الصحراء بعيوننا.. عادة “ترزيفت” إرث مجتمع البيضان المتجدد

نبدأ فقرة الصحراء بعيوننا للتعريف بالموروث الثقافي الصحراوي، من عادات اجتماعية وتقاليد تناقلت عبر الأجيال في مجتمع البيضان.

وسيسلط حاتم الوالي الباحث في الثقافة الصحراوية ، الضوء على أهم معالم الموروث الثقافي لمغاربة الصحراء.

عادة ترزيفت عند الصحراويين

كثيرة هي العادات المرتبطة بالهدايا أو “العطية” حسب قول مارسيل موس، حيث يقول “تتم التبادلات والتعاقدات داخل الحضارة الإسكندنافية وعدد هام من الحضارات على شكل هدايا.

وأكد الباحث الوالي لمشاهد 24 أنه نظريا وبطريقة اختيارية، ولكنها في حقيقة الأمر إلزامية”، هذه العطية أو “ترزيفت” بمسمى أهل حوض البيضان، عبارة عن هدايا رمزية أو عينية تقدم في مناسبات معينة، كحفلات الزفاف مثل الهدايا التي تقدم للعروس أو الهدايا التي يقدمها أصدقاء العريس في يوم زفافه، أو الهدايا التي تقدم بمناسبة تخرج أو نجاح.

وأضاف أنه غالبا ما تكون هذه الهدايا عبارة عن مبالغ نقدية في أظرفة، أو رؤوس غنم، أو “كراطين سكر” ويكون أعلاها قيمة ورمزية نحيرة من الإبل. “تارزيفت” ليست مجرد هدية تقدم، بل هي تراث عميق متجدر في القدم، يعبر عن تراث مجتمع، كتعبير عن التضامن والتآزر بين قبيلتين أو بين الأسر فيما بينها.

هذه العادة التي لم تنل منها حالة المدنية التي وصل إليها المجتمع الصحراوي منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، فهذه العادة متوغلة في البنية الذهنية والسلوكية للإنسان الصحراوي.

فحالما تذكر مناسبة عند شخص ما –كيفما كانت- إلا ويتبادر في ذهنه “ترزيفت” ، أي ماذا سيقدم في هذه المناسبة.

عادة ترزيفت روح متجددة

أشار الوالي في حديثه لمشاهد 24 أنه لو عدنا قليلا إلى حالة البداوة التي كان عليها المجتمع الصحراوي، فإن رأسمال الإنسان الصحراوي كان عبارة عن قطيع من الإبل أو الماشية، وكانت أمور الهدية أو العطية لا تشغل باله، حيث كان يقدم رأس من الغنم أو بعير من قطيعه هدية رمزية لصديقه.

واعتبر أن مع الانتقال المفاجئ للمجتمع الصحراوي لحالة المدنية أصبحث هذه العادة تؤرق مضجع الإنسان الصحراوي، لكنه ليس مختارا في تقديمها بل ملزم بذلك.

فمسألة “تارزيفت” ليست مجرد تقليد بسيط، بل تجسيد للروح الاجتماعية والتضامن في هذا المجتمع الصحراوي المعروف بالكرم والسخاء.

هذا وتظهر “تارزيفت” كروح متجددة في حياة مجتمع البيظان، أو المجتمع الصحراوي، حيث تعكس التقاليد والحداثة “جمالية متناغمة”، وقصة حب تكتب بيد النساء، تختزل معاني العطاء والتضامن، وتجسد “بريقا”خاصا يحكي عن عمق الهوية الحسانية وفخرها بتراثها العريق.

ومع تطور الزمن، وبحسب ما يتداول بين المجتمع الصحراوي، فلم تكتف تلك الهدايا بأن تكون مجرد طقوس تقليدية، بل أصبحت تحمل في طياتها لمسة نسائية فريدة من نوعها، تجسد قوة المرأة ودورها الأساسي، فأغلب الأوقات تجد الزوجة هي التي تطلب زوجها من أجل أن “ترزف” إحدى صديقاتها أو عائلتها فهذا تجسيد واضح للمسة المرأة وإبراز كرمها.

وفي ظل الظروف الاقتصادية والتحديات المالية التي يواجهها الكثيرون، يصبح من الضروري توفير توازن بين الحلم والواقع، فالمسألة ليست فقط في الرغبة في تقديم هدية “كبيرة” بل في القدرة على تحمل تكاليفها بشكل مستدام وباستمرارية.

اقرأ أيضا

تسليط الضوء في فيينا على تطوير شراكة متعددة الأبعاد بين المغرب والنمسا

عقد في فيينا اليوم الأربعاء مؤتمر بشأن إقامة شراكة متعددة الأبعاد بين المغرب والنمسا، بمبادرة …

الداخلية الإسبانية تبرز دور المغرب في جهود الإغاثة

قالت وزارة الداخلية الإسبانية، إن فريق الإغاثة القادم من المغرب بدأ العمل بالفعل في المناطق المتضررة جراء الفيضانات.

عيد الاستقلال .. ذكرى خالدة تجسد تلاحم العرش والشعب وتضحياتهما في سبيل الوطن ومقدساته

يخلد الشعب المغربي، بكل مشاعر الفخر والاعتزاز، غدا الاثنين، الذكرى التاسعة والستين لعيد الاستقلال المجيد، الذي جسد أرقى معاني التلاحم بين العرش العلوي والشعب المغربي في ملحمة الكفاح للذود عن وحدة الوطن وسيادته ومقدساته.