الصحراء بعيوننا.. زواج المجتمع الصحراوي تقاليد وعادات ضاربة في القدم

نبدأ فقرة الصحراء بعيوننا للتعريف بالموروث الثقافي الصحراوي، من عادات اجتماعية وتقاليد تناقلت عبر الأجيال في مجتمع البيضان.

الزواج في المجتمع الصحراوي

أكد حاتم الوالي باحث في الثقافة الصحراوية أن الزواج شكل في المجتمعات الإنسانية، ذلك الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة الثقافة، أي الانتقال من حالة التناسل الطبيعية إلى حالة الإرتباط بقوانين ثقافية، بواسطتها يُنظم الإرتباط بين الجنسين داخل مؤسسة الزواج.

وأبرز الوالي لمشاهد 24 أن مجتمع البيضان لا يخرج عن ذلك، فنجد تقاليد ثابتة بينهم ونجد اختلاف طفيف، باختلاف قبائل حوض البيضان، من واد نون شمالا إلى حوض السنغال جنوبا.

وأضاف بالقول ” الثابت في أعراس منطقة الوديان الثلاث (واد نون وواد الساقية وواد الذهب) والطقوس المرتبطة به، هو الإعلاء من الأنثى الذي يتجلى في تقديرالعروس بمهر يفوق الخيال”.

وأردف “هذا في حد ذاته يدل على مكانتها المرموقة في المجتمع الصحراوي ويجعلها تشعر بأنها كيان ذات مكانة مهمة. بعيدا عن النظرة الدونية للمرأة في المجتمعات الشرقية”.

ويبدأ الاستعداد لهذا الحفل بعد تعارف ومعرفة طرفيه بخطوبة يمكن أن تصل لمدة طويلة أو قصيرة، وتتوج بعقد القران وقراءة الفاتحة، يتم هذا العقد في يوم “الدفوع”، ويتم توثيق العقد بالمحكمة بحضور أولياء أمر العروس والعريس وبعض الأقارب كشهود.

ويتم وضع شروط معينة بين العائلتين يجب الالتزام بها، مرتبطة أساسا ب”حفل الزفاف”، كما يتم التفاوض حول مقدار المهر، ويكون من الإبل نظراً لطبيعة المجتمع الصحراوي الرعوي.

المهر في المجتمع الصحراوي

قيمة المهر تختلف باختلاف العائلات ومكانتها الاجتماعية وقد تصل إلى مبالغ مالية كبيرة، بالإضافة إلى حقائب العروس التي تحتوي على ملابس وحلي ومكياج وأحذية وحقائب يد.

يتم تقديم هذه الهدايا لأي عروس صحراوية بغية الارتباط بها في حفل الدفوع، يقدم أهل العريس هدايا لأهل العروس، هدايا للعروس لأقارب العروس (للأم وللأب وللأخوة وللأعمام، والأخوال،…).

هدايا متنوعة يلتزم بها أهل العريس وتشمل اللحاف والأحذية وأطباق الطاوس الأصلية مع قوارير صغيرة من الحناء والقرنفل ووسادات الجلد التقليدي وصينيات الشاي …

يتم تقديم هذه الهدايا إلى أم أهل العروس في جو إحتفالي بهيج يتقدمه الخيالة وراكبي الجمال، ويستقبل الوفد بالزغاريد والأهازيج التقليدية.

وغالبا ما يأتي هذا الوفد في ظهيرة يوم حفل الزفاف عند أهل العروس، حيث يتناول أهل العريس وجبة الغذاء مع العائلة الكبيرة (القبيلة) لأهل العروس في خيام أُعدت لذلك.

عادات فريدة للزواج الصحراوي

ونلفت الانتباه إلى تجهيزات العريس حيث يقوم بالاستحمام ويرتدي ملابسه التقليدية، ويتعطر بالعطور الطيبة، أما العروس، فتتولى تجهيزها إحدى قريباتها أو خادمة معينة، حيث تستحم وتقوم بتزيين شعرها وارتداء ملابس تقليدية تتضمن ملحفة سوداء وأخرى بيضاء وبلغة “كرك”.

ويتم أيضًا تزيينها بأجمل الحلي يتم تكريم العروس والعريس بأغاني شعبية ورقصات خلال هذه الليلة، ويتم تبادل الشعر والتعبير عن المشاعر بحرية.

وفي النهاية، يتم تجهيز بيت العروس واستقبالها بحفاوة كبيرة من قبل أهل العريس في اليوم الموالي، حيث تجلس العروس إلى جانب العريس، وهي ترتدي أفضل ما جاء به العريس في حقيبة المهر.

يأتي الرجال والنساء لتهنئة العريس وطلب العادة. في هذا اليوم تحديدا تأتي عائلة العروس بوفد رسمي، يتكون من أقارب العروس محملات بهدايا إلى عائلة العريس تسمى محليا ب” الفسخة” أو “الكصعة”، حيث يأتين ب”العيش” أو “مارو” مرفوق بلبن وسمن الماعز.

وتتكلف قريبات العروس بتجهيز أطباق “مارو أو العيش” لضيوف العروس والعريس، وغالبا ما تكن إناث للتبرك من تلك الأطباق وطلب الحظ الحسن من أجل الزواج، وبعد ذلك يذهب الكل لوجبة الغذاء التي تكون أعدت لأهل العروس، في جو يملئه التعارف بين أهل العروسين، وينتهي اليوم بسهرة فنية يتبادل فيها أهل العرسان الأشعار حول خصال العائلة والقبيلة لكل من العروسين.

في المجتمع الحساني، تستمر احتفالات حفل الزفاف لمدة سبعة أيام بالنسبة للعروس البكر، وثلاثة أيام بالنسبة للعروس التي سبق لها الزواج.

ويتم خلال هذه الفترة تجهيز بيت خاص للعروسان أو حجز مكان في الفندق، حيث يتم استضافة الضيوف والاحتفال بالزواج، و يتضمن الاحتفال العديد من النشاطات مثل الغناء والرقص وتقديم الولائم والترحيب بالعروس بطريقة مهيبة.

ويعتبر الزواج في المجتمع الحساني مؤسسة ثقافية، تتخللها احتفالات تتأسس على قيم خاصة مرتبطة بالمجال الجغرافي للمنطقة، يتمسك بها الصحراويين حتى النخاع، رغم دخول أنماط جديدة في حياتهم.

اقرأ أيضا

وفد كبير من رجال الأعمال الفرنسيين يزور جهة الداخلة

عاين وفد من رجال الأعمال وصناع القرار الاقتصادي الفرنسيين، يقوده السفير الفرنسي بالرباط، كريستوف لوكورتيي، عن كثب الإمكانات والمؤهلات التي تزخر بها جهة الداخلة - وادي الذهب، لأجل تمكين رجال الأعمال الفرنسيين من استكشاف فرص الاستثمار في هذه الجهة، وتعزيز التعاون مع الفاعلين الاقتصاديين المحليين في مجالات متنوعة، بما في ذلك الصناعة، الطاقات المتجددة، والتكنولوجيا.

من أجل المشاهدات..مراهق يموت على سطح قطار

بحثاً عن مشاهدات مرتفعة على تيك توك، توفي مراهق نمساوي بعد اصطدام رأسه بجسر للسكك …

قمة لشبونة.. السغروشني تستعرض استراتيجية “المغرب الرقمي” وآفاق الاسثتمار

ينهي المغرب اليوم الخميس، مشاركته في فعاليات قمة الويب لشبونة 2024، التي احتضنتها البرتغال. وشاركت …