طرحت الهجمات الإرهابية التي هزت العواصم الأوروبية في السنوات الأخيرة تساؤلات بخصوص مستقبل أوروبا في ظل تنامي خطر الإرهاب، وتعمق مشاكل الهجرة والهوة بين المهاجرين من الدول العربية والإسلامية وبلدان الإقامة بالقارة العجوز.
في حوار مع النسخة الأمريكية لموقع Slate قال الباحث الهولندي في الشأن الأوروبي، آيان بوروما، أن التنظيمات الإسلامية المسلحة تسعى إلى توسيع رقعة العنف لاستقطاب مزيد من المجندين، وهو ما جسدته الهجمات في باريس وبروكسيل.
الخطير في الأمر أن وسائل الإعلام جعلت من الثورات التي شهدها الشرق الأوسط قضايا ثورية جاهزة للشباب الأوروبي المسلم ليتبناها، حتى ولو كان هذا الشباب ليست له أي علاقة بالسياسة في الشرق الأوسط.
وقال آيان بوروما إن “الشباب في بروكسيل أو باريس أو أمستردام أو برمنغهام الذين ينضمون لهذه الحركات، لا يقومون بذلك لأن لديهم شعورا قويا بخصوص القضية الفلسطينية أو حتى الإسلام نفسه. هم يقومون بذلك لأن لديهم مشاكلهم الخاصة المرتبطة بدورهم في المجتمعات الأوروبية”.
واعتبر بوروما أنه لا ينبغي التركيز على ما وقع في بروكسيل بمعزل عن ما شهدته دول أوروبية أخرى من هجمات مثل فرنسا وبريطانيا وإسبانيا في السابق، لافتا الانتباه مع ذلك إلى كون بلجيكا لديها مشاكلها الخاصة، من بينها التكدس الكبير للمهاجرين في بروكسيل وقلة المجهودات التي بذلت من أجل إدماجهم وتوفير فرص شغل وتحسين ظروف التعليم بالنسبة لهم.
إقرأ أيضا: الاتفاق الأوروبي التركي حول اللاجئين أمام أول اختبار
من جانب آخر أكد الباحث الهولندي المقيم بالولايات المتحدة أن هناك اختلافات بين نماذج إدماج المهاجرين في أوروبا في كل من بريطانيا وفرنسا وبلجيكا.
ويشرح بوروما هذه الاختلافات بقوله إنه في فرنسا هناك إحساس بأن الجميع مواطنون وأنه لا ينبغي أن يكون هناك تمييز، وهو ما يبدو أمرا جيدا على الورق، لكنها لا يساعد في الاهتمام ببعض الأقليات داخل المجتمع.
أما في بلجيكا فيبدو أن السلوك العام للسلطات هو اللامبالاة. ففي الوقت الذي لا يبدو فيه أن المهاجرين يعانون بالضرورة من عنصرية أكبر مقارنة بدول أخرى، إلا أنه لا يبدو أن الدولة قامت بجهود كبيرة من أجل إدماج الأقليات.
على صعيد آخر تحدث الباحث الهولندي عن الاندماج من زاوية أخرى، حيث أكد أن بعض الأقليات التي تبدو أقل اندماجا في المجتمع، مثل الصينيين في أمريكا وأوروبا، هم أقل إثارة للمشاكل وانخراطا في العنف.
وأضاف آيان بوروما أن المهاجرين الأتراك يبدون أقل عرضة للتطرف حيث أن هذه الجالية أكثر تنظيما مقارنة بالمهاجرين من شمال إفريقيا، والذين تراجعت في صفوفهم سلطة العائلة في حين يعيش الشبان من دون عمل ويبحثون عن إعطاء معنى لحياتهم. وبالتالي، يظهر الانضمام إلى تنظيم “داعش” وكأنه تجسيد لعملية الالتحاق بالعصابة الخاصة بهم.
وبخصوص مستقبل أوروبا أكد الباحث الهولندي أنه من الصعب عن التحدث عن القارة بصيغة الجمع بسبب اختلاف نماذج الهجرة وصعوبة القيام برد أوروبي موحد، ناهيك عن المشاكل المرتبطة بتنامي الأفكار القومية والشعبوية والمناهضة للاتحاد الأوروبي.