن المسرح السياسي الأيام الماضية معلومات خطيرة حول ما جرى في ليبيا عام 2011، وعللت موقفها هذا بأنها اكتشفت أن الأهداف التي أعلنت عنها ثورة فبراير لم تكن هي الأهداف الرئيسية، وإنما كانت بقصد تهييج الشارع الليبي ليساهم في إسقاط النظام، ولإعطاء مبررات أخلاقية للتدخل الدولي بحجة حماية المدنيين ونشر الديمقراطية وإسقاط الدكتاتورية.
المزيد: ليبيا.. الوفاق أو الطوفان
أوضحت هذه المصادر، التي رفضت البوح بأسمائها، أنه كان هناك اتفاق دولي شمل الاتحاد الروسي يتعلق بالسماح لكل المتشددين الإسلاميين في العالم بالتواجد في دولة شرق أوسطية بقصد منع الإرهاب الإسلامي من الانتشار عالميا، ومحاولة احتواء الفكر المتطرف بقصد ترويضه، وإذا لم يتم ذلك تتم إبادة معتنقيه بعملية عسكرية دولية، وكانت هذه الخطة استكمالا للخطة الأميركية القديمة المسماة “عش الدبور”.
حسب المعلومات المسربة من تلك العناصر المنشقة أخذت هذه الخطة أكثر من 3 سنوات من الجدل، وكانت روسيا متحفظة عليها ولكنها كانت مجبرة لمواجهة تنامي تهديد الإسلاميين، خاصة في الشيشان والقوقاز، كما أن عقدة أفغانستان وكيف فككت الاتحاد السوفييتي قد تتكرر لتفكيك روسيا نفسها.
كانت هناك خلافات حول تحديد البلد الذي يجب أن يشكل مكانا آمنا لهؤلاء المتشددين ويسمح لهم فيه بتطبيق رؤيتهم في الحكم، وكانت هناك عدة دول مطروحة مثل السودان واليمن وليبيا ومالي. وقد كانت الدول الغربية وقطر والسعودية تتبنى إسقاط القذافي ومنح ليبيا للإسلاميين، في حين كانت روسيا مترددة لأنها تعرف أن سقوط القذافي أمر ليس سهلا، كما أن مصر وتونس وبعض الدول الأفريقية ستقف مع ليبيا.
المزيد: برلسكوني يمدح القذافي بعدما ساهم في إسقاط نظامه
في بداية 2010 ثم الاتفاق على اختيار ليبيا، أو البلد المشاغب كما يشير الاتفاق، ووضعت مقدمات للخطة شملت تكليف قطر بإبرام اتفاق مع المتشددين الليبيين وتجهيز المتشددين الإسلاميين الأجانب وإعطائهم تدريبات عسكرية متقدمة للدفع بهم إلى ليبيا قبل بدء العملية، كما تضمنت الخطة مفاتحة عناصر داخل النظام لتزويدهم بمعلومات عن الوضع في الداخل والانشقاق عنه في الوقت الذي سيحدد لهم، كما ثم الاتفاق مع مندوب ليبيا في الأمم المتحدة على طلب التدخل خلال الأسبوع الأول من انطلاق خطة “الدروب المفتوحة”، وكان دور روسيا مخادعة القذافي وتطمينه بأنه لا يوجد تدخل عسكري حتى لا يسرع في تطويق التمرد المدعوم دوليا.
وكانت المهمة العسكرية قد أوكلت إلى حلف شمال الأطلسي على أن تمول قطر عملية فجر أوديسا العسكرية وتقدم دول عربية وتركيا مساعدات لوجستية وعمليات التضليل الإعلامي واستخدام الدين لتبرير هجوم الناتو الجوي ووصفه بحلف الفضول ووصف الطائرات الأطلسية بطيور الأبابيل.
تضمنت الخطة مفاتحة النظام المصري والتونسي بالخطة، وفوجئ المشرفون على الخطة برفض الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، والرئيس المصري حسني مبارك لهذه الخطة وتهديدهم بالتدخل لصالح ليبيا، وهنا تقرر إسقاط النظاميْن قبل البدء في التنفيذ، وبعد أن أسُقط بن علي ومبارك ثم قتل القذافي والبدء في تأسيس جزيرة الموت، حدث ما لم يكن متوقعا حسبما أفادت هذه العناصر النافذة في التنظيمات الإسلامية في ليبيا وهذا ما سيتم تناوله في ملحق آخر.
*كاتب ليبي/”العرب”