عقب الأحداث الدامية التي شهدتها تونس خلال الشهور القليلة الماضية، والتي استهدفت كلا من متحف “باردو” بالعاصمة تونس، ومدينة سوسة الساحلية، مخلفة عشرات الضحايا من السياح، تمت مصادقة الأغلبية الساحقة للبرلمان التونسي على القانون الأساسي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، بنسبة 174 صوتا، في وقت امتنع 10 عن التصويت.
وبعد الاتهامات التي وجهتها الدول الغربية لتونس عقب هجومي “باردو” وسوسة، بدعوى غياب الرقابة الأمنية، يواجه القانون التونسي اليوم، موجة من الانتقادات من طرف المنظمات الحقوقية، على رأسها المنظمة الدولية لحقوق الإنسان “هيومان رايتس واتش “.
وترى هذه المنظمات أن سن القانون الأساسي لمكافحة الإرهاب، من شأنه أن يشكل تهديدا مباشرا للحقوق الفردية، خاصة وأنه يوسع دائرة صلاحيات السلطات للقيام بالرقابة على الأشخاص.
ويدور الجدل القائم حول سن القانون الجديد حول نقطيتين أساسيتين، فمن جهة يسمح القانون باحتجاز المشتبه بارتكابهم لجرائم إرهابية من 6 إلى 15 يوما قابلة للتمديد مرتين، مع عدم السماح له بإجراء أية مقابلات سواء مع محاميه أو عائلته.
من جهة أخرى، أعاد قانون الإرهاب عقوبة الإعدام للواجهة، بعد تعطيل تنفيذها منذ سنة 1991، إضافة إلى نقطة ثالثة تتمثل في حماية المصادر الصحفية والسر المهني بالنسبة لهيئة المحامين.
هذا ويتيح القانون للسلطات المعنية بالتحقيق في قضايا الإرهاب، الحرية في اعتماد بعض أساليب التعذيب في حال امتنع المتهم عن الاعتراف، والتي تبقى حسب القانون، السبيل الأسرع والأنجع لانتزاع المعلومات.
ولم يكن القانون، محط انتقاد المنظمات الحقوقية فقط، بل وفور الإعلان عن التصويت لصالحه، عملت وسائل الإعلام الغربية على تسليط الضوء على هذا الأخير، واضعة إعادته لعقوبة الإعدام تحت المجهر، ما دعا للتساؤل حول إمكانية عودة تونس خطوات للوراء بإقرارها لهذا القانون.
إلا أنه وفي صلب النقاش الدائر حول عقوبة الإعدام، يرى عبادة كيفي، رئيس لجنة التشريع العام في تونس، أن عقوبة الذي صوتت لجنته لصالحه، مهم وضروري لضمان التكامل بين قانون الإرهاب والعقوبات المفروضة في مثل هذه الحالات.
لكن ورغم الآراء المتضاربة حول القانون الجديد، وإقراره لعقوبة الإعدام، يبقى تنفيذ الحكم بيد رئيس البلاد الباجي قايد السبسي، الذي يتوجب عليه التفكير مليا قبل إعطاء الضوء الأخضر أمام تنفيذ الحكم، والذي من شأنه أن يضر بصورة تونس أمام الرأي الدولي، وتضعه أمام المساءلة كما حدث سابقا مع الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي سنة 1990.
إقرأ المزيد:قانون مكافحة الإرهاب والجدل الفضفاض
هذا وتجدر الإشارة إلى أن ثماني منظمات دولية قامت خلال الأسبوع المنصرم بتوقيع بيان مشترك يندد ببنود القانون التونسي، حيث شارك في التوقيع على البيان كل من منظمة العفو الدولية امنستى والمادة 19 ومحامون بلا حدود ببلجيكا والشبكة الاورومتوسطية لحقوق الانسان والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان وهيومان رايتس ووتش والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب بالإضافة لمركز كارتر.
ودعت فيه المنظمات للحد من خطر الانتهاك الذي يسمح به هذا القانون الجديد، مشيرة إلى ضرورة تعديله وفق الأعراف الدولية التي تحترم حقوق المعتقلين.