انطلقت في العاصمة الصينية بكين، الاحتفالات بمناسبة رأس السنة الصينية الجديدة أو عيد الربيع، حيث ودع الصينيون مع غروب الشمس العام القديم “عام الخروف”، معلنين ابتهاجهم باستقبال عام قمري جديد وهو “عام القرد” وهو العام التاسع تبعا للتقويم الصيني التقليدي.
وفي رأس السنة، تبلغ الاحتفالات بعيد الربيع ذروتها، حيث يقوم الشباب طوال الليل بإطلاق الصواريخ والألعاب النارية بالشوارع التي تم تزيينها منذ عدة أيام بالفوانيس الحمراء والأنوار، ليس فقط لإعلان فرحتهم بقدوم سنة جديدة، ولكن أيضا لطرد الأرواح الشريرة وأيضا لطرد “نيان” المعروف بأنه المسخ الشرير الذي يهاجم الناس خلال العيد لضمان أن تكون السنة خالية من الشرور.
كما يتجمع في رأس السنة الأهل والأصدقاء والأحباب مع بعضهم البعض حول المائدة لتناول طعام العشاء والسهر لأطول فترة من الليل حتى يكونوا في استقبال العام الجديد ليتمنوا لبعضهم البعض الصحة والسعادة.
وبالنسبة للصينيين، فإن الصلاة في أحد المعابد وتعليق الفوانيس ولصق قصاصات الورق حمراء اللون على النوافذ والأبواب من الأشياء التي يعتقد الكثيرون أنه من المهم القيام بها في بداية السنة الجديدة، وذلك لجلب البركة خلال العام.
وأما فيما يخص الأكلات التقليدية في العيد، فهناك “الجياوتسي” وهى نوع من المعجنات الصينية التي يتم حشوها باللحم والخضروات ، وأيضا السمك و”السبرنج رولز” وكعكات الأرز وكرات دقيق الأرز اللزج المحلاة.
ويعد عيد الربيع بالنسبة للصينيين فترة الاجازة الذهبية، حيث تعطل المدارس والمصالح الحكومية وتغلق أغلب أماكن العمل وحتى المحلات ومراكز التسوق لمدة أسبوع أو أكثر.
وهذا العيد هو النسخة الصينية لعيد الفطر وعيد الأضحى بالنسبة للعالم الإسلامي أو عيد الميلاد (الكريسماس) في الغرب، لهذا فهو يعد أهم حدث في السنة في نظر الصينيين،حيث يعود المسافرون الذين فرقتهم ظروف العمل أو ظروفهم الاجتماعية إلى مواطنهم، ليلتئم شمل العائلة ، لذلك تكون فترة ما قبل العيد وما بعدها والتي تمتد نحو الأربعين يوما، فترة الذروة للسفر في الصين حتى أن موسم السفر هذا يطلق عليه أكبر هجرة موسمية في تاريخ البشرية ، ويقال إن عدد المسافرين من الصينيين يبلغ خلال هذا العام أكثر من 2.91 مليار شخص، حيث يستخدمون جميع وسائل السفر للعودة إلى مسقط رؤسهم، لكى يستمتعوا بعطلتهم بصحبة الأهل والأصدقاء.
وبالنسبة لمواليد عام القرد فإنهم وحسب المعتقدات الصينية يتميزون بالمرح والذكاء والمكر والفضول، كما انهم اجتماعيون ومحبون للمغامرة ، ولكنهم أحيانا ما يكونوا مزعجين وغريبي الأطوار، وبالرغم من انهم طيبون وشرفاء إلا انهم سريعو الغضب، ويميلون للنظر إلى الآخرين بتعال ، كما أنهم أنانيون وشديدو الغيرة وشكاكون بطبعهم.
والشئ الغريب هو الاعتقاد السائد أن عام القرد 2016 سيجلب معه سوء الحظ لمواليد برج القرد، ولهذا فإن عليهم خلال رأس السنة ارتداء الملابس الحمراء اللون لحماية أنفسهم من سوء الحظ، ثم عليهم أن يحافظوا على صحتهم وعلى علاقتهم بمن يحبونهم، وكذا على مستقبلهم المهني واستثماراتهم خلال العام.
يذكر أن التقويم الصيني ينقسم إلى 12 عاما والتقويم يبدأ بعام الفأر، ثم الثور، يليه النمر والأرنب والتنين، ثم الثعبان والحصان والخروف، يليه القرد والديك ثم الكلب والخنزير.
والحقيقة أن الأبراج الصينية لا تعتمد فقط على علامة تاريخ الميلاد، ولكن هناك أيضا خمسة عناصر أساسية من الطبيعة مرتبطة معها وهى الذهب والماء والخشب والنار والأرض.
إقرأ أيضا: بالصور.. أغرب المأكولات الصينية
وبالنسبة لهذا العام فهو عام القرد الناري، كما في الكريسماس وأعياد المسلمين فإنه من العادة تبادل الهدايا وأيضا إعطاء الكبار العيدية للصغار، وكذا أصحاب العمل للعاملين لديهم، ولكن الشرط بالنسبة للتقاليد الصينية هو أن تكون العيدية مقدمة في ظرف أحمر اللون جلبا للحظ السعيد.
ويرجع تاريخ عادات وتقاليد عيد الربيع الصيني إلى ما قبل أكثر من 4000 سنة وهناك أشياء يعتبر الصينيون أن فعلها فى بداية العام الجديد تجلب الحظ السىء مثل تناول الدواء او أكل العصيدة في أول يوم من العام،
وأيضا غسل الثياب في أول يومين، وكذا وخلال اليوم الأول فيجب عدم غسل الشعر أو استخدام الأدوات الحادة مثل السكين وعدم كنس المنزل ومنع بكاء الأطفال وتجنب لبس الملابس البيضاء أو السوداء ، ويجب كذلك التأكد من وجود الارز بالمنزل وتجنب تسليف أحد أو طلب سلفة من أحد أو التعرض للسرقة أو خروج المرأة المتزوجة من منزلها لزيارة بيت أهلها، وأيضا يجب التأكد من ألا يكون من ضمن هدايا العيد بعض الأشياء مثل الساعات أو المقصات لان لها مدلول سىء في التقاليد الصينية.
جدير بالذكر أن الرئيس الصيني شى جين بينغ ورئيس الوزراء لى كه تشيانغ حضرا احتفالا كبيرا تمت إقامته خصيصا بمناسبة عيد الربيع، حيث وجها التهنئة والتحية للشعب الصيني بهذه المناسبة، متمنين لهم مستقبلا مليئا بالرخاء والازدهار ومتعهدين بالاستمرار في الإصلاحات الهيكلية والتنمية ومحاربة الفساد ومكافحة الفقر.