لآمني بعض الاخوة وغمز آخرون من طرف خفي ،وهم يتساءلون عن اسباب استمراريتي في الكتابة عن سمات القائد العسكري الذي يفترض ان يكون وزيرا للدفاع العراقي.. وتاكيدي ان الاختيار يجب ان يقع على أُولي البأس والعزم والقيادة من ضباطنا الاشاوس ، لان هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق.. تتطلب قادة مهنيين ومحترفيين ، واعتبرت ان
الاختيار حينما يكون حصريا بالعسكر فسيكون بمثابة الرد الشامل على نكسة العاشر من حزيران.. وتداعياتها في الموصل وهزاتها الارتدادية هنا وهناك..
وجوابي للجميع ، إنه آن الاوان ان نعالج بحكمة تداعيات المرحلة السابقة وان لانكتفي بالوقوف متفرجين إزاء ما حدث ويحدث لان البلاد ستتهشم .. جراء العصبيات الطائفية التي سمحت لاقل من الفين من المقاتلين الاغراب والمستنسخين عقليا من الذين ضمتهم داعش باحتلال نصف مساحة العراق وان يسحقوا بالدعاية والاساليب البربرية اربع فرق عراقية..دون قتال..! وان يفرضوا قيودا على سكانها لاتنم للاسلام بصلة.. فمن اتى بهم؟
نعم كتبت وساظل اكتب ان المالكي هو احد هولاء ؟ المقصرين ويجب ان يخضع للمحاكمة ، فاِما تُبرأه او تدينه ، ولكن وبالمقابل ليس أن نفرد له مكانة استرضائية تضعه في موقع نائب لرئيس الجمهورية !! ، في وقت كان يجب ان يحاسب فيه على كل اخطائه التي قادت الى هذه الكارثة الوطنية وكوارث اخرى على الصُعد كافة ، لانها ازهقت ارواح عشرات الالوف من سكان العراق على مدى ثماني سنوات من حكمه ودمرت مابقي من تقاليد عسكرية وازاحت العقيدة القتالية وتميز حكمه بفشل واضح في امساكه من جانب واحد بالملف الامني بكامله .. وبالتالي فقد آن أوان حسابه ومحاسبة كل الشركاء واكتشاف اسباب وخبايا الهزيمة العسكرية المفتعلة ؟؟
ومن المؤكد ان الحديث عن الخيارات الوطنية في تسمية وزير للدفاع ، سيبقى معنا ظلها كمتلازمة تطل براسها كلما نعق غراب البين في اروقة البرلمان من الناعقين ، رافضا اختيار هذا المرشح أو ذاك لاسباب شخصية وكتلوية طائفية لاترتفع فوق جراحات الوطن.. وتذكيرا انه من قبلُ كانت قدمتْ العراقية تسع مرشحين لوزارة الدفاع قبل ان تنزع عنها ثوبها الوطني وتسير عارية مع الباحثين عن المغانم والوزارات السيادية ، فما اختار المالكي احد منهم، لانه كان مصمم على ان يجمع وقتها كل السلطات الامنية والسياسية بيده..
وحتى لا نقع ثانية في وحل ممارسات مخطئة ، اوصلتنا الى الطريق المظلم الذي نحن فيه الان …لابد ان تكون توصيفات الكتل السياسية وترشيحاتها لمنصب وزير الدفاع تنطلق من واقعية سياسية لمواصفات القائد العسكري الذي ستعول عليه الامة لقيادة جنودها وضباطها في معركة تحرير المدن العراقية .. بعيدا عن اي تدخل اجنبي على الارض .. ،لان اختيار وزير مدني لهذا الموقع قد لايصلح في هذه المرحلة التي تتطلب مجالدة وقيادة وادارة للمعارك وخبر الحروب ،لأن مجرد ومضة تراخ منه ، قد تؤدي الى مزيد من الانهيارات ..
ولطالما إن القائد العام الحالي قد حسم بقرار ناجز منه بالرفض مسالة استقدام قوات برية اجنبية الى العراق تحت ستار قتال داعش ،واعتبرها مسؤولية اهل الارض انفسهم ، ومعوِلا باِباء على قوات بلاده لدحرها ..فالواجب عليه يقتضي قبل اي واجب ان يعيد بنائها باسرع ما يمكن ولو اقتضى منه اعادة العمل بقانون الاحتياط كخطوة اولى واستدعاء الضباط والجنود كما تفعل الدول حينما يتعرض امنها القومي للخطر .. وليس باسلوب الهوسات العشائرية والطائفية..
لهذا اقول وساظل اقول :ان ..جيش العراق في اوضاعه هذه عدة وعتادا وتسليحا ،لم تهزمه داعش لقوتها وجسارتها ودمويتها ، بل هزمته ِقلةِ الغيرة !!والمهنية !! والهوسات الطائفية !! وعدم وجود عقيدة وقيادة عسكرية ؟؟ بالدرجة الاولى ..
وحينما عرًف القادة الستراتيجيون فن ادارة الحرب بانها خدعة ، لم يخطر على بالهم ان تكون خدعة مراهقين .. لا تنطلي حتى على ضباط جدد من خريجي آخر دورة عسكرية !! حتى يستأسد الفين من داعش على ثمانين الف من الجنود !!! لولا ان هناك حلقة عسكرية وامنية مفقودة وقف ورائها من وقف ..؟ وقادت دون قتال الى ما انطوى عليها اذلال اربع فرق واهانة جيش باكمله ..والتندر عليه بين جيوش العالم بعدما كان هذا الجيش مهابا من الاعداء والاصدقاء على حد سواء..؟
وفيما تدور الدوائر على الوطن بأعنف مشاهد الموت الموزع في كل مكان ولا زالت داعش تمسك بالارض , لا زال الناعقون يتحدثون عن المناورات والاحراجات والتهديدات الفارغة الجوفاء والسلال الفارغة في مؤتمراتهم , حتى أنكشف زيف المدافعين والمروجين والمخاتلين والمعممين .. وتلك ايام عصيبة ستنتظرنا إن لم نُحسن اختيار الوزير القائد .
*كاتب مستقل من العراق