بقلم: محمد بن امحمد العلوي
منذ العام 1999 وعلى مدى 15 عاما، وضع المغرب سياسة منهجية محكمة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع المستثمر المحلي للاستثمار في جميع القطاعات الاقتصادية.
وقدمت الدولة حزمة واسعة من الحوافز للاستثمار في القطاعات الصناعية من تسهيلات ضريبية وجمركية وعقارية للمستثمرين، إضافة إلى تدريب الأيدي العاملة.
وكان الهدف الأساسي تحسين مستوى تنافسية الاقتصاد المغربي، بتطوير قاعدة الصناعات الاستراتيجية على رأسها السيارات والطائرات والنسيج والتكنولوجيات الحديثة والبيتروكيماويات والأدوية.
وقد وفر ذلك مناخا استثماريا فريدا ضاعف من فرص نجاح المستثمرين وقلص هامش المخاطرة، ليصبح المغرب قبلة للمستثمرين بسبب المزايا الضريبية والبنية التحتية المتطورة، والاقتصاد المتنامي.
ويحقق المغرب للمستثمر الأجنبي إمكانية الاستثمار بالعملات الأجنبية، في ظل تشريعات تسمح بتحويل الأرباح دون قيود إلى أي نظام مصرفي يختارونه.
ولا يخضع المستثمر الأجنبي للازدواج الضريبي في ما يتعلق بضريبة الدخل، ويتمتع بمزايا نظام مصرفي متطور وسهولة إنشاء شركة وإدارتها، إضافة إلى الاستثمار بالعملات الأجنبية دون موافقة مسبقة من مكتب الصرف المغربي.
وأدت تلك المزايا إلى تعزيز القدرة التنافسية للشركات الصناعية العاملة في المغرب، إلى جانب الفرص التي تقدمها اتفاقيات التبادل الحر التي تربط المغرب بنحو 55 بلدا في أنحاء العالم.
كما يقدم المغرب تسهيلات أخرى تسمح للمستثمر الأجنبي بإنشاء مشروعه دون الحاجة إلى الاعتماد على شريك محلي، كما هو الحال في بلدان أخرى مثل الجزائر. وقد جعل ذلك من المناخ الاستثماري مشابها للأنظمة في الدول المتقدمة مثل ألمانيا من حيث درجة شفافية المعاملات وحماية المستثمرين.
كل ذلك جعل الدول والشركات الكبرى تتسابق للاستثمار في المغرب، بسبب المزايا الإضافية التي تشمل كونه بوابة لا غنى عنها لدخول الأسواق الأفريقية.
وبدأ المغرب يجني ثمار إصلاحاته الاستثنائية، فبعد أن اختارت شركة رينو الفرنسية مدينة طنجة لتشييد أكبر مصنع لها خارج أوروبا، بطاقة إنتاجية تبلغ نحو 400 ألف سيارة سنويا، وقعت مجموعة بيجو سيتروين على اتفاقية مع الحكومة المغربية لإنشاء مجمع صناعي بإقليم القنيطرة غرب المملكة المغربية.
وبحسب كارلوس تافاريس المدير التنفيذي في مجموعة بيجو سيتروين، فإن قرار إنشاء المصنع الذي سيبدأ الإنتاج عام 2019، جاء لعدة اعتبارات، بينها البنية التحتية وتوفر الكفاءات المهنية والطاقة الاستيعابية اللوجيستية، إضافة إلى اهتمام المغرب بالمشروع وتلاقي المصالح المشتركة بين الشركة والدولة المغربية.
وسيوفر المصنع عددا كبيرا من فرص العمل، ويصبح منصة متقدمة لتسويق وتصنيع السيارات بالمنطقة، وهو ثمرة لاستقرار المغرب السياسي والاجتماعي، ويؤكد أن المغرب قطع مسافات طويلة في إنجاز المشاريع الكبرى والمتوسطة.
ويجمع المراقبون على أن المغرب يوفر بيئة عمل أفضل بكثير من معظم دول المنطقة، مثل الجزائر، التي تحاول مجاراة المغرب في استقطاب الاستثمارات الكبرى دون امتلاكها للمقومات التي تشجع المستثمر الأجنبي على الاستقرار والاستثمار بحرية واطمئنان.
ونظرا لأهمية مصنع سيارات بيجو للاقتصاد المغربي، والأهمية الكبرى التي يوليها المغرب لتنمية قطاع السيارات، فقد ترأس الملك محمد السادس يوم الأربعاء الماضي جلسة عمل خصصت لتقديم ودراسة مخطط العمل المتعلق بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة لإنشاء مصنع بيجو سيتروين.
تلك الجلسة التي حضرها رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران، إلى جانب عدد من الوزراء والمسؤولين الكبار، جاءت لتترجم الإرادة الملكية في جعل هذا المشروع أرضية هامة لخلق الثروة ومحركا لسوق العمل وقطبا اقتصاديا أساسيا لتنمية المنطقة وينعكس على مجمل الاقتصاد المغربي.
ويراهن المغرب على جذب الاستثمارات الأجنبية لتوفير فرص العمل وتعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي وتطوير البنية التحتية وتقوية الاقتصاد الوطني.
وتشير أحدث الإحصاءات من مكتب الصرف المغربي، إلى ارتفاع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المغرب بنسبة 12.2 بالمئة، خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، بمقارنة سنوية لتصل إلى أكثر من 891 مليون دولار.
“العرب”