كغيرها من دول المغرب الكبير، تحولت الجزائر خلال السنوات الماضية بالنسبة إلى المهاجرين السود من دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى نقطة استقرار بعد فشل سعيهم في الوصول إلى “الإلدورادو” الأوروبي.
رؤية العديد من هؤلاء وهو يتسولون، مرتدين ملابس رثة، على الطرقات، أصبح مشهدا مألوفا. لكن المثير أنه لاستدرار عطف الجزائريين، يقوم هؤلاء المهاجرين السود بترديد عبارات دينية، حتى لو لم يكونوا مسلمين، مقابل الحصول على “الصدقة”.
الكاتب الجزائري المثير للجدل، كمال داود، استفزه هذا الواقع حيث كتب عنه مقالا مطولا وجد صداه عند صحيفة International New York Times المرموقة، والتي نشرته بثلاثة لغات، الفرنسية حيث كتب في الأصل، بالإضافة إلى الإنجليزية والعربية.
داود اعتبر أن العنصرية تجاه المهاجرين السود في الجزائر تتشح بلبوس ديني، كما هي الشأن بالنسبة للعنصرية في أوروبا، والتي تقوم على أساس لون البشرة.
هذان الصنفان من العنصرية يرتبطان ببعضهما. ففي الوقت الذي يقدم فيه الغربي على رفض العربي، يقوم هذا الأخير بدوره برفض الأسود، ما يعطي لحالة الرفض العنصرية هاته تأثير لعبة الدومينو.
العلاقة مع الإفريقي الأسود في الجزائر، والتي كانت قائمة على البعد في السنوات الماضية، فإنها تحولت بعد ذلك إلى رفض كلي.
صاحب رواية “ميرسو، تحقيق مضاد”، والذي أغضب المسلمين وعددا من المثقفين في فرنسا بعد اتهامه بتزكية الأفكار النمطية ضد المسلمين عن طريق مقالاته، انتقد الخطاب الإعلامي السائد في العالم العربي بخصوص تعامل أوروبا العنصري مع المهاجرين، والذي يقدم تصورا اختزاليا وكاذبا للوضع حسب رأيه، في حين تسود في بلداننا تحليلات حول الخطر الذي يمثله السود شبيهة بخطاب حركة “كلو كلوكس كلان” العنصرية الشهيرة بالولايات المتحدة.
في مقاله الذي “حاكم” فيه العنصرية تجاه المهاجرين السود في الجزائر، استشهد الكاتب والروائي بأحداث وقعت، مثل اغتصاب جماعي لمهاجرة كاميرونية ومواجهات بين جزائريين ومهاجرين من النيجر انتهت بطرد هؤلاء خارج ورغلة جنوب البلاد، ليقول إن رهاب الأجانب السائد في بلده، والمصحوب بموجة عنف غير مسبوق، لا يستفز أي إدانة جماعية، تبقى محصورة فقط للتنديد بعنصرية الغرب.
إقرأ أيضا: “الأيام الأخيرة لمحمد”..هالة وردي تقدم كتابها المثير للجدل بتونس