ليبيا دولة واحدة

عندما ظهرت فكرة إقامة دولة المملكة الليبية عام 1951م بنظام حكم فدرالي حتمته ظروف المرحلة في منتصف القرن العشرين، فقد كانت البلاد قد خرجت للتو من كونها ميدان لمعارك الحرب العالمية الثانية وخروج إيطاليا مهزومة فيها وباشر العالم المنتصر في تقسيم تركة واملاك الدولة الأيطالية.
وبالنظر إلى إن الحلفاء دخلوا من الجبهة الشرقية إلى أقليم برقة ونظرا للدور الذي قام به الجيش السنوسي بقيادة الأمير أدريس ووعود الأنجليز بمنح برقة استقلالها متى وضعت الحرب اوزارها وانتصر الحلفاء لذا فقد أوفت دول الحلفاء بوعدها وأعلنت إمارة برقة الدولة العربية الثامنة آنذاك وبقيادة الأمير أدريس السنوسي.
وفي حين أعلن استقلال برقة بقيت المناطق الغربية تحت سلطة الادارة الانجليزية والمناطق الجنوبية تحت سلطة الأدارة الفرنسية  وعند أعلان استقلال ليبيا أنظمت المناطق الجنوبية والغربية لأمارة برقة المستقلة وكان لازاما أن ينشاء نظاما فيدرالياً لاسباب إقتصادية حيث أن أقليم برقة كان غنياً بالموارد الاقتصادية المتوفرة آنذاك من قمح وشعير وأراضي خصبة للمراعي، وهو الأمر الذي جعل أعداد كبيرة من سكان المناطق الغربية والجنوبية تهاجر إلى أقليم برقة خلال سنتي 1947 و1948 م طلبا للرزق والمعيشة خاصة وأن الأقليمين الجنوبي والغربي كان يعانيان من الفقر والجفاف وسيطرة الأدارتين الانجليزية والفرنسية
وعمل المهاجرين في تجميع مخلفات الحرب العالمية الثانية خاصة في منطقة طبرق كما أشتغل بعضا منهم في التجارة والاعمال الزراعية والرعوية.
وقامت دولة المملكة على اتحاد فيدرالي يضم ثلاث ولايات في كل ولاية حكومة خاصة بالولاية وحكومة مركزية لعموم المملكة واستمر هذا النظام حتى عام 1963م عندما أعلن الغاء النظام الفيدرالي وإقامة المملكة الليبية بنظام الدولة البسيطة.
تتعالى الآن أصوات تنادي بالعودة إلى النظام الفيدرالي خاصة في المنطقة الشرقية من ليبيا مع إن الدولة الليبية استمرت موحدة طيلة خمسون عاماً وهذا الأمر متى تم وفقا لرغبات الأغلبية فمن المفترض عدم معارضته ولكن ليعرض على السكان في استفتاء على نظام الحكم الذي يرغبه الناس.
لكني هنا لابد لي من القول إن الاتحادات الفيدرالية تقوم على أسس اقتصادية وحاجة إقليم لأخر أما في التجربة الليبية وفي هذا الوقت ليس من المفيد المناداة بنظام فيدرالي نظراً لخصوصية المرحلة أولا ثم للتداخل الذي حدث خلال فترة الخمسين سنة الأخيرة التداخل في نسيج المجتمع الليبي الموحد والذي توحد في مواجهة قمع النظام وتوحد في إزاحة سلطة نظام جثم على صدور الليبيين جميعا وهمش وأقصى الليبيين جميعاً دون استثناء فقد عانى أهل الغرب مثلما كان عليه أهل الشرق والجنوب واكتوى بنار النظام كل سكان ليبيا.
والدعوة الآن لإقامة نظام الدولة البسيطة تقوم على أسس لا مركزية تتوزع فيها دوائر الدولة على كل الأقاليم وأن تتوزع ثروات البلاد بالتساوي على كل جهات الدولة دون تمييز أو تهميش أو إقصاء وأن ينظر إلى الجميع نظرة واحدة لا تختلف من مكان إلى آخر لنقيم معا دولة القانون والمؤسسات الدولة الليبية الحرة فنحن أبناء شعب واحد ودين واحد ولا خلاف بيننا.. ولن نعود للقيود.
“شبكة الأخبار الليبية”

اقرأ أيضا

السجن 50 عاماً لامرأة أجبرت أطفالها العيش مع جثة متحللة

قضت محكمة، أمس الثلاثاء، بسجن امرأة لمدة 50 عاماً لإجبار ثلاثة من أطفالها على العيش …

مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون لحماية التراث

تداول مجلس الحكومة وصادق على مشروع القانون رقم 33.22 يتعلق بحماية التراث، أخذاً بعين الاعتبار الملاحظات المثارة في شأنه بعد دراستها، قدمه محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل.

دراسة: معظم علاجات السرطان على “تيك توك” مزيفة

توصل بحث جديد من جامعة لندن إلى أن ما يصل إلى 81% من علاجات السرطان …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *