قالت منظمة “شعاع لحقوق الإنسان” (تعمل في نطاق حدود الجزائر ومقرها الرئيسي في لندن)، إنها تتابع بقلق بالغ التطورات الخطيرة المتعلقة بقضية ياسين بن شطّاح، مدير البرامج السابق بالهلال الأحمر الجزائري، وهاجر زيتوني، مديرة الاتصال والإعلام السابقة بالمؤسسة نفسها، وذلك بعد توثيق شهادات حول تعرضهما للإهانة والمعاملة المهينة والضغط النفسي داخل مقر فصيلة الأبحاث للدرك الوطني ببئر مراد رايس في الجزائر العاصمة أثناء التحقيق، وما تلا ذلك من أحكام تعتبرها المنظمة مؤشرًا واضحًا على توظيف العدالة لاستهداف المبلّغين عن الفساد بدل حمايتهم.
وأضافت المنظمة عبر موقعها، أن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن بن شطّاح وزيتوني رصدا خلال سنة 2023 خروقات خطيرة داخل الهلال الأحمر الجزائري، شملت شبهات فساد وسوء تسيير واستفادة غير مشروعة من المساعدات الإنسانية، بما في ذلك تحويل مساعدات موجهة للمحتجزين في مخيمات تندوف إلى جهات خاصة، إضافة إلى تجاوزات في تسيير المساعدات الإنسانية الموجهة إلى غزة.
وقد أدى رفع تقارير رسمية إلى رئاسة الجمهورية والجهات الوصية، ثم ظهور شهادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تكشف تلك الخروقات، إلى تحريك شكاوى قضائية ضدّهما بدل فتح تحقيق في مضمون ما تم كشفه.
بتاريخ 25 أبريل 2024 تقدّم ممثل الهلال الأحمر الجزائري، بصفته طرفًا مدنيًا ومفوّضًا عن رئيسته ابتسام حملاوي، بشكوى رسمية أمام فصيلة الأبحاث للدرك الوطني، اتهم فيها ياسين بن شطّاح وهاجر زيتوني بالوقوف وراء حملة تشهير عبر موقع فيسبوك استهدفت سمعة المنظمة ورئيستها، من خلال منشورات تتضمن اتهامات بسوء التسيير وتحويل المساعدات الإنسانية عن وجهتها الأصلية.
واعتبرت الشكوى أن هذه المنشورات تدخل في إطار تحريض ممنهج وتشويه متعمد لهيئة إنسانية تعمل تحت إشراف الدولة.
واستندت الشكوى إلى وجود صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها صفحة تحمل اسمًا مستعارًا، قيل إن محتواها يشابه ما سبق لبن شطّاح وزيتوني تداوله، مع ربط ذلك بطبيعة الملفات المهنية التي كان الأول يعالجها قبل تجميد مهامه.
أما فيما يخص هاجر زيتوني، فقد أشارت الشكوى إلى منشورات مشابهة على صفحتها الشخصية، مرجعة ذلك إلى قربها المهني من بن شطاح واطلاعها على معطيات داخلية بحكم منصبها السابق في الإعلام والاتصال داخل المنظمة.
وفي 30 أبريل 2024، تلّقى الاثنان استدعاء من الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بحمادي في سكيكدة للمثول أمام فصيلة الأبحاث في بئر مراد رايس بالجزائر العاصمة، حيث تم التحقيق معهما وإبقاؤهما تحت النظر لعدة أيام.
وفي 14 ماي 2024، تم تقديمهما أمام وكيل الجمهورية بمحكمة بئر مراد رايس، الذي أحالهما إلى المثول الفوري مع إصدار أمر بالإيداع في الحبس المؤقت.
وفي 28 ماي 2024، صدر حكم قضائي يدين ياسين بن شطاح بعامين حبس، منها عام نافذ وعام غير نافذ، وغرامة مالية قدرها مئة ألف دينار، بتهمة نشر أخبار كاذبة تمسّ بالنظام العام، والمساس بحرمة الحياة الخاصة عبر التشهير، ونشر خطاب التمييز والكراهية باستخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال. كما تمت إدانة هاجر زيتوني بعام حبس، منه ستة أشهر نافذة وستة أشهر غير نافذة، وغرامة مالية قدرها 50 ألف دينار، بتهمة نشر أخبار كاذبة من شأنها الإخلال بالنظام العام، والمساس بخصوصية الأفراد عبر التشهير، وفق المواد 96 و303 مكرر و303 مكرر 1 من قانون العقوبات.
ورغم الطعن، أيد مجلس قضاء الجزائر الحكم بتاريخ 18 سبتمبر 2024. وبعد مرور أكثر من سنة على صدور الأحكام وخروجهما من السجن، أدلى كل من بن شطاح وزيتوني بشهادات علنية عبر فيديوهات نشراها على صفحاتهما بموقع فيسبوك، كشفا فيها عن الظروف التي عاشاها خلال فترة الاحتجاز في ماي 2024.
وأكدا تعرّضهما للإهانة اللفظية والتحقير، والضغط النفسي المكثّف، ومنع الراحة، والترويع النفسي، إلى جانب أساليب تحقيق تمسّ كرامتهما الإنسانية. كما أشارا إلى حضور المشتكية، رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، أثناء جلسات التحقيق، في سلوك يشكّل — في حال ثبوته — تدخّلًا مباشرًا في عمل الضبطية القضائية، وخرقًا صارخًا لقواعد الحياد والتحقيق النزيه.
وتُصنّف مثل هذه الممارسات، وفق المعايير الدولية، ضمن المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وقد ترقى إلى مستوى التعذيب، خاصة إذا ارتبطت بسوء استخدام السلطة أو الضغط النفسي لإجبار الموقوفين على الإدلاء بتصريحات أو اعترافات.
وقالت منظمة شعاع إن هذه الشهادات التي قدمها كل من بن شطّاح وزيتوني تشكّل، في حال ثبوتها، انتهاكًا صريحًا للدستور الجزائري، ولا سيما المادة 39 التي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية أو المهينة، فضلًا عن مخالفتها لأحكام قانون الإجراءات الجزائية الذي يمنع ممارسة أي ضغط جسدي أو نفسي على الموقوفين أثناء التحقيق. كما تمثل هذه الوقائع خرقًا لالتزامات الجزائر الدولية، وبالأخص اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها سنة 1989، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يضمن الحق في السلامة الجسدية والنفسية وحرية التعبير، ويشدد على حماية المبلّغين عن الفساد من أي شكل من أشكال الانتقام أو المتابعة التعسفية.
وعليه، تطالب منظمة شعاع بفتح تحقيق فوري ونزيه وشفاف في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة، وضمان استقلال القضاء وعدم استغلاله لخدمة صراعات أو لتصفية حسابات داخل مؤسسات عمومية أو شبه عمومية.
مشاهد 24 موقع مغربي إخباري شامل يهتم بأخبار المغرب الكبير