“الإرهاب وحرية الصحافة أمران مستجدان في تونس”، جملة تلخص الوضع في هذا البلد المغاربي الموزع بين هواجسه الأمنية وتطلعاته إلى إرساء ممارسة ديمقراطية تضمن جملة من الحقوق من بينها الحق في المعلومة.
هذا التقابل هو ما جعل البعض يسجل عددا من الملاحظات والاختلالات في الممارسة الصحفية وأداء الأجهزة الأمنية ما يؤثر على المتلقي خصوصا حين يتعلق الأمر بأحداث أمنية خطيرة.
أبرز مثال على الارتباك الحاصل في العلاقة بين الأحداث وكيف يتم نقلها بداية في الصحافة التونسية هو عملية إطلاق النار التي جرت قبل أيام في ثكنة عسكرية.
عدد من وسائل الإعلام التونسية تحدثت عن عمل إرهابي وراء ما وقع فيما ذهبت أخرى إلى حد الادعاء بوجود نساء بين منفذي الهجوم قبل أن يتضح أن مرتكب الجريمة جندي يعاني من اضطرابات أطلق النار.
هذا التخبط الإعلامي في نقل معلومة مثل هذه شديدة الحساسية هو ما دفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي يسخرون من التناول الإعلام للحدث حيث علق أحدهم بأن الصحفيين “يرهبون المواطنين”.
وزارة الدفاع التونسية دخلت بدورها على الخط حيث اعتبر المتحدث باسمها، بلحسن الوصلاتي، أن نشر معلومات خاطئة ومتضاربة يؤدي إلى تعدد التأويلات وخلق القلق في صفوف الرأي العام.
وسائل الإعلام تدافع عن نفسها بالقول إن نقل معلومات خاطئة من بين الأمور الوارد حدوثها في المهنة وترد الكرة إلى ملعب السلطات حين تقول إن الأخيرة تنقل بدورها معلومات غير دقيقة كما كان الشأن بالنسبة لأحداث هجوم باردو حيث نقل المسؤولون معلومات وأرقاما متضاربة وخاطئة.
هذا الجدل يتكرر في تونس منذ أربع سنوات بعد أن أطاحت الثورة في يناير 2011 بدكتاتورية نظام بن علي. هكذا تحول المشهد إلى تبادل للانتقادات والتهم بين الحكومات المتعاقبة والمسؤولين والصحفيين. فالمسؤولون يتهمون الصحافة بالانحراف عن مسارها ورجال الإعلام يردون بكون السلطات تفتقد إلى الشفافية.
من بين الانزلاقات قيام بعض وسائل الإعلام في صيف 2013 ببث صور لجثت جنود ضحايا كمين نصبهم مقاتلون متطرفون من دون إخضاعها للمونتاج.
وزارة الداخلية التونسية استنكرت ما حدثت معتبرة أن حرية الصحافة لا ينبغي أن تتحول ذريعة لجرح مشاعر المشاهدين وأهالي الضحايا. الوزارة ذهبت أبعد من ذلك لتؤكد أن بعد الانزلاقات التي يقدم عليها الصحفيون قد تتحول من دون وعي منهم إلى دعاية لصالح “الإرهاب” مثل القول بأن العناصر المتطرفة تحقق انتصارات وأن قوات الأمن والجيش قد انهزمت.
المسؤولون الأمنيون ونقابات الشرطة دخلوا على الخط من خلال دعوتهم للإعلام للانخراط في الحرب ضد الإرهاب وتقديم مصلحة الوطن على السبق الصحفي.
بيد أن منظمات عاملة في مجال حرية الصحافة ترى في ذلك دعوة خطيرة لأن “الصحفي ليس من مهمته أن يكون جزءا من الاستراتيجية التواصلية للحكومة” أو يخوض “حربا بالوكالة” حتى ولو كان عن الحكومة.
بالمقابل، يرى رجال الإعلام أن الجسم الصحفي عليه أن يساهم في ترسيخ مجموعة من القيم والمبادئ ومن بينها التصدي “للإرهاب”.
هذا لم يمنع بعض الصحفيين بالقيام بنقد ذاتي وتوجيه الدعوة لزملائهم لتحري الدقة أكثر من أجل عدم توفير ذريعة للسلطات لسن تشريعات تضايق على حرية الصحافة بدعوى كثرة المطبات التي يسقط فيها الصحفيون.
اقرأ أيضا
مطالب نقابية للحكومة بفتح باب الحوار لحل أزمة المحامين
طالبت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، وزير العدل عبداللطيف وهبي بايجاد طريق للحوار والتواصل واحترام …
تونس.. أحزاب المعارضة تتكثل لمواجهة نظام قيس سعيد
تسعى ائتلافات أحزاب المعارضة في تونس إلى توحيد مساراتها وخلق أرضية تحرك مشتركة في مواجهة نظام الرئيس قيس سعيد إثر نجاحه في تجديد عهدته الرئاسية لولاية جديدة في انتخابات الرئاسة في أكتوبر الماضي.
الحكومة: كلفة الحوار الاجتماعي بلغت 45 مليار درهم
بلغت كلفة الحوار الاجتماعي الذي أطلقته الحكومة منذ تعيينها واستفادت من اتفاقاته شرائح مهنية عديدة، 45 مليار درهم.