هل ينبغي نشر قوات دولية في ليبيا من أجل عودة الاستقرار للبلاد؟

في الوقت الذي ما تزال فيه لغة السلاح طاغية على لغة الحوار في ليبيا، يتساءل عدد من المراقبين الغربيين إذا ما كان التدخل العسكري مجددا هو الحل المتبقي من أجل وقف نزيف الدم المستمر منذ مدة، وإعادة البلاد إلى مسار سكة الانتقال الديمقراطي.
في نهاية الشهر المنصرم اجتمع المبعوثون الخاصون بشأن ليبيا في باريس وأصدروا بيانا تضمن توصيات من بينها دعم الحكومة المنتخبة، على أن تكون هاته الأخيرة ممثلة لجميع الأطراف، كما وجه دعوة إلى الميليشيات من أجل وقف الاقتتال وطالب الأمم المتحدة بالإشراف على حوار شامل بين المجموعات المتصارعة.
الباحث الأمريكي ديرك فانديوالي يرى أن ما تحتاجه ليبيا اليوم هو إرسال قوات سلام أوروبية تقوم بحماية الحكومة المنتخبة والهشة من تهديد الجماعات المسلحة من أجل السماح لها ببناء مؤسسات الدولة.
فانديوالي، في مقال له بصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أكد أن ليبيا اليوم على شفير حرب أهلية وأن الفوضى التي تعيشها تهدد استقرار المنطقة برمتها. الحوار، يقول الكاتب، لم يعد ممكنا اليوم، ومهما تعددت الجهود الدبلوماسية فإنها لن تتمكن من بعث الروح فيه.
“وحده وجود قوات حفظ سلام دولية يمكنه أن يحدث الفارق اليوم”، يقول صاحب المقال، مضيفا أن هذا الخيار سيصطدم لا محالة بالفيتو الروسي وبالتحفظ الأمريكي حيث لا تحبذ إدارة الرئيس أوباما إرسال قوات ميدانية في الوقت الذي تستعد فيه للخروج من أفغانستان وإرسال قوات للعراق لتدريب عناصر الجيش العراقي من أجل وقف تقدم متطرفي “داعش”.
وبالتالي فإن مهمة إرسال قوات حفظ سلام هي الآن بيد الدول الأوروبية بالنظر إلى مصالحها الاقتصادية والسياسية القديمة في شمال إفريقيا، وكذا المخاوف التي تنتابها بخصوص مشكل الهجرة القادمة من ليبيا. هاته الدول، يقول الكاتب، هي من سيخسر أكثر إذا ما انهارت ليبيا.
الدول الأوروبية كانت تشكل رأس الحربة إبان التدخل الدولي في ليبيا عام 2011، فيما اقتصر الانخراط الأمريكي على تقديم دعم لوجستي واستخباراتي، وبالتالي فإن على هاته الدول أن تكون أول من يتحرك في ليبيا هاته المرة، خصوصا وأن الرئيس الفرنسي ووزير دفاعه دعيا سابقا إلى تدخل دولي في ليبيا.
هاته القوات الدولية ستكون مهمتها الأولى هو حماية الحكومة المنتخبة بطبرق والمعترف بها دوليا، وكذا حماية مؤسسات الدولة والبنى التحتية الحيوية، بالإضافة إلى الحيلولة دون تنقل الميليشيات إلى الأراضي التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة المنافسة والعمل كذلك على ضبط حركة مرور الأسلحة.
وبالرغم من أن مساحة الأراضي الليبية شاسعة للغاية، إلا أن تمركز القوات الدولية، يقول ديرك فانديوالي، يمكن أن يقتصر على الشريط الساحلي حيث توجد المؤسسات الحكومية الرئيسية مما يعني أن ذلك سيتطلب نشر بضعة آلاف من الجنود فقط.
كاتب المقال اعتبر أنه منذ انتهاء الصراع ضد نظام القذافي عام 2011 كانت الحكومات المتعاقبة في ليبيا متلكئة في طلب المساعدة الدولية لأنها كانت تعتقد أنها يمكن أن تدبر الأمور بنفسها أو كانت تخشى من أن الدعم الخارجي سيضعف شرعيتها في أعين الليبيين.
بيد أن هذا المعطى قد تغير في الصيف المنصرم عندما عبر عدد من أعضاء من المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب عن اعتقادهم بأن التدخل الخارجي قد يكون هو الحل الوحيد من أجل الإبقاء على وحدة ليبيا.
تشكيل هاته القوات سيكون مهمة صعبة بالنسبة لأوروبا ومكلفا اقتصاديا وسياسيا، بيد أن البدائل المطروحة هي أسوأ، لأن استمرار دعم الحوار لن يفضي إلى شيء وبالتالي سيستمر الاقتتال في ليبيا وهو ما يعني مزيدا من عدم الاستقرار في منطقة المغرب الكبير والساحل وتنامي حركة التهريب والهجرة السرية.
هنا تجد أوروبا نفسه أمام خيارين، إما اتخاذ قرار حازم أو تحمل تكلفة وجود دولة عربية أخرى “فاشلة” قريبا من حدودها.

اقرأ أيضا

وزير الخارجية الإسباني: علاقاتنا الممتازة مع المغرب مفيدة لكلا البلدين

قال وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، اليوم الأربعاء، أمام مجلس النواب الإسباني، إن “علاقاتنا الممتازة مع المغرب مفيدة لكلا البلدين”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *