حلت ذكرى استقلال ليبيا، اليوم 24 ديسمبر، والبلاد ما تزال أسيرة لصراعات داخلية التي تتخذ طابعا مسلحا أدخل البلاد في شبه حرب أهلية هي آخر فصول الانفلات الأمني الذي طبع ثلاث سنوات من فترة ما بعد سقوط نظام القذافي.
وكتبت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية أنه كان من المفترض أن يكون هذا اليوم يوما خاصا بالنسبة إلى ليبيا وأن يشهد تقديم المجلس التأسيسي مسودة للدستور المستقبلي.
وضع دستور جديد للبلاد، تقول الجريدة، يتبعه تنظيم انتخابات جديدة هي صيغة من الصيغ الوحيدة التي بإمكانها وضع حد للأزمة التي تعيشها البلاد.
لكن مع مرور الوقت يتأزم الوضع أكثر في ليبيا في الوقت الذي يجد فيه المدنيون أنفسهم أكبر الخاسرين من الصراع الدائر ومعهم الديمقراطية التي حلموا بإقامتهما بعد ثورتهم ضد نظام القذافي.
مئات المدنيين قضوا نحبهم جراء الصراع المسلح الذي يعصف بالبلاد، فيما وجد الآلاف منهم أنفسهم مضطرين لترك منازلهم ومدنهم خوفا من التعرض لمصير مشابه.
حدة الصراع المسلح اشتدت مع فتح كتائب “فجر ليبيا” لجبهة جديدة من خلال شن عملية “الشروق” ضد ميناء “السدرة” النفطي الذي يقع تحت سيطرة مسلحين تحت إمرة إبراهيم جضران.
الخطوة، المدعومة من طرف حكومة عمر الحاسي في طرابلس الغير معترف بها دوليا، اعتبرها أحد المراقبين محاولة من الحكومة والقوات التي تدعمها لانتزاع اعتراف دولي بها، حيث اعتقدت أن السبيل إلى ذلك سيمر عبر السيطرة على موانئ النفط.
وغرب طرابلس اقتربت المعارك من حقل مليته الغازي بين كتائب فجر ليبيا وميليشيات الزنتان المدعومة من قبل قبائل ورشفانة.
أما في بنغازي فتستمر المواجهات بين القوات الموالية للواء خليفة حفتر و”ثوار بنغازي” و”أنصار الشريعة”، وكل طرف يدعي تمثيله للسكان الذي يجدون أنفسهم بين فكي كماشة.
أما مدينة درنة فما تزال تحت سيطرة متطرفين أعلنوا ولاءهم لتنظيم “داعش” وهو ما يعزز المخاوف بخصوص تحول ليبيا إلى وكر للجماعات المتطرفة على النمط “الداعشي”.
مثل هاته الجماعات ذكر مرارا أنها أصبحت تتخذ من الجنوب الليبي ملاذا لها، على شاكلة تنظيم “الموقعون بالدم” بقيادة الجهادي الجزائري مختار بلمختار، وحيث تحولت المنطقة الشاسعة إلى حلبة لصراع مسلح أطرافه متعددة، بحيث تجمع قبائل التبو والطوارق وعناصر تنظيم أنصار الدين والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.