بعد اكتمال مسلسل الإطاحة بالزعيم الليبي الراحل، العقيد معمر القذافي، بعد أشهر من القتال على الأرض بين مقاتليه والثوار الذي استفادوا من الغطاء الجوي لحلف “الناتو“، تحولت مدينة سرت، على الشريط الساحلي الليبي، إلى واحدة من المناطق المغضوب عليها من قبل حكام ليبيا الجدد.
فالمدينة كانت معقلا للقذافي ومسقط رأسه، وبالتالي كان من المتوقع أن تسود حالة من الحنق داخل سرت ضد من ثاروا ضد الزعيم الليبي وفرضوا على المدينة وسكانها أن يصبحوا على الهامش بعد الحظوة التي استفادوا منها أيام حكم العقيد.
تنظيم “داعش”، الذي بنى مشروعيته داخل العراق على دعم العشائر السنية الغاضبة من السياسة الطائفة لحكومة نوري المالكي، استفاد من الوضع في سرت التي حولها إلى معقله الرئيسي، خصوصا بعد أن تم طرده من مدينة درنة على يد الموالين لتنظيم “القاعدة“.
سرت تحولت مؤخرا إلى مركز اهتمام العديدين عند الحديث عن ليبيا، حيث أثيرت مسألة تحرير المدينة من قبضة “داعش” في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن تحرير الموصل، عاصمة التنظيم في العراق.
الأمر لم يقتصر على مجرد الكلام على ما يبدو، حيث نشرت صحيفة Libération الفرنسية مقالا تحدث في الكاتبان سيليان ماسي وماتيو غالتيي عن وجود تحركات عسكرية غرب المدينة لقوات موالية للجنرال خليفة حفتر، في حين أقامت كتائب مصراتة في الشرق قبل أشهر معسكرا على بعد مئة كلم تقريبا من المدينة.
الهجوم على سرت يبدو قريبا، تقول الصحيفة الفرنسية، لكن السؤال يبقى حول من سيعطي انطلاقة المعركة.
الانقسام السائد في البلاد، يجعل التحليلات تصب في اتجاه توقع أن لا تتوحد الأطراف المتناحرة حول هدف تحرير سرت، وأن يسعى كل طرف إلى خوض المغامرة وحيدا للبرهنة على أنه قادر على القيام بالمهمة لوحده.
لذلك، اعتبرت الجريدة الفرنسية أن الهجوم المحتمل لاستعادة المدينة من قبضة “داعش” قد يكون فرصة كبيرة لإعادة بناء ليبيا من خلال توحد الأطراف المتصارعة، أو أنه قد يكون على العكس من ذلك بحيث يعيد إشعال فتيل النزاع بين شرق البلاد وغربها.