من الفروق بين «القاعدة» و«داعش» هو في طريقة انضمام الفرد القاعدي للتنظيم وطريقة انضمام الفرد الداعشي.
مع «القاعدة» كان الأمر يقتضي من الراغب في الالتحاق بالقاعدة أن يكون الشخص منخرطا من الأساس في العائلة الصحوية الدينية، بعبارة أخرى أن يكون مؤسسا لفترة من الوقت على أدبيات الجماعات الدينية، وهذا يعني عدة سنوات، ثم يتطور معه الأمر من الاكتفاء بمهمة الدعوة إلى «الجهاد».
بينما الأمر مع «داعش» أسهل، وأخطر، فمن الممكن للفرد المنضم لـ«داعش» أن يكون قبل أسابيع أو حتى أيام معدودة، لا علاقة له بكل هذه الجماعات، شابا عاديا، من مشجعي ريال مدريد أو برشلونة، ومن هواة نجوم البوب. غير مرصود من الأجهزة الأمنية، لتفاجأ به السلطات الأمنية مفجرا أو مطلقا للنيران، دون سابق إنذار أو دون وجود الوقت الكافي للأمن من أجل اكتشاف نشاط هذا الفرد الداعشي، خصوصًا على شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت.
معنا مثلا التونسي سيف الدين الزرقي، المجرم الذي نفذ مجزرة الشاطئ بسوسة، والمجرم الآخر، السعودي فهد القباع، الذي نفذ جريمة مسجد الصادق بالكويت.
وزير الدولة بوزارة الداخلية التونسية، رفيق الشلي، قال إن منفذ هجوم سوسة هو شاب من ولاية القيروان طالب بالجامعة، و«ليست لديه أية سوابق».
الداخلية السعودية قالت في بيانها حول منفذ انتحارية مسجد الصادق فهد القباع، إنه من مواليد 1992. وإنه «لم يسبق للجهات الأمنية التعامل معه في أي نشاطات ذات صلة بالإرهاب». ولم تُسجل له سفرات سابقة.
هذا الأمر يعني أن هناك خطرا من نوع خفي ومباغت يوجب على كل المعنيين، من الجهات الحكومية والأهلية، ومن كل دول العالم، وليس الدول المسلمة فقط، وضع إجراءات جديدة لمباغتة القاتل الداعشي قبل أن يتحرك على الأرض.
لكن كيف يتسنى القيام بذلك، وهؤلاء القتلة خارج الرادار الأمني؟
قد يصلح القول إنه يمكن ذلك من خلال تقسيم القتلة المحتملين لصنفين، المرصود أمنيا، والمختفي عن الرصد، بالنسبة للفئة الأولى، فإنه يجب تكثيف الرصد والمحاصرة والتقييد، والصنف الثاني قد يصلح تصميم «مفاتيح كلمات» بحثية لرصد الأدبيات الداعشية والقاعدية على الإنترنت، لقرع جرس الإنذار مبكرا، والأهم عدم التهاون مع من يساندون «داعش» و«القاعدة» و«النصرة» في نشاطاتهم وكلماتهم العلنية، وأن يكون هذا النشاط موضع محاسبة. هذا لا يعني القضاء على التمدد الداعشي القاعدي، وثقافة القتل والتكفير، ولكنه يعني الرد بسرعة وحزم، تفرضهما سرعة وخطورة المرحلة الحالية.
«داعش» خطر على الكل، في العالم أجمع، وهو من الأسباب النادرة لتوحد السياسات العالمية، وجريمة تحدث في الكويت أو السعودية، تجد لها تشعبات بالبلدين ويقبض على متورطين من الجانبين، كما حصل مؤخرا في التنسيق السعودي الكويتي حول جرائم تفجير المساجد هنا وهناك. كل يوم يمر دون محاصرة الثقافة التي أخرجت «داعش» والقاعدة، يعني الإسراع نحو الفناء.
*كاتب صحفي/”الشرق الأوسط”