في السياسة قد يفرقنا الكثير أو القليل، فنحن نختلف في المواقف وطريقة النظر والاولويات والاتجاهات والتفضيلات، بل وربما في المشروع، فإن كنا نؤمن أن مشروعنا الحضاري للأمة والوطني، مشروعنا الثوري البنائي هو المشروع الذي سيزيل الاحتلال ويحرر الأمة فإن الآخر المختلف في الوطن قد يكون لديه مشروع آخر.
أنا لا أمانع أن تختلف معي أبدا، بل أن في “اختلاف أمتى رحمة” فهو هنا مانع للاستبداد وحافظ للتعددية، ومدعاة للحوار والتقارب لا للاحتراب والتجاذب.
في المواقف السياسية نختلف في حركة فتح مع “حماس” وغيرها، ففيها الغث والسمين والباطل والمحق، وفيها مشروع تعبوي إقصائي لا نقره مطلقا، وفيها دعوات استعلائية تتبرأ من المخالف وتضعه في خندق المواجهة.
حيث تتناثر على ألسنة العديد من متحدثيها عبارات العلو والغلو والخيلاء والاستعلاء على الناس في مقابل الشتائم والطعن واللعن والاتهام في مستويات لا تجوز مع مراهق سياسي … ولكن. (أنظر تصريحات مشير المصري والأشقر البردويل ويحيى موسى وحماد…الخ بالأمس القريب : “حماس” معجزة الله في الأرض، وهي قدر الله في أرضه…الخ، مقابل نتعامل مع عباس مثلما تعامل النبي مع منافقي المدينة، وشتائم (العبث) الى (الوهم) الى (التواطؤ) الى (استجداء العدو) الى (المذلة والمهانة) بالنص الى (الخنوع) الى العمالة والخيانة والتكفير).
ولكن –رغم ذلك-في “حماس” أيضا منبر للعقل الواعي كما هو الحال في أي تنظيم أوجماعة أو مؤسسة ما نتمنى أن يسود فيها، وأن ينظر هذا العقل لغيره نظرة احترام بفعل غير عنيف و بلسان غير بذئ، وأن ينظر له نظرة الشريك وأن اختلف معه، وهو حق .
في “حماس” الكثير مما نختلف معه سواء في أساليب استدعاء الدين واستخدامه كمطية لها لتركب به رقاب الناس أو في أسرها قطاع غزة لأهداف لا نقرها … الخ من الاختلافات ومع كل هذا نقول … لا.
نقول لا كبيرة، لا نقبل أن توسم (حماس) بانها تنظيم إرهابي أبدا بكل بساطة لأنها ليست كذلك، رغم أفعالها الشنيعة في انقلابها على غزة عام 2007 ورغم كل ما تفعله في القطاع وبحركة فتح وكوادرها حتى الآن، ورغم شتائمها التي لا تنتهي … نقول لا، فحماس ليست ارهابية.
إن عقلية القلة المتميزة عمن سواها، وعقلية الهيمنة والتسلح بالدين للطغيان والاستبداد على الناس كثيرا ما تشكل فعل الغرور والاستعلاء والخيلاء الفاسد لدى التنظيمات التي تفترض بفكرها القداسة فلا ترى الحق أو الصواب إلا بذاتها ما هو مخالف قطعا للدين والثقافة والسياسية والفكر وهو ما واجهناه من عديد التنظيمات الفكرانية (الايديولوجية) فيما سبق كحركة فتح، وما الحل معهم برأيي إلا بأدب الحوار وتقبل الآخر والتسامح والشراكة.
حماس تنظيم فلسطيني كما هو الحال مع “الجهاد” و”الشعبية” وحركة “فتح” وغيرها، وهو تنظيم فلسطيني بمجمله مقاوم ان شاء الله، في هذه نتفق.
نعم لا نقبل أن توصم حماس أو أي فصيل فلسطيني -نتفق معه أو نختلف سياسيا- بأنه تنظيم إرهابي، أقال ذلك قريب أو بعيد، ونحن من يقلع شوكه بيديه لا سوانا.
* مفكر وكاتب وأديب