من قلب الصحراء.. الخيمة هوية ثقافية ومأوى العادات والتقاليد

فقرة من قلب الصحراء تهتم بالتعريف بالموروث الثقافي الصحراوي من عادات اجتماعية، وتقاليد وتاريخ مدن الصحراء المغربية.

وسيسلط حاتم الوالي الباحث في ثقافة وتاريخ الصحراء في الحلقة الثانية، الضوء على أهم معالم الموروث الثقافي لمغاربة الصحراء.

الخيمة… هوية ثقافية لأهل الصحراء

يؤكد الباحث حاتم الوالي أن المسكن مرتبط أيما إرتباط بالطبيعة المحيطة بالإنسان، أي أن الإنسان إبن بيئته ويكيف إبداعاته مع محيطه الطبيعي، لذا اتخذ أهل الصحراء المغربية منذ القدم من الخيمة مسكنا لهم تأوي إليه الأسر صيفا و شتاء، لهذا كانت الخيمة هي الملاذ الوحيد والمسكن الملائم للرحل حيث يجدون فيها منزلا متنقلا، تثبت أركانه في الأرض كل ما كان المكان ملائما لذلك.

ويشير الباحث إلى أن الخيمة لم تكن وحدة للاستقرار المادي فحسب وإنما تجسد إطارا قويا للعلاقات الاجتماعية والعائلية، فــــ” خيمة أهل فلان”، تعني أسرتهم الصغيرة أو الكبيرة، وإذا قيل فلان “تخيَّم” فهي بمعنى تزوج، ومع الانتقال إلى الحياة في المدينة ظلت الخيمة تراثا ثقافيا عريقا يتحدى بجماله المعمار الحديث ويصعب محوه من الذاكرة.

إن إبداع هذا الشكل من المساكن لهو إبداع لا مثيل له، فهو يتكون من مكونات لا حصر لها، كما أن طريقة بناءها من أجل مقاومة أجواء تغلب عليها الرياح القوية والزوابع الرملية والحرارة المفرطة لهو إبداع كبير في أجواء قاحلة.

وسنحاول ذكر بعض مكونات الخيمة، لكن قبل ذلك لا بد من التأكيد أن شعر الماعز هو الأساس في بناء الخيم، فقد كانت الخيمة قديما تصنع من شعر الماعز وتنسج على شكل وحدات طويلة حسب وفرة شعر الماعز لذا الجماعة التي تريد صناعتها.

مكونات الخيمة

تتكون الخيمة من الفلجة، والفلجة او لفليج شريط تنسجه النساء من الصوف والشعر، ويصل عرضه إلى ستين سنتيمترا تقريبا ،طوله طول الخيمة (من 6 إلى 20 مترا) وتتكون الخيام المتوسطة من 7 إلى 8 فلوج بينما تتكون الخيام الأكبر من 12 فليجا.

وتختلف الخيام اتساعا وضيقا حسب إرادة صاحبها وقدرته ومكانته داخل القبيلة، وأثناء الخياطة يتم بسط الفلجة الواحدة بجانب الأخرى في مكان ملائم ومنبسط، وتوضع الفلجة مرتبة حسب نمط محكم فهناك تداخل منظم بين الفلجة القديمة والجديدة خاصة حين يتعلق الأمر باستبدال أو تجديد جزئي.

ويحيط بالفليج من الأطراف (شَارَبْ) :وهي طية من الحواشي سواء باتصال فلجة بفلجة أخرى أو باتصالها بالرفافة حتى لا تتمزق أو يحل نسيجها .

المشلْ:خيط متين يربط بين فليج وآخر ،وهو نظام للعقد أو للخياطة للربط المحكم..وعند القطرات الأولى من المطر، ينتفخ النسيج فتنغلق ثقب الربط ولا يتسرب المطر نحو الداخل
الرًابْعة (جمع رْوابَع):وهي قطع طويلة منسوجة بأشكال هندسية ،متناسقة قد تكون بالأبيض والأسود أو بالألوان وهي القطع التي تشد الخيمة إلى الأوتاد.
أعمدة خشبية حيث الخلفيتان أقصر من الأماميتان،تحمل أطراف الروابع نحو الأعلى ،عددها بعدد الأوتاد .أما الركيزتان الداخليتان فتكونان أكثر طولا وأكثر متانة، لأنهما تحملان الحَمارْ وتحافظان على رسو الخيمة وتوازنها .

الطْريْكَة شريط منسوج بلون مخالف، تشبه( الرابعة ) إلا أنها أكثر متانة وعرضا (من 20 إلى 40 سنتيمترا)تمتد من الوتد الخلفي إلى الوتد الأمامي على شكل قوس مرورا وسط الخيمة ومن فوقها تمر الفلوج.

خْرَبْ وهي فروع خشبية وتصلح لربط الرابعة بالطارفة
الطارْفَة حبال الخيمة:ج طْوارف حبال من صوف وشعر، تشد خْرَبْ إلى الوتد، وفي حالة النقص في عددها تعوض بحبال عادية أو بحبال من الدوم .

الأوتاد :ج وتد وتتكون من حديد أو من خشب وتدق في الأرض بواسطة مطرقة كبيرة تسمى الرزامة .والأوتاد عنصر أساسي لبناء الخيمة ولشدها إلى الأرض

أنواع الخيم الصحراوية

يبرز الوالي لمشاهد 24 أن أشكال وأنواع الخيمة تتعدد لكن أبرزها تلك المصممة على شكل مثلث، وهذا التصميم ليس اعتباطيا فهو يقيها الاستسلام أمام الزوابع الرملية وهطول الأمطار، بيد أن السمة الأبرز للخيمة هي شكلها الانسيابي ومرونتها في الحل والترحال فقد لا يستغرق نصبها بضع دقائق.

هذه هي الخيمة من مكوناتها وأصلها وطريقة بنائها، هذه الخيمة الأصيلة التي مازالت تقاوم الثقافة الدخيلة، وأصبحث رمزا لكل ماهو صحراوي.

فنجد معظم أهل الصحراء يبنون الخيم في أسطح منازلهم ومن أجل المقيل فيها وشرب الشاي عصرا والمبيت كذلك فيها حينا.

فرغم انتقال الإنسان الصحراوي وجوديا إلى المدينة إلا أنه مازال مرتبطا وجدانيا بالبادية وحياة لفريك، وهذا ما تجسده الخيم في منازل سكان الصحراء.