تتكاثر المؤشرات على احتمال دعوة الناخبين الإسبان إلى صناديق الاقتراع مجددا، يوم السادس والعشرين من يونيو المقبل بعد حل البرلمان الحالي المنتخب يوم الثاني من مايو، طبق لما ينص عليه الدستور.
ولا يبدو في الأفق ما يوحي بانفراج سياسي وشيك؛ وفي حالة ما إذا حصل ذلك فإنه لن يتحقق إلا متأخرا عن الموعد المنطقي؛ وبالتالي فإن الحكومة التي يترقبها
الإسبان ومهما كانت الأطراف التي ستشارك في التشكيلة التي تأتي ولا تأتي، لن تكون قوية ومستقرة وتامة الانسجام، ما سيؤثر على عملها في الداخل وتحركها الدبلوماسي في الخارج.
في هذا السياق وفي سابقة دبلوماسية نادرة، تمنت الإدارة الأميركية أن تتمكن إسبانيا من إيجاد حل لمشكلها السياسي بتشكيل حكومة قوية حتى يتمكن الرئيس “أوباما” من القيام بزيارته الأخيرة إلى إسبانيا والتي سبق أن حدد لها موعد مبدئي في شهر يوليو المقبل.
وعلى افتراض أن الانتخابات ستعاد، فإنها لن تفرز حسب استطلاعات الرأي وتوقعات المحللين، نتيجة مخالفة للتي سببت الأزمة الحالية، ما يعني أن شهر يوليو، بكامله سيخصص لإجراء المشاورات بين الأحزاب الفائزة، في أفق تمكين البلاد من جهاز تنفيذي كامل الصلاحيات.
وفي تلك الحالة، سيكون صعبا أن يزور الرئيس أوباما رسميا مدريد، بسبب ضغط الأجندة الرئاسية، ففي الشهر الموالي “أغسطس” سيكون مشغولا بقمة “فرسوفيا” يومي 8و9 من ذات الشهر، بعد ذلك بأيام ستدخل الحملة الانتخابية الرئاسية أطوارها القصوى في أنحاء البلاد وسيصبح من المتعذر على الرئيس الذي ستنتهي مهامه في شهر يناير، أن يتنقل إلى الخارج ويجري مباحثات مهمة أو يعقد اتفاقيات مع حكومة أجنبية لن تتضح صورتها إلا بعد أسابيع في إسبانيا.
وحسب تقارير صحافية إسبانية فإن “أوباما” لمح أخيرا إلى رئيس الدبلوماسية الإسبانية، مانويل مارغايو، الذي التقى الرئيس في عشاء بالبيت الأبيض أقيم على هامش القمة النووية.
واستنادا إلى ما أوردته صحف إسبانية فإن الرئيس الأمريكيي قال، لمرغايو”لنر متى تشكلون حكومتكم ثم نبت بعد ذلك في أمر الزيارة”.
إقرأ أيضا: اسپانيا بين إعادة الانتخابات وحكومة ضعيفة في مواجهة عواصف قوية!
ولم يشأ الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض التعليق على الدردشة التي جرت بين رئيسه ووزير خارجية إسبانيا على اعتبار أنه لقاء خاص على هامش العشاء.
وتعتبر إدارة الرئيس “أوباما” إسبانيا حليفا مهما وشريكا مؤثرا في منظمة الحلف الأطلسي وفاعلا في السياسات الدولية كما يرتبط البلدان باتفاقات عسكرية جرى تجديدها في المدة الأخيرة وخاصة تلك التي توفر دعما “لوجيستيا” للجيش الأمريكي في القواعد العسكرية الموجودة فوق التراب الإسباني منذ عقود.
وزار ملك إسبانيا الجديد الولايات المتحدة واجتمع بالرئيس، أوباما، بعد توليه الملك على إثر تنازل والده خوان كارلوس، عن عرش المملكة الإسبانية ، كما التقى به في مناسبة ثانية.
وترتبط إسبانيا بعلاقات وثيقة مع الولايات منذ عهد الديكتاتور”فرانكو”، توثقت حتى في عهد الاشتراكيين في ظل حكم رئيس الوزراء الإسباني، فيليبي غونثالث، الذي غير مواقفه من القوة الغربية العظمى وانتهج معها سياسية براغماتية، فأبقى على عضوية بلاده في الحلف الأطلسي بعد أن كان التزم في برنامجه الانتخابي بالانسحاب من الحلف الذي كان يمثل فينظر الاشتراكيين الواجهة العسكرية للامبريالية.
لكن العلاقات ساءت بين الحكومة الاشتراكية التي رأسها، خوصي لويس ثباطيرو، التي تزامنت مع وجود الرئيس الأميريكي جورج بوش الابن في البيت الأبيض.
ومعلوم أن رئيس الوزراء الأسبق خوصي ماريا اثنار الذي أيد الغزو الأميركي للعراق عام 2004 وأرسل وحدات عسكرية للقتال هناك في إطار التحالف الذي قادته الولايات المتحدة؛ هو الذي حرض بوش على القطيعة مع الاشتراكي، ثباطيرو، فارجأ بوش أكثر من مرة استقباله في واشنطن.
واستعادت العلاقات بين البلدين دفئها بعد انتخاب الرئيس الديمقراطي المنتخب أوباما الذي سار على ذات النهج مع خليفة ثباطيرو، رئيس الوزراء الحالي ماريانو راخوي.
وتعترف واشنطن لهذا الأخير بنجاحه في إنقاذ إسبانيا من الهاوية الاقتصادية التي كادت أن تنحدر إليها في أواخر حكم ثباطيرو.
إلى ذلك تتمتع إسبانيا بتأثير نافذ في الولايات المتحدة ولها قوة ضغط وخاصة بين الأميركيين من أصول إسبانية، يشكلون حماية للمصالح الإستراتيجية في المجتمع الأميركي، وهي قوة يحسب لها في كافة الاستحقاقات الانتخابية التشريعية والرئاسية.