رئيس “حنون” على “بركات”

اتسع صدر السلطة محتضنا غضب حركة ”بركات”. وزاد  الرئيس من سلطات حنانه، ليغمر شعبه بمتعة رابعة. وكان بمنزلة الأب الحنون على أبنائه. يتدخل كلما سمع بتوقيف متظاهر لم يرق له أن يبقى ”أب الجزائر” يعمل لساعات طويلة، وهو فيما عليه من المعاناة مع المرض.. في المقابل، غضب كثيرا من محيطه الذي يتحدث باسمه ونيابة عنه. تساءل كيف وصلت بهم الجرأة ليوزعوا بيانات عن صحته. هم يعلمون بأنني لا أستطيع لا الكلام بشكل مسموع، ولا أن أقف على قدمي، مصطنعا لنفسي خطوات تستغلها الكاميرا، تمديدا وتمطيطا، لتجعل من الخطوة مسيرة.. هذا من الخيال. الحقيقة عندما تقرر السلطة انتخابات، تفتح بويبات تنفذ منها المعارضة المؤيدة. وتسد باقي المنافذ، ليسهل عليها اتهام المتسربين بزرع الفوضى والفتنة والإخلال بالنظام العام.
لا تتنافى لغة تعبير ”حركة بركات” مع الديمقراطية. هو رأي يعارض قرار غلق المنافسة وانزعاج السلطة من رد فعل الشارع واضح. هي من يتحكم في الساحات وفي الشارع وفي القاعات. تمنعها إلا على نفسها. وتدفع بالغاضبين إلى الشوارع والساحات، لتستقبلهم بقوات الأمن، بدعوى الحفاظ على الأمن. الأمر سيكون أكثر بساطة لو تفتح مجال لقاء جزائريين مسالمين. لكنها تعرف حقيقة رأي الشارع.
نعرف بأن استمرار النظام هو مسألة حيوية للبعض. لقد جرّب الرئيس الحكم، مرة ومرتين، ثم ثلاث، ليقرر الرابعة. ليكن  له ذلك. فما يمنعه من إشراف محايد على الانتخابات، وما يمنعه من تسليم القائمة الوطنية للناخبين؟ هي نفس الحكاية تتكرر مع كل انتخابات.. حديث عن تجاوزات وعن تزوير، من غير سند مادي. فكيف يتم إثبات تجاوزات التوقيع على استمارات لمترشح رغم علم حنون وبن فليس بوقوع أشياء في بعض البلديات لا تشرّف المستفيد منها؟
نحن في وضعية يصعب فيها إثبات التجاوزات. فالقانون لا يتحدث عن تسليم القائمة الوطنية، بل البلدية. ويغلق عضوية لجنة الإشراف على العملية الانتخابية، مبقيا مفاتيح خزنتها وقراراتها بين أيدي من يعين أعضاءها. عمليا لا يمكن لأحد معرفة ما إذا قام أحدهم باستغلال اسمه وتوقيعه لملء استمارة في بلدية ما. وهو ما يفتح أبواب أمام المحظوظين لجمع توقيعات بالملايين. لكنها ملايين من غير رصيد.. كالشيكات من غير رصيد. وقياسا بالتجارب الانتخابية السابقة، تعد القوائم الانتخابية مجموعة أسماء، تمثل أرقاما، يتم تحويلها إلى نسب مئوية، لتضخيم نتيجة هزيلة. فمن يتحكم في القوائم يتحكم بمخارجها.. يتحكم في النتيجة، وفي أدلة التجاوزات. فماذا يبقى للتعليمات الموضوعية ولقرارات النزاهة؟ بقي الريح على ما يبدو. فالمؤسسات منغمسة في التأييد. ولم تعد الكاميرات تحرج البرلمان وهو يبدي ولاء التأييد تصفيقا وزغردة. قد تكون هي المرة الأولى التي لا يلق مرشح السلطة إجماعا حوله. لكن الأسباب لا تعود للتشبع بالقيم الديمقراطية. بل هي تعبيرا عن صراعات مواقع. وفي لغة العسكريين، هي عبارة عن معارك تكتيكية وليست حربا من داخل النظام على النظام. وسلبية التطاحن عندما يتجاوز حائط الصمت أنه يخلف فوضى اجتماعية توفر أسباب تقديم الكل أمني على الحل السياسي المبني على التشاور الحقيقي.
“الخبر” الجزائرية

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *