أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه الاخير بمناسبة الذكرى ال 61 لثورة الملك والشعب على تكريس لغة اقتصادية واقعية ونهج اقتصادي وإستراتيجية جديدة نحو مناقشة الاوضاع الاقتصادية وطرح الاسئلة الجوهرية التي تمس في العمق المسالة الاقتصادية في المغرب ، وهذا يعتبر توجها جديدا من اعلى هرم في السلطة يطرح اسئلة جوهرية عميقة بهذه الحدة والجرأة.
فمواجهة النقائص والاختلالات في مجالات محاربة الفقر والتهميش في صفوف شرائح واسعة في المغرب والقضاء على الفوارق الاجتماعية وتوزيع الثروة العادل وطرح اسئلة الثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الحكامة الجيدة مع ما تقتضيه من اصلاحات تنموية ومؤسسية، كلها قضايا كانت تشغل هموم العاهل المغربي منذ كان وليا للعهد وأصبحت مادة رئيسة لجل خطبه عندما اصبح ملكا للبلاد.
فإذا كان خطاب عيد العرش الذي القاه الملك محمد السادس منذ نحو شهر اكد على الاستمرار في مواصلة النهوض باوراش التنمية والتحديث لتوفير ظروف العيش الكريم لجميع المغاربة وتكريس اسلوب جديد ومقاربة جديدة في تتبع المنجزات التنموية وقياسها لمعرفة اثارها المباشرة على المستهدفين من المستويات الاجتماعية كافة لاسيما الفئات المهمشة وطرح السؤال عن مصير الثروة ومن يستفيد منها، حيث دعا الملك الى المساهمة الجماعية في انتاجها واستغلال الراس المال البشري الغني الذي يتوفر عليه المغرب لاستفادة جميع المواطنين من ثروات بلادهم، فان الخطاب الثاني بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب يشكل امتداد للخطاب الاول خاصة عن سؤال الثروة.. اذ جدد العاهل المغربي تاكيده على الفوارق الاجتماعية التي يعاني منها المغرب، والدعوة الى ضرورة ارتقاء المغرب الى مصاف الدول الصاعدة او الناشئة مع التشديد على الخصوصية المغربية في هذا المجال.
وايضا التاكيد على جعل المغرب بلدا تنافسيا على المستوى العالمي.
فالمغرب بالنسبة للعاهل المغربي تمكن من ترسيخ مساره الديمقراطي وتوطيد دعائم نموذج تنموي مندمج ومستدام يقوم على المزاوجة بين المشاريع ألهيكلية والنهوض بالتنمية البشرية والمستدامة، وحقق نتائج ملموسة من خلال استراتيجيات تبناها، مثل مخطط المغرب الاخضر ومخطط الاقلاع الصناعي وتحسين مناخ الاعمال وإحداث قطاعات صناعية تنافسية وفي مجالات الطاقة الشمسية والمتجددة والريحية وغير ذلك….
وفي خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب ايضا شدد العاهل المغربي على ضرورة ان يسير المغرب بسرعة واحدة ومتوازنة وليس بسرعتين متفاوتتين، وهي الاغنياء الذين يستفيدون من ثمار النمو ويزدادون غنى، والفقراء وهم خارج مسار التنمية ويزدادون فقرا وما ينتج عن هذا التفاوت من اثار سلبية وخيمة على المجتمع.
ان المتتبع لمضامين الخطابات الملكية للعاهل المغربي في الاونة الاخيرة يلمس تبنيها مقاربة شمولية ممنهجة، تغطي جميع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يواجهها المغرب كما يلحظ اسلوب جديد في تكريس استخدام لغة واقعية لم يتم اعتيادها من قبل، لغة مبنية على اسس منهجية علمية واضحة تستند الى ارقام وبيانات احصائية ذات دقة وكفاءة عالية، كما ان هذه الخطابات وبهذه الحمولة المعرفية التي تتضمنها تؤكد الالمام العميق والإطلاع الكبير للعاهل المغربي على احدث التقارير الاقتصادية الموثوقة التي تمكنه من اتخاذ الخطوات النافذة لادارة الملفات وخصوصا الاقتصادية بشكل صحيح والنهوض باوراش التنمية في المغرب وفي والحداثة والتحديث.
*باحث من لبنان