يحسم الشارع اليوناني اليوم الأحد في استفتاء تاريخي على شروط ومقترحات الدائنين الدوليين مقابل استمرار برنامج الإنقاذ المالي، كا من شأنه أن يضع اليونان أمام خيارين أحلاهما مر، فالتصويت بـ”نعم” يفرض على اليونان مزيدا من إجراءات التقشّف وتواصل سياسات الاقتطاعات، أما التصويت بـ”لا” كما يدافع عليه رئيس الحكومة فهو خيار الكرامة مقابل عواقب وخيمة على مستقبل البلاد كما يرى أغلب الملاحظين.
وشهدت أثينا مظاهرتين متنافستين بما لايقل عن 20 ألف شخص، قبل يومين من الاستفتاء لتقرير مستقبل البلاد في منطقة اليورو، بينما أظهرت استطلاعات للرأي أن الفريقين منقسمان بالتساوي تقريبا.
ويطمع رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس، أن يصوت اليونانيون على خيار الرفض، والذي يراه خيارا “للعيش بكرامة في أوروبا”، غير مبال بتحذيرات شركاء اليونان الأوروبيين من أن حدوث ذلك قد يتسبب في خروجها من منطقة اليورو، و ما سيترتب عليه من عواقب يصعب التكهن بها سواء لليونان وأوروبا والاقتصاد العالمي.
ويرى أن رفض قبول إجراءات تقشف قاسية مقابل الحصول على أموال المقرضين الدوليين (صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي)، سيعزز قدرته على التفاوض بشأن شروط أفضل.
ورغم أن الحكومة تزعم أن التصويت بـ”لا”، لا يعني الخروج من منطقة اليورو، فإن المخاوف قائمة لدى قطاع كبير من المسؤولين والمستثمرين، وهو على كل حال يتعلق بإرادة الأوربيين وهو أمر مستبعد كما يراه المراقبون.
وكان صندوق النقد الدولي قد نبه الخميس الفائت أن اليونان ستحتاج إلى 60 مليار يورو أخرى في إطار صفقة الإنقاذ خلال السنوات الثلاث المقبلة، كما أنه سيخفض توقعاته للنمو في 2015 من 2.5% إلى صفر.
وتريد أثينا من المقرضين إعادة هيكلة ديونها الضخمة الخانقة التي تزيد عن 180% من إجمالي الناتج المحلي رغم شطب 107 مليارات يورو (119 مليار دولار) من ديونها في 2012.
ويفرض التصويت ب”نعم” دخول اليونان في مفاوضات جديدة مع الدائنين لإنقاذ الاقتصاد المترهّل، لكن المفاوضات قد تستغرق وقتا طويلا، ما يعني استمرار القيود الحالية على عمليات سحب ونقل الأموال من البنوك ما لم يتم التوصل لاتفاق جديد.
وبالنسبة إلى حزب سيريزا اليساري فإن فوز التصويت بـ”نعم” قد يعني الدخول في مرحلة من عدم الاستقرار السياسي، الأمر الذي لا يمكن للاقتصاد اليوناني أو النظام المصرفي أن يسمح به حتى وإن كان لفترة قصيرة. وعلى المدى المتوسط، سيدخل هذا الأمر اليونان في مرحلة تقشف جديدة.