بقلم: فاروق جويدة
كانت القبيلة ومازالت من اهم مقومات المجتمع العربى ورغم كل مظاهر التقدم الحضارى فى الشخصية العربية بقيت القبيلة تمثل ركنا اساسيا فى مكونات العالم العربى ولا شك ان اهمية القبيلة تكتسب مكانتها حسب الظروف التاريخية والجغرافية وفى بعض الدول تأتى فى مقدمة الأولويات .. فهى القاضى والحاكم وصاحب السلطة ومصدر الحماية.
وحين اجتمع رؤساء وزعماء القبائل الليبية فى القاهرة فقد كان ذلك اختبارا صعبا لمدى جدية وتماسك المجتمع الليبى .. ان الكثير من قبائل ليبيا ينقسمون بين ليبيا ومصر خاصة “أولاد على” وفى صعيد مصر قبائل امتدت إلى جنوب ليبيا .. وفى تقديرى ان اجتماع القاهرة بين القبائل الليبية أهم من كل الاجتماعات التى عقدها السياسيون حول الأزمة الليبية .. وهناك أسباب كثيرة وراء ذلك أهمها ان زعماء القبائل يمثلون مناطق جغرافية فى ليبيا وهى مساحات من الاراضى أصبحت ملكا لكل قبيلة يضاف لذلك ان هذه القبائل تعرف بعضها اسما اسما وهناك معاهدات واتفاقيات بينها سلما وحربا ولا تستطيع قبيلة ان تعتدى على حقوق قبيلة اخرى..
وأمام الأوضاع السيئة فى ليبيا فإن زعماء هذه القبائل قادرون على مواجهة الموقف بقدر كبير من الحسم .. ان الأزمة الحقيقية التى يمكن ان تواجه زعماء القبائل الآن هى مشكلة الأجيال الجديدة التى وقعت فريسة أفكار غريبة وشاذة واندفعت إلى طريق الإرهاب وبجانب هذا فإن 30 مليون قطعة سلاح تسربت إلى الاراضى الليبية تمثل ايضا كارثة اخرى .. وبعد ذلك وقبله فإن مناطق الغاز والبترول تمثل منطقة خلاف بين جميع القبائل، وهذه القضية تحتاج إلى وحدة الشعب الليبى فى ظل حكومة تحمى ثروات هذا الشعب وتصون حقوق الانسان الليبى بعيدا عن قبيلته ونسبه .. ان اجتماع القبائل الليبية فى القاهرة يمثل تحولا كبيرا فى مسيرة الاحداث الى وصلت بالوطن الليبى إلى حالته الآن وينبغى ان يكون هذا الاجتماع بداية جديدة لكى تعود ليبيا وطنا آمنا مستقرا لكل ابنائه . ان الشىء المؤكد ان نجاح تجربة القاهرة يمكن ان يترك اثرا فى دول اخرى تعانى نفس الظروف.
*”الأهرام”