أثار التعديل الحكومي الأخير، ضجة وضجيجا عند البعض، فيما مرّ مرور الكرام بالنسبة للبعض الآخر، بينما نشر الذعر واليأس والحزن في بيوت كانت تنتظر “التليفون” قصد الالتحاق بحكومة سلال الرابعة! لعلّ ما اصطلح عليه إعلاميا ودبلوماسيا بـ”وزارة الخارجية برأسين”، كان من بين أهم التعديلات التي أثارت القيل والقال وصنعت الإشاعة والبلبلة، ولا يُستبعد أنها أخلطت أوراق حتى “وزيري القطاع”!
لقد جاء البيان الثاني لرئاسة الجمهورية، من أجل وضع النقاط على الحروف الغامضة وغير المقروءة، أو التي قرأها البعض “بالخطأ” أو بطريقة صحيحة، فتم وفق “التصحيح الرئاسي” توضيح منصب “وزيري الخارجية”، وتحديد مهامهما وصلاحياتهما وحدود وظائفهما مستقبلا!
الحقيقة أن المثل القائل: “الباخرة التي يقودها قبطانان تغرق”، قد لا يصلح في كلّ الحالات، فقد تكون هذه “الازدواجية” مفتاحا للنجاة في حال الطوارئ أو المفاجآت غير السّارة، مثل ما قد يكون مفتاحا للنزاعات والحساسيات وإطلاق النيران الصديقة إمّا بشكل مباشر ومفضوح وإمّا عن طريق التحريك بالإيعاز والمهماز الغمّاز!
قد يكون من مسببّات النجاح، تكريس “روح المجموعة” في التسيير والتدبير، ففريق كرة قدم، لا يُمكنه أن يسجّل أهدافا ما لم يعتمد أساسا على الدفاع والهجوم وحراسة المرمى، وما لم يملك مدرّبا ماهرا وفريقا تقنيا محترفا وإدارة مهنية، دون تناسي طبعا “كرسي الاحتياط” وأيضا الجمهور!
عندما يكون الفوز فرديا والنجاح نجاح أفراد وليس مجموعات، قد ينفع، لكنه يبقى انتصارا “شخصانيا” قد يستحوذ فيه الفرد المنتصر على “النصر” وإن كان من حقه طالما هو محققه، ولا يحقّ لأي كان السطو عليه، لكنه قد يصبح ضارّا إذا تمّ “تأميم” عائدات هذا الفوز ومنع المجموعة من الاستفادة منها!
إن التفكير الجماعي الصائب والمهني والأخلاقي هو صانع المعجزات والتحديات، وهو موحّد الأفكار وصاقل الذهنيات، ولا أعتقد أن أيّ فرد مهما كانت قدراته وطاقاته وكفاءاته وخبرته ونجاحاته، بإمكانه أن يعمل وحده، دون إشراك المجموعة التي تحيط به وتقاسمه أهدافه!
عندما تلتقي الآراء وتتحاور الألسن، حتى وإن كانت متناقضة ومتخالفة ومتصارعة، فإنها ستخلق “روح المجموعة” التي لا تقتل مبادرة الفرد، وتعبّد الطريق للنجاح الذي يفقد طعمه إن لم يتذوّقه “التخمان” قبل الجوعان.. وفي فنّ التذوّق وصناعة الإبداع والاختراع فليتنافس المتنافسون!
*كاتب صحفي/ “الخبر” الجزائرية