الآن تبدأ صفحة جديدة في تونس… ونتائج الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية، تنبئ بمسؤوليات جسام، أمامك، يا رئيس الجمهورية المنتخب..
والشعب ينتخبك بأكثر من 55 بالمائة، أعطى لمنافسك أكثر من 40 بالمائة وهذا يعني أن الاستحقاقات التي لك عند هؤلاء التونسيين تعدّ ذات أولوية في برنامج عملك وعمل الحكومة..
الشباب الذي بدا عازفا عزوفا ملحوظا عن التوجه الى صناديق الاقتراع، نجده قد بعث لك برسالة، مفادها أنك مطالب السيد الرئيس بأن تتوجه اليهم.. تنزل بينهم تسمع شواغلهم.. فتصوغ البرامج اللازمة التي يمكن ان تداوي جروحهم وخذلانهم من الثورة ومن منظومة 23 أكتوبر 2011..
الشباب التونسي هو المحرار.. وهو العمود الفقري للدولة لذلك فإن رسالته لك سيّد الرئيس واضحة: أنت الذي ستذهب اليه وتحلّ بين جموعه لتشركه في صياغة الحل ولتعطيه الصورة الحقيقية للديمقراطية وحرية الاختيار التي أتت بك الى دفّة الرئاسة والحكم بالطريقة الحرة والشفافة للانتخابات والاقتراع السرّي والمباشر.
أهلنا في سيدي بوزيد، منبع شرارة الثورة التونسية بعثوا لك سيد الرئيس برسالة قوية مفادها أن عزوفهم عن الانتخابات، وممارسة حقهم وواجبهم الانتخابي، كانت نسبته متدنية الى درجة لافتة.. ومعنى الرسالة يقول إن كمّ الخذلان وفقدان الثقة في الشأن العام وفي نصيب سيدي بوزيد من التنمية قد تجاوز المعقول..
أهلنا في الجنوب، ممن صوّتوا لمنافسك أكثر منهم، نجدهم قد بعثوا لك بدورهم برسالة مفادها واضح… انك ستنصفهم… وستستمع اليهم بل إنك سوف تضع مع الحكومة برنامجا خاصا وسريعا لهذه الجهة التي قد يكون وجدت ضالتها في وعود لم ولن تأت، لكنها لم تجد سواها لتصديقها… لكنك سيد الرئيس إن اتجهت رأسا الى الجنوب تكذّب ما علق بك وبإمكانية ايجادك الحلول، مع الحكومة المنتخبة طبعا، لمناطقنا الجنوبية عبر برنامج واضح فيه التشغيل وفيه تيسير التجارة الحدودية وشفافيتها وإبعاد تهمة التهريب عن أهلنا المكابدين في التجارة من أجل الكسب والحياة الكريمة، فإنك تكون قد رأبت صدعا تونس في غنى عنه..
كل تونس من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب من أطراف الشرق الى أطراف الغرب، تنتظر منك سيد الرئيس، صياغة برنامج اقتصادي ومنوال تنمية تقدّه العقول والسواعد التونسية فتهيئه ثم يأتي التعاون الأجنبي شقيقا كان أو صديقا لأن تونس أنجزت كل هذا الذي أنجزته بفضل أبنائها وبناتها سواء كانوا ضمن أحزاب أو في منظمات المجتمع المدني قامت به من أجل أن تتباهى بنفسها.. وتبدو متناسقة صورتها مع مرآتها وليس من أجل أن تسوّق صورتها الى الخارج.
السيد الرئيس.. هذه انتظارات التونسيين وهم ينتظرون الردّ على الرسالة.
*باحثة في الإعلام والاتّصال والعلوم السّياسيّة/ ”الشروق” التونسية