انخفاض أسعار النفط أصاب السلطة بالرعب الأكيد، فأصيبت السلطة بجلطة أخطر من جلطة الرئيس، وباتت السلطة مشلولة الحركة على الفراغ السلطوي الذي بات واضحا للعيان!
لكن في الأشهر الأخيرة ظهر في البلاد ما هو أخطر من الفراغ في رئاسة الجمهورية بسبب المرض، وظهر ما هو أخطر من تراجع أسعار النفط على استقرار وأمن البلاد. إنه تزايد ظاهرة الإرهاب.
المزيد: الجزائر وبقايا الإرهاب
الأكيد أن ما يقوم به الجيش ضد الإرهاب مسألة هامة وحيوية.. لكن تحليل المعلومات التي يقدمها الجيش من حين لآخر حول عملياته ضد الإرهاب يصيب الجزائريين بالرعب الحقيقي من تعاظم ظاهرة الإرهاب مؤخرا. فالثالوث المخيف هو: الفراغ السلطوي وانخفاض البترول والإرهاب.
المزيد: سياسيون ووزراء سابقون يناقشون وضع “الجزائر ما بعد البترول”
أولا: الملاحظ أن انتشار الظاهرة عبر التراب الوطني، من الصحراء إلى عين الدفلى إلى منطقة القبائل إلى الشمال القسنطيني إلى منطقة الأوراس يثير قلقا كبيرا في الرأي العام، لأن الجيش الوطني الشعبي سيواجه إرهابا مزروعا على مساحات واسعة في بلد مساحته قارة. وهذا بالتأكيد يثير مصاعب إضافية لمهمة الجيش.
ثانيا: الأعداد التي يعلنها الجيش من حين لآخر في الحديث عن معركته مع الإرهاب هي الأخرى تثير التساؤل والخوف الأكيد.. ففي عملية عين الدفلى قيل إن الإرهابيين هاجموا وحدة الجيش بأعداد لا تقل عن 25 فردا إرهابيا. وفي عملية سكيكدة قالوا أيضا إن الإرهابيين الذين اشتبكوا مع وحدة الجيش لا يقل عددهم عن (30 أو 40) عنصرا.
وعندما يصبح الإرهابيون يتحركون في الجبال بمثل هذا العدد فإن الأمر لا يتعلق بمواجهة وحدات الجيش لإرهاب محدود يتصف بالبقايا التي يمكن أن نتعايش معها!
ثالثا: ظاهرة الانتشار الإرهابي عبر الوطن وظاهرة الأعداد الكبيرة التي يتحرك بها الإرهابيون، يتطلب من الجيش أن يعيد النظر في طرائق مواجهة هذه الظاهرة قبل أن تتفاقم وتصبح عصية على المعالجة من طرف الجيش!
الأكيد أن الإرهاب بمثل هذه المواصفات هو أخطر من الفراغ في السلطة وأخطر من تدهور أسعار النفط. وهذا بالضبط ما يدعو الجيش إلى معالجة الإرهاب بمقاربة أخرى غير التي تجرى بها عمليات مكافحة الإرهاب الآن. لابد من البحث عن طريقة أخرى لحمل الشعب على أخذ مسألة أمنه بيده، فالأمر خطير ولا يمكن أن ننتظر حتى يحدث في المجال الأمني ما حدث في المجال السياسي والاقتصادي من كوارث!
*صحفي جزائري/”الخبر”