يتواصل الجدل داخل التأسيسي حول فصول ومضامين قانون مكافحة الارهاب. ومع تواصله يطرح سؤال محوري مؤداه: لماذا رغم خطر الارهاب الداهم والأكيد يفشل نواب التأسيسي في توحيد الصف وتحقيق إجماع حول مسألة وطنية وأمنية في هذا الحجم وبهذه الخطورة؟
لنقل منذ البداية، إن الارهاب واحد.. والارهاب واضح. وجهه القبيح مكشوف.. أساليبه معروفة وأهدافه النهائية معلومة: الانقضاض على الدولة وفرض سلطان الجماعات المتشددة على الشعب كما يحدث في أماكن عدة انهارت فيها أو اهترأت مؤسسات الدولة… وأمكن للتكفيريين فيها الحصول على أكثر من موطئ قدم ليستحكموا على قواعد خلفية باتوا ينطلقون منها للزحف على المزيد من المدن والدول وتحقيق نتائج مثلما نشهد في الحالتين السورية والعراقية بالخصوص..
هذا الوضوح في الخطط والأهداف تدعمه امكانيات مادية رهيبة وأجهزة استخبارات دولية تسعى إلى تحقيق أجنداتها في منطقتنا العربية… وهو ما بات يوفّر لهذه الجماعات التي كانت مشتتة نائمة في البداية مجالا لتستيقظ من سباتها وتعلن عن نفسها.. بل وتفتك زمام المبادرة في أحيان كثيرة.. وقد بتنا نشهد هذا السيناريو في تونس منذ فترة وقد يكون الآتي أعظم اذا لم نسارع بإيجاد الحلول الكفيلة بتجفيف منابع التكفيريين واجهاض مخططاتهم المرعبة.
مقابل هذا الوضوح يبدو أن بعض النواب وبعض الكتل مازالوا يترددون في توصيف الداء ويتلكؤون بشأن وصفة الدواء.. كل ذلك بداعي خوف مزعوم على حقوق الانسان وهوس واضح من امكانية عودة الاستبداد متسربلا بمكافحة الارهاب. هذا كلام يحتمل بعض الصحة، لكن في ظروف أخرى وفي مناخات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية مغايرة.. هذه الضمانات يمكن ان يبحث عنها زمن استقرار المجتمع وعنفوان الدولة وتعافي مؤسساتها واحتكام الحياة السياسية لقواعد الديمقراطية الحقيقية وليس المغشوشة التي تضمن حقوق الجميع وتحدد واجبات كل طرف.
الآن مثلما يقول المثل الفرنسي (النار داخل البيت) وهو ما يفرض تغيير الأولويات ليصبح اطفاء الحريق وانقاذ البيت أولوية الأولويات قبل أن نفكر في طرق تقسيمه وتأثيثه ورسم قواعد العيش تحت سقفه.
وهذه التحديات يجب ان يعيها المترددون والمتلكئون وكل الذين يعيقون عن قصد وعن نية مبيتة او عن حسن نية وحرص مفرط على تأمين الحريات وتمرير قانون الارهاب. لأن الوقت يضغط وهو في صالح الجماعات التكفيرية التي تتصيد الفرصة لبث الفوضى.. ولأن كل يوم يمر يشتد فيه عود الارهاب أكثر واذا لم نسارع بكسره ما دام طريا غضّا فقد يستحيل كسره عندما يشتد ويزداد صلابة.
وقبل هذا وبعده تطل أسئلة في غاية البساطة : أية حقوق لمن يكدس السلاح لاستهداف الشعب؟ وأية حقوق لمن يقتل أبناء الشعب من عسكريين وأمنيين؟ وأية حقوق لمن لا يؤمن أصلا بالدولة الديمقراطية الحديثة وبمؤسساتها.. بل ويعدّها كفرا ومروقا عن الدين؟
أسئلة يفترض أن تستفز المترددين او المختفين خلف هاجس حماية الحقوق والحريات ليتّقوا في هذا الوطن وهذا الشعب.. قبل أن ينفجر بركان الارهاب فيأتي على الأخضر واليابس.
“الشروق” التونسية
اقرأ أيضا
حدث في 2024.. حكومة عزيز أخنوش في صيغة جديدة
من بين الأحداث السياسية البارزة بالمغرب والتي ميزت سنة 2024، إجراء تعديل حكومي همّ وزارات حيوية بالمملكة، ما من شأنه أن يضخ دماء جديدة في عمل الحكومة.
بمشاركة المغرب.. مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب يعقد اجتماعه بالرياض
شاركت المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني، اليوم الإثنين بالرياض، في أشغال …
مزور يعرض حصيلة دعم مشاريع الشباب وتنمية روح المقاولات
أعلن رياض مزور وزير الصناعة والتجارة، إطلاق مشاريع تهدف إلى تعزيز الإدماج الاقتصادي للشباب. وأبرز …