في غرب جبال الأنديز، التي تشكل أطول سلسلة جبال في العالم، والممتدة على طول الساحل الغربي لأميركا الجنوبية، يوجد نهر غريب لا يشبه، هو أيضاً، أي نهر آخر في أي بقعة من العالم.
فعلى طول يصل إلى مئة كيلومتر، يتدفق نهر “كانو كريستاليز”، أو “قوس قزح السائل”، في بعض أشهر السنة بألوان الربيع الخلابة، فيحول منطقة “ماكارينا” الكولومبية إلى جنة طبيعية يؤمها السياح من كل حدب وصوب، لرؤية حدث أشبه بالمعجزة، كان لفترة طويلة مجهولاً للعالم، وفق موقع “غدي نيوز”.
وحتى منتصف العقد الماضي، حولت العصابات الناشطة في بعض جبال وأودية كولومبيا، منطقة النهر إلى منطقة غير آمنة، وشبه ممنوعة على السكان.
أما اليوم، وبعدما تمكنت القوات الكولومبية من السيطرة على حوالي 30 كيلومتراً تحيط ببلدة لاماكارينا، التي تشكل المنفذ الوحيد إلى نهر “كانو كريستاليز”، أصبحت المنطقة مفتوحة للمواطنين والسياح.
وبالرغم من أن المنطقة التي تتجاوز المسافة الآمنة، لا تزال مصنفة “منطقة حمراء” من قبل الحكومة الكولومبية، أي لا يمكن ضمانة سلامة المارين بها، تصل يومياً الطائرات المحملة بالسياح من العاصمة بوغوتا إلى مطار ماكارينا، والهدف هو “نهر قوس قزح” الذي اكتشف حديثاً.
وبعدما تعبر البواخر لاماكارينا على مياه نهر غوايابيرو، يقضي السياح وقتاً طويلاً سيراً على الأقدام للوصول إلى النهر العجيب، بمساعدة شركات سياحية استفادت من حجم الأهمية التي أولتها وسائل الإعلام للنهر المتلألئ.
وإذ يعتقد البعض أن الألوان التي يكتسبها النهر، الذي يحمل أيضاً اسم “نهر الألوان الخمسة”، ناجمة عن الطحالب الموجودة فيه، يؤكد العلماء أن المسبب الوحيد لهذه الألوان هو نبتة مائية تدعى “ماكارينيا كلافيجيرا”، التي تتطلب ظروفاً مناخية محددة، منها مستوى محدد من ارتفاع الماء، ونسبة معينة من ضوء الشمس، لا يجوز نقصانها أو تجاوزها، لتعطي النهر ألوانه الزاهية.
وبالإمكان رؤية ألوان النهر الفاقعة من شهر حزيران (يونيو) إلى شهر كانون الأول (ديسمبر) من كل عام، أما باقي أشهر السنة، أي خلال موسم الجفاف، فتغلق المنطقة أمام السياح لإعطاء النظام الإيكولوجي استراحة المحارب.
وبالرغم من أن أغلب الألوان الطاغية على نهر “كانو كريستاليز” هي الأحمر، والأحمر الحاد، والداكن، والزهر الفاقع، بإمكان النبتة السحرية أيضاً أن تحول النهر إلى أخضر وأزرق وأصفر وبرتقالي.
وإذا كان نهر كولومبيا اكتسب شهرته بالنسبة إلى السياح حديثاً، غير أن سكان المنطقة لطالما سمعوا عنه منذ أجيال. حتى أن بعض المناطق المحيطة بالنهر، أصبح لها أسماء أطلقها عليها السكان المحليون نسبة إلى أحداث قاموا بها فيها، ومنها ما أصبح يعرف بـ “بيسينا كارول”، أو “مسبح كارول”، بعدما ارتأى رجل أن تنجب زوجته في حوض مائي متفرع من النهر، وأطلق على مولودته اسم كارول.