نبدأ فقرة الصحراء بعيوننا للتعريف بالموروث الثقافي الصحراوي، من عادات اجتماعية وتقاليد تناقلت عبر الأجيال في مجتمع البيضان.
اللهجة الحسانية لهجة “تراب البيضان”
وأبرز حاتم الوالي الباحث في الثقافة الصحراوية لمشاهد 24 أن اللهجة الحسانية تشكل لهجة “تراب البيضان” الممتد من واد نون شمالا إلى نهر السنغال جنوبا، حيث يتحدث بها الصحراويين في جنوب المغرب، وهي من أقدم اللهجات العربية.
وأشار إلى أنها ليست موحدة بين شعوب تراب البيضان، فنجد إختلافات طفيفة لا تمس جوهر المعنى. وقد طرأت الكثير من التغيرات على اللهجة الحسانية، واستحدثت فيها العديد من الألفاظ والكلمات، في إطار التصادم الثقافي الذي كان إبان الإستعمارين الفرنسي والإسباني تحديدا.
كلمات وافدة على اللهجة الحسانية
– الگانة: الگانة وهي المزاج أو الرغبة في فعل شيء ما، فيقال “فلان ما عندو الگانة” والكلمة إسبانية الأصل (la gana).
ـ يْفَرصِي تستعمل كلمة “يفرصي” بمعنى يستعمل القوة والمصدر منه التفرصي والكلمة المستعملة في الحسانية أخذت من كلمة “force” اللاتينية المعروفة التي تعني القوة كما سبقت الإشارة، ومن فعلها “فورسي” أو “يفرصي” والتي تعني القيام بالشيء باستعمال القوة، أو ارغام أحد على فعل شيء ضد إرادته.
-گاز: نوع من القماش كان شائع الاستعمال عند البيظان ومنه نوع يسمى “گاز النميرات” لوجود رسم لثلاث نمور ذهبية صغيرة عليه، والتسمية جاءت من كلمة “gaze” الفرنسية والتي تعنى شاش أو قماش.، – الميش: وهو فتيلة الموقد وقد كانت هذه الكلمة واسعة الاستعمال حين كانت مصابيح الكيروسين هي وسيلة الإضاءة الشائعة الاستعمال عند سكان البادية واطراف المدن وفي مرحلة لاحقة حين حلت محلها مصابيح غاز البوتان.والكلمة فرنسية “mèche” استخدمت دون ادنى تعديل.
-تاباكا في الاسبانية و”تابا” في الفرنسية وهي التبغ الذي وفد على بلاد البيظان عبر التبادل التجاري مع الاوروبيين فأخذوا منهم الاسم الفرنسي “tabac” دون تعديل إذن أن الحرف الأخير في هذه الكلمة الفرنسية لا يلفظ.
-صافي: وتستعمل هذه الكلمة في الحسانية بمعنى حسنا أو جيد.. وهي في معناها الأصل تعني تم “ça fait”.
-الشانتية: وكانت هذه الكلمة واسعة الاستعمال عندما اشتدت سنوات الجفاف في النصف الثاني من ستينيات القرن العشرين ونزح سكان البوادي إلى أطراف المدن مشكلين مخيمات صغيرة حول مواقع العمل خاصة في شركات تعبيد الطرق أو البناء أو حول مواقع خدمات القطار الناقل للحديد في موريتانيا، والكلمة فرنسية chantier وتعني ورشة عمل
تلكم إذن بعض الكلمات التي أُدخلت على اللهجة الحسانية، وذلك يوضح أن اللهجة الحسانية لم تكن بمعزل عن التغيرات التي طرأت على اللغات العالمية، وأن حالة التلاقح الثقافي بين الثقافات الإنسانية ستكون نتيجته حتمية في تغييرات سلوكية وذهنية وحتى لغوية.