ليبيا: عندما تحلق النسور

غزلان جنان
وجهات نظر
غزلان جنان25 أغسطس 2014آخر تحديث : منذ 10 سنوات
ليبيا: عندما تحلق النسور
ليبيا: عندما تحلق النسور
1f01710f32df2dc74ef1fc466f3c05d9 - مشاهد 24

ما يقرب من الأربعين يوما وسكان العاصمة يعيشون حياة صعبة وقاسية بفعل من أطلقوا على أنفسهم انهم ثوار ومن ان العاصمة لم تذق طعم الحرب، فالقتال من وجهة نظر المعتدين واجب شرعي على رأي المفتي الذي لم يستطع البقاء في مقر عمله بالعاصمة حيث الجماهير الغاضبة من فتاويه التي تدل على انه ليس أهلا لمنصب دار الافتاء، فغادر إلى بريطانيا، ربما لو ان ثاتشر على قيد الحياة لاتخذته مفتيا لبريطانيا.
أراد البعض احتلال العاصمة مع ذكرى معركة بدر فلم يفلحوا، ذكرى فتح مكة لم تسقط كما كانوا يتوهمون، فسكان العاصمة ليسوا كفار قريش، بل هم أناس متحضرون يعرفون جيدا قيمة الإنسان. يأخذ المهاجمون على سكان المدينة انهم، يحبون الحياة ولا يجيدون فنون القتال وأنهم لن يستطيعوا الصمود في وجه القوة المعتدية المجهزة بمختلف أنواع الأسلحة والتي يقودها مجرمو عديد المناطق الغربية، يجمعهم حب سفك الدماء والاستيلاء على كل ما يقع عليه بصرهم وتطاله أيديهم، من لم يهاجر ظل حبيس الحيطان ينتظر في كل لحظة مصيره .
لم تجد مناشدات الأهالي للمعتدين بالخروج من المدينة، كل يوم يمر تزداد قسوة البقاء، يريدونها خالية من السكان، الغريب في الأمر ان المدن التي طلبت بالأمس التدخل الدولي لحماية المدنيين ترفض اليوم دعوة مجلس النواب للأمم المتحدة للتدخل لحماية المدنيين، فهل سكان هذه المدن بشر وسكان العاصمة الذين يُقتلون اليوم من قبل أبناء المدن ذاتها ليسوا بشرا؟ وبعض المدن الاخرى رفضت التدخل لحماية المدنيين نكاية بسكان العاصمة.
تعددت الذرائع التي اتخذها المهاجمون، فتارة محاربة الأزلام ، وتارة انتقاما لزملائهم «انصار الشر» في بنغازي الذين يقصفهم الجيش الليبي بعد ان قتلوا من أفراده أعدادا لا بأس بها فكان لزاما عليه ان يدافع عن نفسه بدلا من الموت البطيء، وأخيرا وليس آخرا ان يسعوا لأن يكون للثوار مكان في العملية السياسية المقبلة. لقد حكم من يقولون عن أنفسهم بأنهم ثوار البلاد على مدى السنوات السابقة، فهل يريدون المزيد؟ ماذا قدموا للشعب؟
أما كان الأجدر بمن يدعون الثورية ان يشاركوا في الانتخابات الماضية ومن ثم تنتخبهم جماهيرهم في مجلس النواب ويكونون شركاء في المسؤولية وإصدار القرارات التي تهم البلد وتدفع به نحو الخروج من المحنة، أليست الانتخابات هي الوسيلة المثلى للديمقراطية التي يريدها الجميع وسفكت من اجلها الدماء؟
لقد تبين للجميع ان هؤلاء طلاب سلطة وجاه وسلطان وعباد كراس ليس إلا وما الديمقراطية إلا شعار اتخذوه مطية لحكم الشعب.
والآن حصحص الحق فلم تعد لهؤلاء الغلبة في مجلس النواب ومقر المجلس الجديد يحول دون استخدامهم للقوة التي استخدموها في السابق لتمرير قراراتهم الجائرة. ولئن كانوا يملكون من القوة ما يجعلهم يقتلون البشر ويهدمون المساكن ويعبثون بمقدرات الدولة والأملاك الخاصة، ويشردون الآلاف خارج الوطن، فان الله سلط عليهم من هم أقوى منهم، بل لا نشك يوما في ان هؤلاء كانوا صنيعة الاستعمار، ولكن المستعمر علمنا انه لا يتشبث بالعميل إذا تصرف ما يلحق الاذى بالسيد واغضب المجتمع الدولي،خاصة وان ما يحدث في منطقتنا هي بهدف الديمقراطية وحرية الرأي، بل ان الغرب أول من يساهم في إسقاطه. لم يحسموا الأمور لصالحهم رغم تفوقهم في العدد والعدة، ليست العبرة بكثرة العتاد بل العبرة في قدرة من يستخدمه وإيمانه بقضيته.
الطائرات التي قصفت صبيحة (18/08/2014) مواقع المهاجمين، بعد ان لم يمتثلوا لصوت العقل، ولم يأخذوا بالوساطات، أخرست أصوات مدافعهم،عندما تحلق النسور تفزع بقية الطيور وتحط في اقرب ملجأ، تسارع الكائنات الأخرى إلى الجحور خوفا ورهبا، لم ترهب المهاجمون قوة الخالق ووعيده لمن يظلم الآخرين،لكن أرهبهم من يملكون القوة الفاعلة التي تحاسب على عجل،هكذا حال الذين من لا ضمير لهم وتأخذهم العزة بما يملكون من قوة، فإذا بهم أقزام أمام آخرين. لقد بغى أبناؤنا علينا. فليذوقوا وبال أعمالهم. المجرمون يدركون جيدا ان أعمالهم الشنيعة فاقت كل تصور، وان ليس أمامهم إلا الانتحار لأن بقاءهم على قيد الحياة سيترتب عليه جرجرتهم مكبلين إلى العدالة لينالوا جزاءهم.
ايا تكن هوية الطائرات التي قصفت مواقع المجرمين ونتمنى ان تكون طائرات تتبع الجيش الليبي، فإنها لاقت ترحيبا واسعا لدى سكان العاصمة، وأقضت مضاجع المجرمين فجعلتهم يخرجون عن طورهم وتوعدونا باستخدام الطيران في تدمير العاصمة، ما يبرر مخاوف دول الجوار من ان دواعش ليبيا يملكون طائرات ويعدون لتنفيذ هجمات إرهابية بدول الجوار.
الغريب في الأمر ان أعضاء المجلس النيابي والحكومة المؤقتة ينظرون إلى ما يجري في العاصمة على انه اقتتال بين فصيلين خارجين عن الشرعية متناسين ان الذين يدافعون عن المدينة هم أفراد الجيش الليبي الذي يقع عليه شرعا وقانونا حماية الوطن والمواطن، في حين ان المهاجمين هم مجرمون بما تعنيه الكلمة من معنى،على المجلس ان يسارع بتشكيل مجلس عسكري لحماية الدولة والطلب إلى المجتمع الدولي بالتدخل العسكري لحماية المدنيين الذين يدفعون الثمن كل يوم، بينما النواب يجلسون في فندق سبع نجوم، الوضع في طرابلس لم يعد يحتمل ويجب وقف ما يجري من تدمير للعاصمة وتشريد لأهاليها بكل السبل بما فيها طلب التدخل العسكري فان لم يكن بموافقة دولية فلتكن من أي دولة لتضع حدا لمعاناة السكان، وإلا فارحلوا أيها النواب قبل ان ترتكبوا المزيد من الجرائم في حق الشعب الذي انتخبكم وتكونوا كأسلافكم، ربما الشعب اخطأ هذه المرة ايضا باختياركم.
“القدس العربي”

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق