مقدمة:
شكلت حركات الاحتجاج الشبابية-على اختلاف توجهاتها-أحد أهم الفاعلين المحركين للأحداث والتفاعلات السياسية في البلدان العربية خلال السنوات الأربع الماضية التي شهدت حالة الحراك السياسي/ الاجتماعي فيما عرف بـ “الربيع العربي”، لاسيما في كل من تونس، مصر، اليمن، ليبيا، سوريا. وعلى الرغم من اختلاف الأوزان النسبية لهذه الحركات بين مختلف دول المنطقة إلا أنه يمكن القول أن هذه الحركات تتفق في كونها بدأت تشهد حالة من خفوت النجم الذي وصل إلى حد الانزواء التام في بعض الحالات.
وهناك العديد من المؤشرات على أن حركات الاحتجاج الشبابية في غالبية الدول العربية تتجه -وإن بخطوات وئيدة- نحو الانحسار الذي يختلف في مقداره واتجاهه من حالة إلى أخرى.الأمر الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام حول المصير الذي ينتظر هذه الحركات في المستقبل المنظور وتأثيرات ذلك على العملية السياسية في المنطقة العربية؟
أولاً: مشكلة الدراسة وتساؤلاتها وأهدافها:
تعنى هذه الدراسة بشكل أساسي بحركات الاحتجاج الشبابية كفاعل رئيس في العملية السياسية في الدول العربية، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول واقع هذه الظاهرة ومستقبلها، من قبيل: ما ملامح البيئة السياسية التي تتحرك فيها حركات الاحتجاج الشبابية في اللحظة الراهنة؟ هل تعاني حركات الاحتجاج الشبابية من أزمة ما وما ملامح التأزم إن وجدت؟ ما العوامل التي ترسم ملامح مستقبل حركات الاحتجاج الشبابية في الدول العربية؟ وما التأثيرات المحتملة لذلك على مستقبل هذه الحركات وما السيناريوهات التي تنتظرها؟
وتهدف هذه الدراسة إلى محاولة استشراف السيناريوهات المحتملة للبدائل التي تنتظر هذه الحركات في المستقبل القريب، وذلك من خلال الاسترشاد بواقعها وبالملامح الرئيسة للعمليات السياسية في غالبية الدول العربية في الوقت الراهن والتي تشكل الإطار العام الذي تتحرك فيه هذه الحركات تأثيرا وتأثرا.
ثانياً: أهمّية الدّراسة:
تنبع أهمية هذه الدراسة من أهمية الظاهرة التي تسعى لاستكشاف واقعها ومستقبلها، أي ظاهرة حركات الاحتجاج الشبابية. فقد كانت تلك الحركات أحد الأدوات الرئيسة للحراك الذي شهدته المنطقة العربية خلال الأعوام الماضية والذي وصل إلى حد تغيير نظم الحكم في بعض هذه الدول. ومن ثم، فإن مستقبل هذه الحركات ربما يكون أحد العوامل التي ستحدد مستقبل التفاعلات السياسية في مجمل المنطقة. الأمر الذي يفرض محاولة الوقوف على واقع تلك الجماعات والعوامل المؤثرة فيها والسيناريوهات المستقبلية التي تنتظرها.
ثالثاً: الإطار المنهجي للدراسة:
يرتبط الإطار المنهجي للدراسة بمحددين أساسيين هما المفاهيم الأساسية للدراسة، فضلا عن المنهجية التي يتم من خلالها القيام بعملية البحث:
1ـ مفاهيم الدراسة:
تدور الدراسة بشكل رئيس حول مفهوم “حركات الاحتجاج”، ويقصد بها عادة تنظيم اجتماعي له هياكله ومؤسساته التنظيمية يعبر عن الفئات المهمشة داخل المجتمع ويهدف إلى تحقيق أهداف محددة سواء بالطرق السلمية أو اللاسلمية.[1] ولغرض هذه الدراسة سينظر إلى الحركات الاحتجاجية باعتبارها التنظيمات التي تسعى إلى الاعتراض على مجموعة من السياسات العامة باستخدام الاحتجاج كآلية رئيسية لإيصال مطالبها، سواء بشكل سلمي أو عنيف. وبهذا المعنى، فإنها تختلف عن الأحزاب السياسية التي تسعى للوصول إلى الحكم من خلال الانتخابات، وتتشابه مع جماعات الضغط التي تستهدف التأثير على قضية معينة.[2]
ونزولا إلى واقع الدول العربية نجد أن عدد الحركات الاجتماعية قد تزايد على نحو ملحوظ في العقدين الأخيرين، منذ الاحتجاجات المناهضة للعولمة التي لم يشهدها الوطن العربي فحسب، بل عايشها العالم بأكمله. وقد تصورت الأنظمة السياسية الحاكمة في تلك الفترة أن لديها القدرة علي قمع تلك الاحتجاجات أو تسويف مطالبها، ولم يتوقع سوى البعض أن ازدياد وطأة وعدد الحركات الاجتماعية الاحتجاجية سوف يسفر عن ثورة، وأن يتم الانتقال من المطالب الاقتصادية السياسية الجزئية إلي ثورة، وإلي سعي الجماهير لإسقاط الأنظمة.فقد اتسعت القاعدة الجماهيرية المطالبة بالتغيير من أعضاء الحركات الاحتجاجية إلى معظم فئات الشعب التي اتخذت من الشارع موقعا لها ومجالا للتعبير عن آرائها ومطالبها، وحدث انتقال من الحركات الاجتماعية المطلبية التي كانت تركز علي المطالب الفئوية إلى الحركات الاجتماعية السياسية، التي لم تقتصر على إصلاحات سياسية جزئية، بل تغييرات جذرية شاملة ويمكن تفسير ذلك في ضوء حقيقة أن الممارسات السياسية في غالبية الدول العربية تلفها قيود عدة مما ضيق حجم المشاركة السياسية التقليدية، فجاءت الحركات الاجتماعية لتتجاوز القيود المؤسسية.[3]
2ـ منهجيّة البحث:
تشير الأدبيات إلى وجود ثلاث مداخل رئيسة للاقتراب من ظاهرة الحركات الاحتجاجية:[4]
– المدخل الأول، أو التقليدي للحركات الاحتجاجية يفترض أنه حينما يندمج الأفراد في مجموعات فإنهم يفقدون شخصيتهم ويصبحون عرضة للسلوك اللاعقلاني، ورغم أن سلوك الأفراد قد يشمل شجاعة وتضحية كبيرة من أجل الجماعة ولكن أيضاً يتضمن عنف غير منضبط تجاه من هم خارج الجماعة.
– المدخل الثاني: يسمى بنظرية تعبئة الموارد، وترجع مبررات ظهوره إلى موجات الاحتجاج التي شهدتها فترتي الستينيات والسبعينيات إلتي أدت إلى تحول جذري في النظرة تجاه الحركات الاجتماعية، وكانت النظرية الاقتصادية للعمل الجماعي مصدر إلهام لظهور مدرسة تعبئة الموارد كنظرية جديدة تتناقض مع النظريات التقليدية السابقة في دراسة الحركات الاجتماعية، وبدأت تظهر مصطلحات جديدة وبدأ الحديث عم حركة رجال الأعمال التي أنشأت تنظيمات الحركات الاجتماعية وصناعات الحركات الاجتماعية والتي تقدم منتجاتها للزبائن وليس للأفراد المحبطين غير العاقلين.
-المدخل الثالث: ويركز على هيكل الفرص السياسية انطلاقا من نقد نظرية تعبئة الموارد فيما يتعلق بإغفال البيئة السياسية للحركات الاجتماعية إلى ظهور مفهوم هيكل الفرص السياسية والتي ترى أن الاختلافات في كمية وأنواع نشاط الحركة الاجتماعية يُفسر بالاختلافات في السياق (المحتوى) السياسي الذي تواجهه. بيد أن هناك آراء ترى أن أية نظرية حول الحركات الاجتماعية عاجزة بمفردها عن تغطية مجموع المسائل المتعلقة بتلك الظاهرة. ومن ثم تسعى الدراسة لوضع مجمل هذه المداخل في الاعتبار.
رابعاً: تقسيم الدراسة:
تم تقسيم الدراسة إلى المحاور التالية:
المحور الأول: واقع حركات الاحتجاج الشبابية في المنطقة العربية
المحور الثاني: محددات مستقبل حركات الاحتجاج الشبابية في المنطقة العربية
المحور الثالث: البدائل والمسارات المحتملة والسيناريوهات الأكثر ترجيحا.
خاتمة: نحو برنامج تنفيذي للحركات الشبابية والنظم الحاكمة.
المحور الأول: واقع حركات الاحتجاج الشبابية في المنطقة العربية:
بعد مرور سنوات أربع من عمر الربيع العربي يمكن رسم صورة عامة لواقع حركات الاحتجاج ذات الطابع الثوري في الدول العربية من خلال التعرض لعدد من النقاط لعل أهمها،طبيعة المشهد السياسي والمجتمعي فيما يخص وجود وعمل هذه الحركات، طبوغرافيا حركات الاحتجاج الشبابية في اللحظة الراهنة، وأخيرا أهم ملامح التأزم والتحديات التي تواجهها.
أولاً: المحددات السياسية لدور حركات الاحتجاج الشبابية
دخلت العملية السياسية في غالبية دول الربيع العربي إلى مرحلة جديدة تغيرت فيها الكثير من قواعد اللعبة السياسية، على نحو يترك آثار عدة على قدرة حركات الاحتجاج الشبابية على الفعل. ومن أهم هذه المتغيرات، إخفاق الجهود والمحاولات للاحتكام إلى الإجراءات الديمقراطية، في ظل سعي أطراف المعادلة السياسية إلى إقصاء الآخر والانفراد بالسلطة، إلى جانب عودة المؤسسة العسكرية إلى لعب دور مهم في مرحلة ما بعد الثورات، ما أدخل المنطقة في إشكالية العلاقة بين المدنيين والعسكريين، ومدى اقتناع المؤسسة العسكرية بالقيم الديمقراطية، والالتزام بالنهج الديمقراطي الذي قامت الثورةُ من أجل تحقيقه.[5]
في هذا المناخ، بدأت عملية إعادة إنتاج بعض وجوه النخب السياسية القديمة، التي قامت ثورات الربيع العربي ضدها في المقام الأول، باعتبارهم الأكثر دراية بكيفية إدارة شئون البلاد، بعد ما خَبَرَته من فشل واضح في الفترة السابقة.[6]
في السياق ذاته،أسهمت الثوّرات العربيّة في إسناد ودعم القوى الأكثر تطرفا وخاصة القوى الجهادية، وتنظيم القاعدة حيث قويت شوكته في ليبيا- مصر- سوريا- اليمن- وتعزز وجوده في دول أخرى مثل العراق- لبنان، في حين ضعفت شوكته في دول الخليج.[7]
بعبارة أخرى، تشهد غالبية دول المنطقة غيابا للاستقرار والأمن، مما مكَّن التنظيمات الإرهابية والمنظمات الجهادية من أن تجد مَوْطِئ قدم لها لتهديد استقرار المنطقة، فقد استفادت المنظمات الإرهابية من حالة السيولة الأمنية في عديد من دول الربيع العربي لتنشط من جديد في المنطقة، مستغلة تلك الحالة لتعلن عن وجودها، وتؤكد فاعليتها لتصبح لاعبًا رئيسيًّا في التحولات التي تشهدها المنطقة بعد سنوات أربع على الثورات العربية.[8]
وقد يسر ذلك تمرير جهود أنظمة الحكم الجديدة في دول الثورات، الهادفة إلى تحجيم دور الحركات الشبابية التي دعت إلى الثورات فيها، وشملت هذه الأساليب التشكيك في تمثيل هذه الحركات لكافة فئات الشباب، والمزاوجة في التعامل معها بين استخدام سياسة العصا والجزرة، وتطويع القوانين والتشريعات القائمة لضمان عدم ازدياد الوزن النسبي لهذه الحركات، وأبرزها القوانين المتعلقة بتأسيس الأحزاب السياسية، وتنظيم الانتخابات، وقوانين الإضراب والتظاهر. ولم تجد أنظمة الحكم الجديد صعوبات تذكر لتبرير سياساتها التحجيمية للحركات الشبابية في ظل الرؤية السلبية لدى قطاعات مجتمعية عديدة للدور السياسى للشباب باعتباره قائماً على الاحتجاج المستمر.لاسيما في ظل الدور الذي لعبته وسائل الإعلام في غالبية هذه الدول في تكريس النظرة السلبية للحركات الشبابية خاصة في حال تصادمها مع النظم الحاكمة، إما بسبب سيطرة نظم الحكم على منابر الإعلام، أو وجود شبكات مصالح تحرك الفضائيات الإعلامية بشكل لا يقبل الأصوات المعارضة للنظام، الشبابية منها على الأخص.وفي الحالتين أصبح من السهل وسم معارضى النظم الحاكمة بالخيانة والعمالة وحصول أعضائها على التمويل من أطراف خارجية… إلخ.[9]
ثانياً: حركات الاحتجاج الشبابية: الانتشار والتوزيع
يمكن القول أن السمة الرئيسة لخارطة الحركات والجماعات الثورية في المنطقة العربية في الوقت الراهن هي حالة الميوعة وعدم الاستقرار الشديدين في شبكة الاصطفافات والعلاقات بين هذه الحركات وبعضها البعض من جهة، وعلاقاتها بالقوى السياسية والفاعلين السياسيين الآخرين من جهة أخرى.وبصفة عامة لعبت الأحزاب والقوى السياسية المنظمة أدوارًا سلبية تجاه حركات الشباب؛ حيث صدرت النخب التقليدية في مصر وتونس إلى هذه الحركات الاستقطاب الديني-المدني، وفي اليمن وليبيا الاستقطاب القبلي-العشائري، مما أدى إلى تعدد أولوياتهم، وانخراطهم في صراعات حادة.ففي مصر، بعد 30 يونيو 2013، كان على حركات الاحتجاج الشبابية إعادة ترسيم اصطفافاتها أكثر من مرة مع حرص بعض القوى والحركات على البقاء على مسافة قريبة من السلطة أمثال (حزب الوفد – المؤتمر – المصري الديمقرطي – النور السلفي وغيرها) في حين أبدت أحزاب وحركات (الدستور – مصر القوية – 6 إبريل – التيار الشعبي وغيرها أيضا) تحفظها واستيائها من السلطة. وكان الإخوان طوال قرابة عام ونصف العدو اللدود للسلطة، وأنصارها أيضا الذين انشق أغلبهم عنها (الوسط – الاستقلال – الجبهة السلفية) في أوقات متلاحقة مع استمرار السياسات الإخوانية.[10]
وفي تونس، فقد حاول بعض قادة جبهة الإنقاذ المعارضة الرهان على الشباب لإسقاط حزب النهضة في تظاهرات 2013، غير أنهم عادوا لاحقًا وأقروا -وفق تعبير أحد القيادات- بتضاؤل تأثير ورقة “تهييج الشارع والشباب حول مطالب سياسية وحزبية، وضرورة التفكير في سيناريوهات بديلة لتحقيق هدف إسقاط الإسلاميين وحلفائهم من الحكم”.[11]
كما أدى تغير أسس تشكيل هذه التحالفات بين الحركات على أسس طائفية وقبلية (كما هو الحال في اليمن وليبيا) إلى تغير في مطالبها. ففي حالة اليمن، ترتب على توقيع المبادرة الخليجية تخلي حركة 16 فبراير – مثلا- عن مطلب إسقاط النظام، وإعلان انضمامها إلى قوى الحراك الجنوبي المطالبة باستقلال الجنوب. وفي حالة ليبيا انخرط كثير من الشباب في الميليشيات المكونة على أسس قبلية وعشائرية، وهو ما أدى إلى تفتت الحركات الشبابية القائمة، وعدم قيامها بأي دور في تشكيل مستقبل ليبيا. [12]
أما السمة الأخرى، فهي صعود نجم الحركة الطلابية من مختلف التوجهات الأيديولوجية والفكرية، وقد تجلى ذلك بشكل خاص في مصر مع بداية العام الدراسي (2014/ 2015) عبر النشاط الواضح للحراك الطلابي في صورة فعاليات مكثفة يرتبط بعضها بضروريات الحياة الطلابية، فيما يرتبط بعضها بالشأن العام والنشاط السياسي عبر توعية الشباب بمشاركتهم السياسية لإخراج جيل قادر على المشاركة في اتحاد الطلاب بالجامعة والقيادة والبرلمان في حياتهم ما بعد الجامعية.[13] ومع تكرار الصدامات بين الفعاليات الطلابية وقوات الأمن في بعض الجامعات (على خلفية بعض القضايا مثل إصدار مجموعة من القوانين والقرارات اعتبرها البعض مقيدة لحرية الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، إلى جانب زيادات كبيرة في مصروفات السكن الجامعي والدراسة وغياب وتطوير الجامعات إلى جانب التعاقد مع إحدى شركات الأمن الخاصة لتأمين الجامعات)، بدا أن هناك توجها لتوحد الطلاب من كافة الحركات والتوجهات طارحين الفروقات السياسية والأيديولوجية جانبا ليتجمعوا حول هدف واحد وهو الإفراج عن المعتقلين ورفع ما وصفوه بـ “القبضة الأمنية” عن الجامعة. وإن ظلت عناك خلافات واضحة تشوب علاقتهم بحركة “طلاب ضد الانقلاب” المؤيدة للإخوان المسلمين. وقد ظهرت بعض الأطر التنظيمية لمأسسة هذا التعاون من خلال الإعلان عن تشكيل “جبهة طريق الثورة”، التي تضم العديد من حركات الاحتجاج الشبابية الرئيسية، مثل حركة 6 أبريل بجبهتيها والاشتراكيين الثوريين وغيرهم. إلى جانب طلاب حزبي مصر القوية والدستور، وإن أكد البعض ان الجبهة تمثل إطارا عامًا يلتف حوله الجميع وليست حركة بالمعنى التقليدي. [14] كما تم الإعلان عن تكوين “إئتلاف طلاب مصر” بمشاركة طلاب حركة مقاومة – طلاب الاشتراكيين الثوريين – طلاب حركه شباب 6 إبريل – طلاب حركة شباب 6 ابريل الجبهة الديمقراطية – طلاب حزب الدستور – طلاب حزب مصر القوية – طلاب حزب مصر الاجتماعي_ طلاب حزب التيار الشعبى – حملة الحرية للطلاب – حملة الجامعة للطلاب – طلاب حزب مصر الحرية – جبهة ثورة الطلاب جامعة طنطا، وذلك بغرض الدفاع عن حقوق الطلاب وتحقيق جامعة حرة ومستقلة ومستوى أكاديمي وخدمي متطور، فضلا عن عدد من المطالب الأخرى مثل الاكتفاء بالأمن الإداري بالجامعات مع العمل على تطويره مع إلغاء التعاقدات مع شركات الأمن الخاصة، وتوجيه كل الملايين التي تنفق على الإجراءات الأمنية إلى دعم الأنشطة الطلابية والثقافية ودعم الكتاب الجامعي، وتعديل اللائحة الطلابية ووضعها بمشاركة أساسية للطلاب وتعديل قانون الجامعات بما يسمح بخلق انتخابات طلابية نزيهة، واختيار القيادات الجامعية بالانتخاب، ويمنح الاتحادات الطلابية الصلاحيات التي تؤهلها لتصبح ممثله للطلاب الذين انتخبوهم.[15]
ثالثاً: الحركات الشبابية: ملامح التأزم والتحديات الذاتية:
تستهل غالبية حركات الاحتجاج الشبابية العربية عامها الخامس بعد الربيع العربي بمجموعة من المثالب والأزمات الذاتية التي تنتقص من قدرتها على العمل السياسي الفعال، من قبيل:
1ـ التأزم الوظيفي:
يمكن القول أن حركات الاحتجاج الشبابية في العالم العربي تواجه في اللحظة الراهنة مأزقا يتعلق بالهدف من وجودها أو الوظائف المفترض بها أن تتولاها. فمع سير عجلة الاستحقاقات السياسية وحرق المراحل الانتقالية تفتقد تلك الحركات لأهدافها، لاسيما وأنها لم تستطع طوال الفترة الممتدة بين عامي2011-2014 تحويل طاقات الرفض الاجتماعي الخلاقة التي تتمتع بدعمها إلى طابعٍ مؤسسي، فلم تُعِدْ تنظيمَ نفسها في شكل أحزاب لخوض الانتخابات بفعل ضعفها المالي، أو أن تنخرط في إطار أحد الأحزاب القائمة ذات الشعبية، أو أن تطور من برامج عمل يستطيع أن يلمسها المواطن، بل اكتفت بطرح مجموعةٍ من الشعارات العامة مثل “عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية”، وانخرطت في مجموعة من الأنشطة التي أفقدتها أي رصيدٍ لها في الشارع، مثل الدعوة المتكررة إلى مليونيات لم يحضرها سوى آلاف المواطنين، والدخول في معارك غير حقيقية ركزت على خلافات الماضي، وفتح كل الملفات مرة واحدة، وهو ما أفقدها تعاطف المواطن العادي.[16]
2ـ حدة الانقسامات البينية:
رغم أن هذه الانقسامات تشهد فترات صعود وهبوط، بيد أنها تظل العنوان العام لتلك الحركات التي اتسمت بالتشرذم والانقسام، وغلبة روح المنافسة والصراع على أنشطتها. ففي حالةِ اليمن، لم تستطع المجموعات الشبابية التي تواجدت في ساحة التغيير في 2011، والتي بلغ عددها 72 مجموعة، تكوين تحالفات أو شبكات تنسيقية دائمة بينهم، وهو ما أدى إلى تهميشهم، وعدم دعوتهم للمشاركة في المحادثات المؤدية إلى المبادرة الخليجية التي تم توقيعها في 23 نوفمبر 2011، والتي شارك فيها بعض أحزاب المعارضة. وكان من أبرز هذه الحركات: حركة 15 يناير الطلابية بجامعة صنعاء، وحركة شباب من أجل التغيير (ارحل) في مدينة تعز، وحركة 3 فبراير (الثورة الشبابية الطلابية) في صنعاء، وحركة 16 فبراير في عدن.[17]
أما في مصر، فقد عاشت حركات الاحتجاج الشبابية/المدنية لحظة مثالية حينما جاءت تغييرات 30 يونيو بناء على دعوة قادتها حركة تمرد الثورية، ودعمتها ما يعرف بالقوى المدنية على اختلاف توجهاتها الفكرية، حتى توقع كثيرون أن يكون ذلك إيذانًا بتولي هذه حركات الاحتجاج الشبابية/المدنية زمام المبادرة في البلاد، لاسيما مع حرصها على الظهور بمظهر القوى الموحدة، وتصعيدها للدكتور البرادعي باعتباره ممثلها الشرعي، إلا أنه سرعان ما بدأت تلك النخبة في الاختلاف حول حدود هامش النفوذ المسموح لها به في أعقاب 30 يونيو، وتعد استقالة د. البرادعي خير مثال على هذا الواقع؛ فقد استقال من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية لاعتراضه على تعامل الحكومة مع فض اعتصام الإسلاميين، مما جعله عرضة للعديد من الانتقادات، التي اعتبرت استقالته تعبيرًا عن يدٍ مرتعشة، فيما اتجهت “جبهة 30 يونيو”، إلى سحب التفويض الذي منحته له كمتحدث باسم ثورة 30 يونيو، للتخلي عن مصر في أشد الأوقات.[18]
بل إن أزمة الانشقاقات الداخلية طالت حركة تمرد ذاتها، وكان اللافت للانتباه السرعة التي ظهرت بها هذه الاختلافات بين صفوف وكوادر الحركة، لاسيما وأن هذه التباينات طالت العديد من القضايا الحيوية، فقد ظهرت الانقسامات بين الأعضاء حول طبيعة الحركة، لاسيما مع تدشين بعض المنشقين عن حركة “تمرد” حملة جديدة باسم “تمرد تصحيح المسار”، بعد إعلان عدد من قيادات الحركة تحول الحملة إلى حركة سياسية.
ويرى أنصار “تصحيح المسار” أن الحملة تعبر عن جموع الشعب المصري وهي أكبر من أي حركات سياسية، فالحركات السياسية تنطوي تحتها وتدخل في الحملة مثلما حدث قبل عزل مرسي عندما أعلنت الحركات السياسية عن تضامنها مع تمرد والاستجابة لدعوتها للنزول إلى الشارع لإسقاطه. وإجمالاً يرى المراقبون أن تحول أي حملة إلى حركة يستلزم تطوير الأهداف، وأن يكون لها برنامج يعرفه الجمهور.فضلا عن الاختلاف حول بعض القضايا الحركية من قبيل التحول إلى حزب سياسي والمشاركة في الانتخابات البرلمانية، ودعم أي من المرشحين المحتملين للرئاسة (قبل إجراء الانتخابات الرئاسية في البلاد في مايو المضي 2014)، فضلا عن حدود ونمط العلاقة مع مؤسسات وقوى الدولة.[19]
وحتى على مستوى أكثر القوى انسجاما أي -القوى الإسلامية- من المتوقع أن تتعرض بعض الحركات الإسلامية العربية إلي هزات داخلية عميقة، عطفا علي الحالة الثورية التي تتطلب تجديدا للبنية التنظيمية والفكرية لهذه الحركات، كي تكون علي مستوى التوقعات والطموحات التي حملتها الثورات العربية للشارع العربي. وقد بدأت بالفعل مؤشرات علي هذه الانقسامات في بعض الحركات، وإن بشكل غير علني حتى الآن. [20]
فعلي سبيل المثال، هناك خلاف متزايد بين قادة حركة النهضة التونسية حول كيفية التعاطي مع المرحلة الجديدة. وهو انقسام يعكس عدم توافق الرؤية بين جناحي الداخل والخارج في الحركة. فالجناح الأول يبدو الأكثر انغلاقا وتحفظا علي تقديم تنازلات، سواء في خطاب الحركة، أو في موقعها الحركي داخل النظام السياسي الجديد، في حين يبدو جناح الخارج أكثر مرونة واستيعابا للحظة الثورية، بحكم احتكاكه بالثقافة الغربية، وقبوله بالتعددية الفكرية والأيديولوجية. أما في مصر، فثمة مؤشرات علي خروج وانسحاب بعض قيادات الجماعة وقواعدها، سواء باتجاه قوي سياسية وحزبية مدنية ناشئة، أو لإرساء تجربة إسلامية جديدة، بعيدا عن التجربة الإخوانية بكل إرثها وتعقيداتها.[21]
وتمتد هذه الانقسامات إلى قسم من حركات الاحتجاج الشبابية الصاعدة، مثل الحركات الطلابية؛ إذ تواجه الحركة الطلابية التونسية معركة الانقسام والاختلاف بين مكوناتها الأساسية في السنوات الثلاث الماضية، وكانت الجامعات التونسية مسرحاً لتنافس حادّ بين طلبة “الاتحاد العام لطلبة تونس”، وطلبة “الاتحاد العام التونسي للطلبة”، وتمثّل هاتان المنظمتان العريقتان، المحسوبة أولاهما على اليسار التونسي وثانيتهما على حركة النهضة الإسلامية، العمود الفقري للحركة الطلابية التونسية. بل تصل حدة الاستقطاب بين مكونات الحركة الطلابية التونسية إلى حدّ خوف مشترك من تنظيم نشاطات خشية اندلاع العنف، لاسيما وأن الساحة الطلابية شهدت سلسلة صدامات بين طلبة الاتحادين، مثل مواجهات رقادة في القيروان وسبقتها مواجهات في جامعات المنار ومنوبة عام 2013.[22]
3ـ النخبوية وضعف الخبرة:
تعد تلك السمة من أبرز المثالب التي تعتور حركات الاحتجاج الشبابية العربية،خاصة في ظل محدودية حركات الاحتجاج الشبابية وعدم امتلاكها لأي قواعد شعبية رغم محاولاتها المحسوبة للخروج للشارع وحشد المواطنين وهو ما لا يلقي أي صدي لدي فئات الشباب أنفسهم بعدما تأكد أنها لا تملك مشروعاً ولا رؤية.كما أنها لا تعبر عن الفئات الشعبية للشباب وإنما تعبر عن فئة محدودة جداً من النخب الاجتماعية. وقد تجسدت هذه الأزمة في المشهد المصري في انتخابات الرئاسة – 2014- مع المرشح حمدين صباحي الذي طالما أكد أن تلك الحركات هي ظهيره الشعبي، وثبت أن هذه القواعد لا يمكنها أن تغير موازين القوى في المجتمع المصري.[23]
ويعزو المراقبون ذلك لأسباب عدة منها الانقسامات الداخلية (تنظيمية أو فكرية أو أيديولوجية)، أو لعدم قدرة تلك الحركات على التنظيم والحشد والتغلغل في المجتمع والنزول إلى الشارع، أو تحت وطأة ضغوط أمنية تهدف إلى الملاحقة، أو ضيق ذات اليد، حيث عدم القدرة على تمويل التحركات والاجتماعات، فضلا عن الخلل في رؤية تلك الحركات وعدم إدراك كوادرها لطبيعة الرأي العام وتقلباته في العالم العربي، وضعف قدرتهم على إيجاد صيغة للتوازن المطلوب بين الدفاع عن القيم الليبرالية من جانب، والأخذ في الاعتبار الظروف المحلية التي تمر بها بلدانهم من جانب آخر.بيد أنه وبصرف النظر عن الأسباب الآخذة في العصف بالكيانات الثورية، فإن مربط الفرس يظل كامناً في قلة الخبرة التي لا تبنى بين ليلة وضحاها، والتي تحتاج إلى الكثير من العمل الدءوب لبنائها.[24]
4ـ الاختراق الأمني:
شهدت الآونة الأخيرة بروز العديد من علامات الاستفهام حول مدى صحة ما يثار بشأن اختراق الأجهزة الأمنية للحركات الشبابية في الدول العربية، ووجود أعضاء تابعين للأمن داخل هياكل هذه الحركات. وقد انعكس ذلك بشكل خاص في حالة مصر،مع دعوة عدد من حركات الاحتجاج الشبابية لمسيرات اعتراضا على براءة الرئيس الأسبق، حسني مبارك، بالتزامن مع ذكرى أحداث الاتحادية، إلا أنها اضطرت لإلغائها بسبب تواجد قوات الأمن في أماكن التجمعات التي كانت سرية ولم يتم الإعلان عنها.ومع تكرر هذه الأحداث بدا أن هناك تأكيد على اختراق الأجهزة الأمنية للحركات الشبابية وتجمعات النشطاء السياسيين.[25]
المحور الثاني: محددات مستقبل حركات الاحتجاج الشبابية العربية:
هناك عدد من المتغيرات التي يتوقع أن يشكل التفاعل فيما بينها اتجاه وطبيعة مستقبل حركات الاحتجاج الشبابية في المنطقة العربية في المستقبل – إن إيجابا أو سلبا-. ومع تنوع هذه العوامل يمكن لغرض البحث ضمها في محاور على النحو التالي:
1ـ قدرة تلك الحركات على تطوير والتوافق بشأن ميكانيزمات العمل:
إذ يبدو أن حركات الاحتجاج الشبابية في العالم العربي بحاجة للبحث عن آليات عمل جديدة، تمكنها من التواجد الفعال على الساحة السياسية، لاسيما بعدما تراجعت الأهمية النسبية للتظاهرات كوسيلة للتعبير عن الرأي والاحتجاج.وحتى في حالة الأحداث التي اعتبر البعض أنها ستشهد إجماعا على مقبولية الخروج للشارع تعبيرا عن رفضها، كانت ردود الأفعال إزائها مثارا للجدل بين حركات الاحتجاج الشبابية،ففي مصر ووسط التنديدات التي شاهدتها الساحة السياسية عقب صدور حكم براءة الرئيس الأسبق حسني مبارك ونجليه، ووزير داخليته وأعوانه الستة،دعت بعض حركات الاحتجاج الشبابية للتظاهر، ومنها حركة شباب 6 إبريل، التي دعت للمشاركة تحت شعار “العودة للميدان تبدأ الآن”، مع التأكيد على التظاهرات ستكون سلمية، وأنها تهدف إلى تحقيق أهداف الثورة التي لم تحقق حتى الآن. بيد أن حركات أخرى مثل حركة تمرد أكدت أنها لن تشارك بأي تظاهرات في المرحلة القادمة، وأنه لا يوجد داعي لأي تظاهرات خلال هذه المرحلة، حيث أن الدولة ما زالت تعاني من الأزمات التي تهدد استقرارها وأمنها. [26] وفي مصر أيضا اتجهت بعض القوى الثورية للإعراب عن رفضها لقانون التظاهر والمطالبة بالإفراج عن المحبوسين احتياطياً منذ أشهر أو عن المعتقلين سياسياً -من وجهة نظر البعض-، من خلال ما يعرف بمعركة الأمعاء الخاوية من خلال حملة «جبنا آخرنا» مستخدمة الإضراب عن الطعام أو الترويج له وسيلة مقاومة سلمية ومعارضة ضد الإجراءات التعسفية من وجهة نظرهم التي تتخذها السلطة الحالية.[27] ولا يعنى ذلك أن التفكير فى تبنى هذه الإستراتيجيات المختلفة كان موضوعًا للتوافق بين أعضاء هذه التنظيمات، بل كان مصدرًا للجدل بل وللخلاف الداخلي. ففى أغلب هذه التنظيمات يوجد اختلاف فى المواقف وشد وجذب بين قطبين أو جناحين، الأول يدفع لمقاطعة المسار السياسى واستحقاقاته المختلفة أو يحاول دفع هذه التنظيمات نحو المشاركة الرسمية فى الفاعليات الاحتجاجية المختلفة. أما الثاني، فيدفع من ناحية، للتركيز على البناء الداخلي، ومن ناحية أخري، يحاول توجيه الحركات وأعضائها نحو إعطاء الأولوية لبناء الكوادر والمشاركة فى الاستحقاقات الانتخابية على غرار انتخابات النقابات المهنية المختلفة، وخاصة انتخابات المحليات القادمة التى أعطى فيها الدستور الجديد نسبة 25 %من المقاعد للشباب (تحت 35 سنة(.[28]
2ـ اتجاهات سير الاستحقاقات السياسية:
حيث يمكن القول بأن مضي الدول العربية قدما في الانتهاء من استحقاقات المراحل الانتقالية وبناء مؤسسات الدولة وأطرها الدستورية والقانونية يدفع باتجاه التأكيد على انتهاء مرحلة الحراك الثوري ومن ثم الحاجة للحركات الشبابية بشكلها التقليدي أو الحالي. لاسيما في الحالات التي تؤدي فيها مثل هذه الاستحقاقات إلى عودة وجوه من النخب القديمة إلى واجهة المشهد السياسي؛ ففي تونس كانت مفاجأة حركات الاحتجاج الشبابية كبيرةبعد فوز “حزب التجمع الدستوري الديمقراطي” بنسبة متقدمة في الانتخابات التشريعية الأخيرة. هذا الفوز جاء بعد عودة كل رموز النظام القديم من الخارج وتأسيسهم أحزابا وتيارات سياسية وجمعيات بمباركة حركة النهضة نفسها المحسوبة على التيار الإسلامي.خاصة في ظل فوز هذا الحزب بأغلب المقاعد في المناطق الفقيرة المهمشة الأشبه بالمخيمات في أحزمة الفقر التي تلف أغلب المدن والأرياف التونسية.[29]
3ـ طبيعة ونمط العلاقات مع السلطات/ النظم الحاكمة:
تشكل علاقة حركات الاحتجاج الشبابية بالدولة ومؤسساتها أحد أهم العوامل التي يتوقع أن تؤثر على مستقبل هذه الحركات في الفترة القادمة. وفي واقع الأمر تعد مسألة التنسيق السياسي مع سلطات إدارة البلاد من القضايا الإشكالية التي سببت انقسامات جوهرية بين منتسبي حركات الاحتجاج الشبابية حتى في أكثر اللحظات الثورية مثالية، مثل اللحظة التي تلت 30 يونيو 2013 في مصر، إذ انقسم أعضاء تمرد بين فريقين يرى أحدهما أنه لابد لفصائل الثورة أن تضع لنفسها خطة وتتحول من الاندفاع الثوري إلى الحكمة، وأنه من الممكن أن تكون هناك شراكة في مرحلة ما بين القوى الثورية والسلطة السياسية حتى تصل البلاد لمرحلة الاستقرار.ولكن في مواجهة تلك الرؤى اعتبر بعض أعضاء تمرد أن تحالف بعض مؤسسي الحركة مع النظام الحالي وموافقتهم على كل ما يفعله كان من ضمن الأسباب الرئيسية التي أدت لانشقاقهم. [30]
إن حركات الاحتجاج الشبابية في الدول العربية نشأت بالأساس كفاعليات مضادة لسياسات النظم الحاكمة وممارسات الدول،وهو ما حدث فى كل أحداث الربيع العربي في تونس وليبيا واليمن وسوريا، وفي الموجة الثورية الأولى في مصر في 25 يناير 2011. بيد أن تحولات 30 يونيو 2013 في مصر دشنت لمرحلة جديدة من علاقة هذه الحركات بمؤسسات الدولة، عبر تحالف بعض هذه الحركات مع الدولة فى مقابل حركات أو بالأحرى تيارات الإسلام السياسي، غير أن ذلك التحالف لم يكن سوى تحالف هش سمح بوجوده مساحة من التوافق بين الطرفين على ضرورة إزاحة جماعة الإخوان من السلطة الأمر الذى أدى إلى خلخلة هذا التحالف مع أول صدام للمصالح بين الطرفين، ولعل اللغط حول “قانون التظاهر” وما تلاه من مواجهات بين الطرفين أبرز مثال على ذلك. كما يمكن القول إن تحالف حركات الاحتجاج الشبابية مع الدولة، وانحياز جزء منها لمرشح الدولة الرئاسى –إن صح التعبير – قد أظهر هذه الحركات لدى البعض وكأنها تساوم على مستقبل سياسى خاص بها، مع تصاعد الملمح البراجماتي فى مواقفها السياسية المعلنة.[31]
ومنذ ذلك الحين تمر العلاقة بين القوى الثورية ومؤسسات النظام الحاكم في مصر بفترات من الشد والجذب، على خلفية تطورات الأحداث التي تشهدها البلاد، فعلى سبيل المثال طالب عدد من شباب حركات الاحتجاج الشبابية الرئيس السيسي بالإفراج عن المحتجزين لخرق قانون التظاهر وإعادة النظر فى هذا القانون، فضلا عن التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي الفعلي للشباب لخلق جيل مبدع وملتزم، كما طالبوا السيسي في بيان لهم بأن يثأر لشهداء ثورة يناير وأن يعمل على سرعة إصدار قانون لتجريم من يهين ثورة 25 يناير، وإعادة صياغة قانون الانتخابات البرلمانية بما يتوافق ورغبة الأحزاب والقوى السياسية ويخدم التعددية والنظام الديمقراطي.[32]وجاءقانون تجريم إهانة ثورتي 25 يناير و30 يونيو لتخفيف حدة غضب حركات الاحتجاج الشبابية بعد الحكم الذي صدر بتبرئة الرئيس الأسبق “محمد حسني مبارك” من تهمة قتل المتظاهرين. [33]
بيد أن العلاقة بين حركات الاحتجاج الشبابية والنظام الحاكم قد شهدت تراجعا جديدا على خلفية فعاليات الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، والتي شهدت العديد من أحداث العنف، كان من أبرزها مقتل الناشطة السياسية شيماء الصباغ إثر تفريق الشرطة لمظاهرة رمزية كانت تتجه لوضع الورود على النصب التذكاري لشهداء الثورة.
وفي المجمل أعادت هذه الأحداث حالة الاحتقان بين الدولة/ حركات الاحتجاج الشبابية إلى الواجهة، وهذا ما تبلور مع تصريحات بعض رموز حركات الاحتجاج الشبابية التي تؤكد إن السلطة الحالية أصبحت لا تفرق بين المتظاهر السلمى، أو الإرهابي والمخرب، وأن منهج قوات الأمن أصبح تصفية أي شخص معارض للنظام أيا كانت أيدلوجيته أو توجهه السياسى، كما كان الوضع مع الشهيدة شيماء الصباغ.[34]
4ـ احتمالات التنسيق بين القوى المدنية/ الدينية:
على الطرف الآخر من المعادلة، يبدو فرص أو احتمالات التنسيق بين القوى الثورية المدنية والقوى الدينية من العوامل التي من المتوقع أن تكون ذات تأثير ملحوظ في مستقبل القوى الثورية وقدرتها على الفعل.
وفي مصر بدأ الحديث عن توافق مصالح القوى الثورية المدنية والدينية في مواجهة النظام الحاكم مع إصدار القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013 الخاص بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، المعروف إعلاميًّا باسم قانون التظاهر، إذ كان صدور هذا القانون إيذانًا بإحداث تغييرات جوهرية على معطيات المعادلة السياسية الحاكمة للمشهد المصري منذ أحداث 30 يونيو، فقد كانت السمة الأساسية لهذه المعادلة هي وجود القوى الإسلامية في جانب يواجهه جانب آخر يضم تحالف القوى المدنية والعلمانية والثورية مع تنسيق ومباركة من النخبة العسكرية والحكومة.[35]
بيد أن صدور هذا القانون خلق مصالح مشتركة بين الليبراليين والعلمانيين من ناحية وبين الإسلاميين من ناحية أخرى، حيث إن القانون أخرج الليبراليين والعلمانيين من دائرة مؤيدي الحكومة، ويمكن ملاحظة هذا التوافق في المصالح بين القوى المدنية والإسلاميين بالاستقراء السريع لمواقف القوى التي أعلنت رفضها للقانون، والتي شملت على سبيل المثال لا الحصر: جبهة الإنقاذ الوطني، وحركة تمرد، وحركة “6 أبريل”. وهي مواقف تتشابه مع تلك التي أعلنها حزب مصر القوية، وحزب النور السلفي، وتحالف ثوار مصر، وصحفيون ضد الانقلاب.[36]
بيد أنه وعلى أرض الواقع لم تتجه أي من القوى الثورية المدنية إلى التنسيق أو حتى التوافق مع القوى الإسلامية، إلا في حالات محدودة جدا. فقد امتد رفض عدد من ممثلى الحركات الشبابية والتكتلات الثورية للتنسيق مع الإسلاميين في دعوات النزول يوم 28 نوفمبر2014، ووصفوا الداعين لها بالإرهابيين مقللين من أهميتها أو تأثيرها، وطالبوا قوات الأمن بالتعامل بكل قوة وحسم مع الداعين لها أو مع من يحمل السلاح. واعتبرت الدعوة لتظاهرات 28 نوفمبر بأنها دعوة مفرقة وطائفية وليست جامعة مقارنة بتظاهرات 25 يناير 2011.[37]
وامتد الأمر ذاته خلال الإرهاصات الأولى لذكرى الرابعة للثورة حيثرفضت حركات الاحتجاج الشبابية مشاركة دعوات المواطنين للاحتشاد فى الميادين ضد سياسات الحكومة، وأكدت أنها ستتظاهر فقط للاحتفال بذكرى الثورة، والدعوة لتنفيذ مطالبها دون مشاركة الإخوان فى هذا السيناريو.وأكدت حركات الاحتجاج الشبابية أنها لن تتحالف إلا مع قوى مدنية، وأنها ترفض التحالف مع تنظيم الإخوان المسلمين، سواء على المدى البعيد أو القريب. [38]
بيد أن المشهد السياسي المصري شهد تغيرا نوعيا مع أعمال العنف التي شهدتها الذكرى الرابعة للثورة على أرض الواقع، حيث أعلنت بعض حركات الاحتجاج الشبابيةمثل حركة شباب 6 أبريل مشاركتها فى تظاهرات المطرية خلال الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، مؤكدة أنها لم تشارك إلا بعدما تأكدت أن الشعارات المرفوعة هى شعارات ثورة 25 يناير وليست أى شعارات سياسية أخرى. كما أكدت الحركة شاركت فى أحداث العنف بالمطرية بمشاركة العديد من حركات الاحتجاج الشبابية لأن رصاصات الظلم لا تفرق بين الشباب وانتماءاتهم السياسية، وأن استشهاد الناشطة شيماء الصباغ التى تنتمى لأقصى اليسار بعد ساعات من استشهاد الناشطة سندس المحسوبة على التيار الإسلامى رسالة أن الرصاص لن يفرق بيننا.[39]
5ـ تأثير المتغيرات الخارجية:
يتوقع البعض أن تشهد بعض الحركات والقوى الثورية العربية تأثرًا واضحًا بالعوامل والمحددات الخارجية في المستقبل القريب، وتعد سوريا المرشح الأكبر في هذا السياق، إذ يبدو أن الديناميات الإقليمية والداخلية تتجه نحو التحول لصالح الرئيس السوري بشار الأسد، لاسيما مع تنامي القلق الدولي بشأن تصاعد دور الجماعات الإسلامية المتطرفة في المعارضة، فضلا عن الضغوطات المفروضة على المجتمع بسبب مشكلة اللاجئين السوريين التي لا يمكن تحملها على نحو متزايد، ليس فقط على المستوى الإنساني، ولكن أيضًا على المستويين الاقتصادي والسياسي في دول مثل لبنان والأردن التي تستضيف تجمعات اللاجئين بما يعادل أكثر من 20 % من سكانها.. كل هذه العوامل من المتوقع أن تدفع المجتمع الدولي نحو فرض المزيد من القيود على القوى الثورية، بما يحد من قدرتها التفاوضية في مواجهة نظام بشار الأسد، ومن ثم الدفع باتجاه إنهاء الأزمة.[40]
المحور الثالث: مستقبل حركات الاحتجاج العربية: البدائل والسيناريوهات
في ضوء هذه العوامل والمتغيرات والتفاعلات المحتملة فيما بينها، يمكن القول بأن الحركات الاحتجاجية أو الثورية في المنطقة العربية أمامها عدد من المسارات أو السيناريوهات تؤطر وجودها وتحركها في المستقبل القريب، ولعل أبرز هذه المسارات المحتملة ما يلي:
المسار الأول: الاحتفاظ بالوضع الراهن:
يرتبط هذا السيناريو برفض حركات الاحتجاج الشبابية للوضع السياسي والدستوري القائم، واستعدادها لخوض موجات ثانية وثالثة من الثورات والانتفاضات. وهناك من العوامل ما يشجع على هذا السيناريو، أهمها العوامل الذاتية المرتبطة بتخوف هذه الحركات من انحسار دورها إذا ما قبلت بمسار الشرعية الدستورية، خاصةً في ظل عدم تمتع أبرز قياداتها بالخبرات اللازمة للعمل ضمن مؤسسات الدولة، وتوافر مصادر تمويل -داخلية وخارجية- محفزة لهم على الاستمرار في النضال الثوري.
أضف إلى ذلك تخيل هذه الحركات أن البيئة الحالية تعتبر غير مواتية لتطوير دورها، لاسيما مع وصول رئيس ذي خلفية عسكرية إلى الحكم في مصر، ونشأة تخوفات جديدة من تراجع الحقوق والحريات، ووجود بعض الانتقادات الموجهة لمسار عملية الحوار الوطني في كلٍّ من اليمن وتونس، وعدم تبني النظم الحاكمة لسياسات اقتصادية فعالة تتصدى لعدم العدالة في توزيع الدخل، وتوفير فرص الحياة الكريمة لشباب الطبقة الوسطى الذين باتوا يمثلون المحرك والمفجر للاحتجاجات الشعبية في معظم دول الإقليم. غير أن تحقق هذا السيناريو سيعرض هذه الحركات لخطر الانعزال الشعبي، في ظل التأييد الشعبي للرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر، وفي ضوء استجابة أحزاب الترويكا في تونس للضغوط الشعبية، ونجاحها في عبور الأزمة السياسية التي مرت بها البلاد[41]
ولعل وجود هذه الرغبة لدى قطاع ملحوظ من منتسبي هذه الحركات في مصر هو السبب وراء دفعها للسعي إلى محاولة استصدار تشريع يسمح للحركات والمؤسسات المجتمعية بالعمل السياسي بدلاً من حظرها أو حلها،أي أن هذه الحركات ترغب في وجود تشريعً يقنن أوضاعها دون أن يكون تدشين الأحزاب خيارًا مطروحًا (وفق ما طرحه بعض رموز حركة 6 إبريل وتحالف ثوار مصر).[42]
المسار الثاني: التحول لحركات إصلاحية
ويشمل هذا المسار التخلي عن العمل الثوري بشكل واضح، مع القبول بالأمر الواقع والنظام السياسي القائم. ووفق هذا المسار تتحول بعض حركات الاحتجاج الشبابية إلى«حركات إصلاحية» أو حركات معارضة من داخل النظام، لا تطالب بإسقاطه بل تكتفي بمعارضة السياسات الموجودة فقط، وتفسير ذلك بعدم وجود بديل ثوري.[43]
ويمكن القول أن الحركات التي ستتبني هذا المسار تقدم اعترافا ناضجا بعدم امتلاكها للخبرة الكافية التي تؤهلها لطرح نفسها كبديل سياسي في المرحلة المقبلة، وستتجه بقرار واع منها نحو تكثيف التواصل مع الرأي العام بهدف تقوية قاعدتها الشعبية حتى تستطيع في المستقبل أن تطرح نفسها كبديل.[44]
وتشير قيادات بعض هذه المجموعات الثورية الشبابية، خاصة قيادات حملة مستقبل وطن، إلى أن لديها رؤية إصلاحية غير ثورية، وأن إستراتيجيتهم تقوم على بناء تحالف مع الدولة والعمل على محاولة الإصلاح من الداخل بناءً على الشبكات التى سيتمكنون من تكوينها. ومع ذلك، فإن رؤية أكثر وضوحا حول ماهية هذا الإصلاح المأمول لا تزال غائبة. وتماشيًا مع إستراتيجية هذه المجموعات الشبابية للشراكة مع النظام، تركز حملة مستقبل وطن فى خطابها على رسم صورة ذهنية جديدة للشباب باعتباره يتبنى مواقف إيجابية وبناءة، وهو الأمر الذى يعبر عنه شعار الحملة “شباب يبنى مستقبل وطن”. وبناءً على ذلك، تبتعد الحملة عن الفاعليات المعارضة أو الاحتجاجية، وتتركز أنشطتها وفعالياتها على الأنشطة الإيجابية أو الداعمة لتوجهات النظام على غرار تنظيم المؤتمرات لمناقشة مواد الدستور وحث الناس على المشاركة فى التصويت، وتنظيف الشوارع، وتنظيم التظاهرات المؤيدة للدولة ضد الإرهاب. [45]
ومن الملاحظ أن أيًّا من هذه الحركات غير قادر -فى اللحظة الراهنة- على الدفع لإحداث إصلاحات سياسية أو التأثير فى قرارات سياسية بعينها، ومن ثم فإن اللجوء إلى هذا الخيار، يعكس رغبة هذه الحركات في المهادنة وإقامة شراكة مع النظام الحاكم. ومرة أخرى يتجلى هذا الخيار في المشهد المصري بعد 30 يونيو 2013، مع سعي عدد من الحركات السياسية إلى مساندة النظام السياسى القائم (ولو بدرجات مختلفة)، ومحاولة فتح قنوات للمشاركة السياسية معه ومن خلاله، على غرار حركة تمرد الشهيرة.
وقد دفعت عدة عوامل مثل هذه الحركات لتبنى هذه الإستراتيجية، ومنها: رؤية قطاعات مجتمعية عديدة للشباب باعتبارهم مصدرًا للفوضى وعاملاً للهدم وليس البناء، الشعور بالقدرة التنظيمية المحدودة على العمل بشكل مستقل، وهو الأمر الذى عززته المشكلات الهيكلية والتمويلية التى لاقتها التنظيمات الشبابية بشكل عام وضعف قدرتها على المنافسة الانتخابية. وفعليًّا الشراكة مع النظام السياسى ستوفر للشباب، فى المقابل، شبكات دعم مالى وإجتماعى أوفر وقدرة أعلى على الاندماج فى الحياة السياسية.[46]
ومن الملاحظ أن هذه التكتيكات قادرة على جذب فئات وطبقات اجتماعية مختلفة من الشباب عن تلك المنضمة إلى التنظيمات الشبابية والمتمركزة فى إطار الطبقة الوسطي. فهذه الأنواع من الأنشطة تجذب قطاعات من الطبقات الدنيا والوسطى الدنيا الراغبة فى المشاركة المجتمعية من دون أن يكون لها بالضرورة أجندة سياسية واضحة. هذا بالإضافة إلى أن هذه الأنشطة أكثر جاذبية للقوى التقليدية فى المجتمع على غرار العصبيات والقبليات فى صعيد مصر ذى الميول المحافظة سياسيًّا، ولكن أيضًا ذوو النفوذ الاجتماعى القوى فى الانتخابات المحلية أو البرلمانية. وبالتالى فإنها تضم شبكات اجتماعية مختلفة عن تلك المكونة للتنظيمات الشبابية “المعارضة” أو الأكثر “ثورية”. فهذه الأخيرة لديها رؤية أكثر تقدمية من الزاوية السياسية وتسعى إلى رسم علاقة جديدة بين الدولة والمجتمع ودور أوسع للأخير.[47]
المسار الثالث: التحول إلى أحزاب سياسية والانخراط في العملية السياسية الرسمية
بدأ خيار الرغبة في التحول إلى كيانات حزبية أو “تدشين الأحزاب” كظاهرة فرضت نفسها في أوساط حركات الاحتجاج الشبابية في لحظات المثالية الثورية التي أعقبت إسقاط النظم السابقة التي قامت احتجاجات الربيع العربي في مواجهتها.
ففي مصر بدأت تلك الظاهرة بتأسيس حزب الثورة، ثم إطلاق حزب 6 إبريل، فيما يسارع العديد من قادة حركات الاحتجاج الشبابية الآن، لتأسيس أحزاب على غرار السابقين.ويمكن القول أن البديل الحزبي يحقق للحركات الشبابية التي تنحو إلى تبني هذا النهج عددا من المكاسب منها مأسسة وجودها عبر التقنين، فضلا عن ضمان انخراطها في العملية السياسية من خلال المنافسة في الانتخابات البرلمانية والمحلية وربما الحصول على مكاسب سياسية أخرى.بيد أن مراقبين يرون أن المبرر الرئيس وراء توجه حركات الاحتجاج الشبابية لهذا الخيار في الآونة الأخيرة هو رغبتهم في تجنب الحظر أو الحل.[48]
بيد أن خيار التحول إلى العمل الحزبي يواجه باعتبارات وعوامل تتجاوز رغبات وقدرات حركات الاحتجاج الشبابية وكوادرها على العمل، ولعل هذا ما تجلى مثلا مع رفض المحكمة الإدارية العليا في مصر بتأييد قرار لجنة شؤون الأحزاب برفض تأسيس حزب يحمل اسم حركة “تمرد”. وأرجعت المحكمة قرارها برفض تأسيس الحزب إلى “عدم استيفاء الحزب الشروط والمقومات اللازمة رغم قيام لجنة شئون الأحزاب بتوجيه وكيل الحزب بتعديل اللائحة المالية لتتفق مع أحكام القانون، وإعطاء الحزب المراد تأسيسه فرصة الفرصة الكاملة لإجراء ذلك ولكنه لم ينفذ”.[49]
ويرى مراقبون أن حكم القضاء الإداري برفض تأسيس الحزب يثير علامة تعجب خاصة في ظل التقارب بين حركة تمرد والنظام السياسي القائم حاليا.بيد أن المحددات التنظيمية المتعلقة بتدشين وضعية حركات الاحتجاج الشبابية كأحزاب سياسية من عدمه -على الرغم من أهميتها- لا تعد هي العنصر الوحيد الحاكم لقدرة تلك الحركات على الانغماس في العمل السياسي والاستحقاقات الانتخابية بشكل خاص.
وبصفة عامة،يمكن من خلال تجربة التحول إلى أحزاب سياسية في دول الربيع العربي -خاصة في المشهد المصري-الخلوص إلى العديد من الملاحظات من بينها:[50]
ـ نخبوية التأسيس، فمازالت الأحزاب الجديدة نخبوية في عملها وإدارتها ولم تستطيع الوصول إلى رجل الشارع العادي، على رغم من جمع بعضها 5000 توقيع المطلوبين للحصول على الترخيص. لذا نستطيع أن نطلق عليها لفظ “أحزاب الميدان” مؤسسوها إما من ثوار التحرير، أو من الذين عزفوا عن المشاركة السياسية طيلة السنوات الماضية وإلي جانب هؤلاء وهؤلاء آخرون شجعتهم الثورة علي خوض التجربة الحزبية والعمل السياسي.
ـ أحزاب شعارات، فمن الملاحظ أن جميع الأحزاب جعلت من أربع أو خمسة مصطلحات سياسية مسميات لها مثل: “الديمقراطية والعدل والحرية والتنمية”. مما يدل على أن الأحزاب جعلت من شعارات ثورة 25 يناير مسميات لها دون الاهتمام بالمضمون أو البرامج.
ـ التشابه الكبير في البرامج والأسماء، جاءت معظم الأحزاب الجديدة متشابهة في مفردات أسمائها (الشباب، الثورة، الحرية، العدالة، التحرير، الحديثة، النهضة..الخ). كما أن هذا التشابه انصرف أيضا إلى البرامج الخاصة بها، وباستثناء حالات الاختلاف الأيديولوجي الواضحة في قليل من الأحزاب، فإن أغلبها تتبنى برامج متشابهة في خطوطها العامة.
وبتحليل برامج وأهداف وشعارات الأحزاب الجديدة يصعب التمييز بينها، فجميعها تتفق على مجموعة من القواسم المشتركة، والاختلاف يكون في تفاصيل جزئية أو سياسات فرعية، ففيما عدا بعض الأحزاب مثل: (الحرية والعدالة، العدل، المصريين الأحرار، الديمقراطي الاجتماعي) التي تملك برامج واضحة، فإن باقي الأحزاب لا يوجد لديها الوضوح في معنى البرنامج، ولا تميز بين البرنامج والشعار أو السياسات التفصيلية لها أو التي سوف تتبناها في المستقبل. ونجد أن الأحزاب اليسارية القريبة من الفكر الماركسي مثل حزب التحالف الشعبي تلتقي مع الأحزاب الليبرالية مثل العدل والمصريين الأحرار، وكذلك مع أحزاب الوسط والحرية والعدالة والأحزاب ذات التوجهات الإسلامية، في أسس واحد أهمها: احترام الدين الإسلامي كمصدر للقيم والأحكام، والدعوة إلى العدالة الاجتماعية، والتعددية والديمقراطية، والإصلاح الاقتصادي، وحقوق الإنسان.[51]
البديل الأكثر ترجيحا
تشير متغيرات الواقع الراهن إلى أن حركات الاحتجاج الشبابية في الدول العربية، لا تتبع مسارا أو نهجا واحدا في التعاطي مع الشأن العام والقضايا السياسية، بل تشهد خياراتها تغيرات متلاحقة تتراوح بين المزواجة بين البدائل المختلفة في التوقيت ذاته أو الانتقال بين استراتيجية وأخرى، فضلا عن تنوع الخيارات التي تتبناها القوى المختلفة إزاء القضية الواحدة في نفس الوقت.
أي أن إن إستراتيجيات حركات الاحتجاج الشبابية /الشبابية في الدول العربية ليست “ستاتيكية” أو ثابتة، بل على العكس من ذلك، فهى فى تطور مستمر. ويمكن تفسير ذلك الزخم في استراتيجيات حركات الاحتجاج الشبابية في ضوء عدد من المتغيرات، لعل من أهمها :
ـ التغيرات المستمرة في الوضع السياسى والاجتماعى في الدول العربية مما يستتبع تغيير طريقة التفاعل معه، لاسيما مع التغير في رأس السلطة الحاكمة وتغير طبيعة التحالفات والاصطفافات السياسية.
ـ محدودية الخبرة العملية في مجال العمل السياسي لدى غالبية -إن لم يكن كل- منتسبي هذه حركات الاحتجاج الشبابية، الأمر الذي يعني انها تعتمد في كل تحركاتها على منهج التجربة والخطأ.
ـ الاختلافات الفكرية والعقائدية بين هذه الحركات، التي تتراوح في منطلقاتها الأيديولوجية بين أقصى اليمين وأقسى اليسار. فضلا عن الاختلافات البينية والانقسامات والانشقاقات البينية في إطار منتسبي التوجه الواحد بشأن مسائل حركية أو تفصيلات تنظيمية.
ـ التغير في مزاج الرأي العام والشارع السياسي العربي بشأن تلك الحركات ومدى مقبوليتها، ففي لحظات بعينها تتمتع هذه الحركات بما يمكن اعتباره تأييدا مطلقا من الرأي العام في مقابل لحظات أخرى ترتفع فيها وتيرة الرفض الشعبي لهذه الحركات.
ويبدو بشكل واضح أنه فى ظل السياق السياسى الراهن، فإن قدرة تلك الحركات على إحداث التغيير من خلال الحفاظ على المسار الثوري والتحرك الشارعي، ضعيف ةليس فقط بسبب التضييق الأمنى ولكن أيضا بسبب النفور المجتمعى منها.
أما خيار التحول إلى أحزاب سياسية والانخراط في العمل السياسي، فيبدو أنه لن يكون الخيار الأمثل لقطاع عريض من حركات الاحتجاج الشبابية وهو ما يرتبط بعدد كبير من العوامل منها ما يرتبط بالسياق السياسي والمحددات القانونية (مثلما كان الحال مع القيوم القانونية التي منعت حركة تمرد من تدشين حزبها السياسي في مصر)، ومنها ما متعلق بتلك الحركات في حد ذاتها التي قد تفتقر للموارد المادية والبشرية اللازمة (كواقع الاشتراكيين الثوريين في مصر أيضا)، ومنها ما يتعلق بالمواقف السياسية التي تختار تلك الحركات بمحض إرادتها تبنيها، وهذا ما يتضح في مصربعد أحداث الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير 2011 والتي على إثرها قام تحالف 25 -30[52] بالإعلان عن تجميد كل أنشطته الانتخابية لحين إشعار آخر، اعتراضا على نزيف الدماء الذى شهدته البلاد خلال ذكرى ثورة يناير ومقتل عدد من الشباب. إذ أعلن التحالف، أنه اتخذ هذا الموقف بسبب استمرار نزيف الدم. مطالبا النائب العام بسرعة إنهاء التحقيقات والكشف بطريقة رسمية عادلة ومحايدة عن المجرم القاتل ومحاسبته أياً كانت الجهة المنتمي إليها على أن تعلن نتائج التحقيقات على الملأ وبشفافية مطلقة في أسرع وقت ممكن.[53]
وبغض النظر عن مدى وجاهة الأسباب التي تدفع القوى الثورية إلى تبني هذه المواقف، فالمحصلة النهائية المتوقعة لهذه الخيارات هي غياب تلك القوى وحركات الاحتجاج الشبابية عن البنى والهياكل المؤسسية الرسمية التي من المفترض أن تدير شئون البلاد في الدول العربية خلال المستقبل.
وفى المقابل، يبدو أن النهج الإصلاحي التدريجى غير المؤثر على المدى القصير، هو الأكثر قدرة على تحقيق تغيير أكثر جذرية واستدامة – وذلك فى حالة عدم إغلاق المجال السياسى بشكل كامل. أما إستراتيجية الشراكة مع النظام فهى بقدر ما تحتوى على فرص للإصلاح فهى تحوى أيضًا على خطر الاستيعاب فى شبكات المصالح والفساد القائمة. ولا يزال مشهد حركات الاحتجاج الشبابية في الدول العربية شديد التشتت، فأعضائها ليسوا كتلة واحدة، وبالتالي، لا يمكن اعتبارهم فاعلاً سياسيًّا موحداً. فمن جهة، هذه المجموعات لا تعبر عن كتل اجتماعية متجانسة، ومن جهة أخرى هى لا تعبر عن رؤى وإستراتيجيات موحدة للمشاركة السياسية.
وأخيرًا، لا تزال قدرة هذه الحركات بشكل عام على التأثير فى عملية صنع القرار شديدة الضعف، أما قدرتهم على صياغة أنماط جديدة للمشاركة من الأسفل إلى الأعلى فلا تزال محدودة، ويعوقها، فعليًّا، ضعف قدرتهم على الوصول إلى المجتمع عبر هياكل المنظمة. ومع ذلك، فإن شعور الشباب بمعناها التغييرى الواسع يعطيهم دافعًا لخلق كوادر جديدة وصناعة بدائل للحركات السياسية القديمة في دول الربيع العربي.[54]
ويمكن القول، إن إستراتيجية الإصلاح من الداخل تعتبر سلاحاً ذا حدين، ففى الوقت الذى يعطى فيه هذا التوجه مثل هذه الحركات قواعد اجتماعية أوسع وأعمق، فإنه يهددها فى نفس الوقت فى أن تستوعب داخل شبكات مصالح زبونية مع نظم الحكم القائمة من دون أن يكون لديها القدرة على إصلاحها. بعبارة أخرى فإنه فعليًّا يبدو أن الخطاب الإصلاحي للحركات الشبابية يزيد من فاعليتها ويجعلها جاذبة لقطاعات شبابية أوسع، كما أن الدعم المالى والمؤسسى الذى تحظى به يوفر لها فرصاً وموارد غير متاحة للتنظيمات الشبابية الأخرى. لكن من ناحية أخري، لا يزال خطر قبول الشراكة من دون القدرة على التأثير قائم وهو الأمر الذى يهدد مثل هذه الحركات، إن لم ترسم إستراتيجية واضحة للإصلاح، أن تتحول إلى جزء من ماكينة النظام القديم أو شبكات مصالحه.[55]
خاتمة: رؤية استشرافية للحركات الشبابية والنظم الحاكمة في الدول العربية:
تعد حركات الاحتجاج -لاسيما الشبابية منها- هي من أهم مكتسبات الحراك الثوري أو الربيع العربي بصفة عامة. ومن المتوقع أن تلعب تلك الحركات دورا فعالا في مستقبل بلدانها على الصعيدين الرسمي والشعبي.ولعل هذا ما يستدعي من منتسبي تلك الحركات بذل مجهود أكبر في التعاون فيما بينها من جانب ومع النظم الحاكمة من جانب آخر لتطوير أدائها،فيما يترتب على القيادات السياسية في دول الربيع العربي أن تتيح مساحة أكبر للتواصل مع هذه الحركات ومساعدتها في بناء كوادرها كنوع من الاستثمار للمستقبل.
ويمكن في هذا السياق السعي لرسم ملامح برنامج عمل تنفيذي لكل من الجانبين (حركات الاحتجاج الشبابية- نظم الحكم القائمة) في الدول العربية، بحيث يقوم هذا البرنامج إلى محورين، على النحو التالي:
أولا : المحور الخاص بحركات الاحتجاج الشبابية
يمكن في إطار هذا المحور إبراز مجموعة من التوصيات التي من الضروري وضعها في الاعتبار، من قبيل:
1ـ إعادة صياغة معايير إطلاق الصِّفة الثورية على الحركات والائتلافات والأشخاص، على أساس مبادِئ وقِيم تحكم المجتمع، دون النظر للخلافات والتباينات بين الفصائل.
2ـ إتاحة المجال أمام التغيرات التي بدأ الصفّ الثوري يشهدها مع دخول فئات جديدة، لم تُعرف من قبْل، مثل: كُتلة الطلاب وبعضا من الكُتَل الإسلامية، التي كانت عازفة عن الممارسات السياسية، بعد مراجعات فِقْهِية. .
3ـ إعادة الهيكلة التنظيمية داخليًا لغالبية الحركات بحيث يمكنها أن تصبح بديلاً سياسيًا بشكل حقيقي وواضح عن طريق محاولة إعادة تجميع كل القوى الثورية والقطاع المجتمعي حول المطالب الرئيسية التي ليست محلا للخلاف، وذلك للضغط على السلطة بشكل منهجي ومنظم لتحقيق مطالبها بكل أشكالها.
4ـ ضرورة الاهتمام بمسألة الديمقراطية الداخلية (بمعنى آلية إدارة العلاقات والصراعات الداخلية في حركات الاحتجاج الشبابية): تتسم أغلب هذه الحركات بغياب أو تراجع الممارسة الديمقراطية الداخلية فيها، على نحو ما يتضح من طريقة صنع القرار الداخلي بها، ومن ثم تعاني من ضعف المصداقية في أبرز المطالبات السياسية التي تطرحها على النظام السياسي، وهي المطالبة بمزيد من الديمقراطية. وهو ما يرتبط أيضا بضرورة العمل على التوسع في تقديم فرص التدريب والتأهيل والتثقيف للشباب بشكل مؤسسي وعلمي ومستجيب لتطلعاتهم في المرحلة الراهنة واحتياجاتهم في المستقبل، وذلك بما يؤدي لصناعة أجيال شابة قادرة على ممارسة الديمقراطية واستخدام أدواتها والوصول لمواقع صنع واتخاذ القرار[56].
5ـ الحرص على بلورة رؤى وأفكار متكاملة من خلال برامج تخاطب المشكلات الحياتية التي تواجه المواطنين العاديين في العالم العربي، أي وضع بدائل وحلول للمشكلات الحقيقية التي يواجهها المواطنون، من قبيل المشاكل المتعلقة بالفقراء ومحدودي الدخل.[57]
6ـ أي العمل كجماعة ضغط جماهيرية لا يشترط أن تعبر عن مصالح فئوية معينة “مصالح الشباب”، وإنما تعبر عن نبض الجماهير بصفة عامة. الأمر الذي يمكن تلك الحركات من الخروج عن الصورة النمطية التي تكونت لدى الرأي العام في الدول العربية والتي تعتبرهم صوتًا للاعتراض فقط.
7ـ تكثيف هذه القوى وحركات الاحتجاج الشبابية لوجودها في الشارع وبين الناس بما يجعل برامجها وخطابها أكثر استجابة لاحتياجات الوطن في هذه المرحلة وبالتالي تصل إلى نقاط التقاء كثيرة مع جموع الرأي العام.
ثانيا: المحور الخاص بنظم الحكم القائمة في الدول العربية
تشمل قائمة التوصيات الموجهة للنظم الحاكمة في هذا السياق، ما يلي:
1ـ ضرورة دمج حركات الاحتجاج الشبابية في العملية السياسية:إذ من اللازم أن تعمل الحكومات القائمة في الدول العربية على دمج تلك الجماعات في تحديد مستقبل البلاد، أي نبذ منطق الإقصاء مقابل الاعتماد على منطق الشراكة الوطنية والمواطنة الفعالة التي عليها تقوم الدول، وبموجبها تتأسس نظم الحكم الديمقراطية الحديثة.
ويستوجب ذلك أيضا من الإدارات السياسية القائمة الحرص على التعامل مع تلك القوى والحركات على قدم المساواة دون تفضيل أو تغليب لمصلحة تيار على حساب الآخر. على الرغم مما يثار عن علاقات خاصة تربط بعض النظم ببعض الحركات او القوى..[58]
2ـ النظر بقدر كبير من الجدية إلى المبادرات التي تقدمها القوى السياسية، سواء الثورية والتقليدية، فيما يخص إدارة العلاقة بين مختلف القوى السياسية في الدول العربية.
وفي مصر -على سبيل المثال- يلفت المراقبون الانتباه إلى المبادرة التي تقدم بها حزب مصر القوية برئاسة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، لحل الأزمة بين مؤسسة الرئاسة والقوى الثورية، وتشمل هذه المبادرة، نقاطا وجوانب عدة منها ما يتعلق بالممارسات التشريعية لرئيس الجمهورية في ظل الوضع الاستثنائي لغياب البرلمان، ومنها ما يتعلق العدالة الانتقالية وإعادة هيكلة جهاز الشرطة وتقنين جهود مكافحة الإرهاب.[59]
ختاما، لا يجد البعض غضاضة في دعوة النظم السياسية الحاكمة في الدول العربية في اللحظة الراهنة إلى التخلي عن أحد مظاهر الحكم الديمقراطي وهي الأخذ بقاعدة التصويت في اتخاذ بعد القرارات، انطلاقا من أن هذه الدول لا تتحمل في الوقت الراهن (المرحلة الانتقالية) أن تحكم بمنطق الأغلبية والأقلية، وربما يكون من الأجدى التوجه نحو الحكم التوافقي لضمان التفاف معظم القوى والفاعلين السياسيين حول إدارة أو حكومة لا ترتهن بأجندة حزبية معينة بل تتوجه نحو المصلحة العامة وخدمة المجموعة الوطنية ويضرب بالنموذج التونسي المثال في هذا السياق، مع تجربة الحوار الوطني الذي يعتبر البعض أنه عكس سلوكا تفاعليا يمكن أن يكون قاعدة لبناء أركان الدولة، لاسيما في ضوء ما أبدته القوى الحاكمة آنذاك -حركة النهضة الإسلامية والمتحالفون معها- من مرونة واستعداد للتنازل عن رئاسة الحكومة بطريقة سلسة ضمنت تحقيق حدا أدنى من التوافق سمح للبلاد بالمضي قدما على طريق تحقيق الاستقرار.[60]
هوامش الدراسة:
[1] وفاء على داود، “التأصيل النظري لمفهوم الثورة والمفاهيم المرتبطة بها”، مجلة الديمقراطية، مؤسسة الأهرام، العدد 49، 2013/01/31
[2] د. يسري العزباوي، دور الشباب والحركات الاحتجاجية الجديدة في ثورة 25 يناير،البوابة نيوز، 01-12-2012.
[3] د. دينا شحاتة و مريم وحيد، “سياسات الشارع: تصاعد دور الحركات الاحتجاجية في المنطقة العربية”، مجلة السياسة الدولية، 1 اكتوبر 2011
[4] وفاء داود، “الحركات الاجتماعية: المداخل والنظريات”،الحوار المتمدن-العدد: 4157 – 2013 / 7 / 18
[5] عمرو عبد العاطي، المنطقة المأزومة:الثورات العربية بعد 4 سنوات.. هل أخفق التغيير؟ ( ملف)، المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية ، 22/01/2015
[6] د. مروة نظير، “بين الصعود والإنزواء: ملامح التحولات في النخبة المصرية بعد 30 يونيو”، موقع المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية ،17/11/2013
[7] د. سامي محمد الأخرس،” الربيع العربي وظاهرة الفوضى”، دنيا الوطن، 27-9- 2014.
[8] عمرو عبد العاطي، م س ذ.
[9] أمنية فراج، “مستقبل الحركات السياسية في ظل المشهد السياسي الحالي”، مجلة auctimes، 14 ابريل 2014. الرابط
[10]محمد قاسم،”في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير.. أين رفقاء الميدان؟”، موقع مصراوي الالكتروني، 24 يناير 2015.
[11] يوسف ورداني، “مستقبل غامض: محددات مستقبل دور الحركات الشبابية في دول الربيع العربي”، مجلة حالة الإقليم الصادرة عن المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، القاهرة، 10/07/2014
[12] المرجع السابق
[13] ابراهيم الديب ومي شاهين، “جامعة حلوان تستقبل 2015 ب”الحركات الثورية”.. واستمرار “فالكون”.. وكليات بدون عمداء”، صدى البلد ، 25 – 12 – 2014
[14] محمد المشتاوي، “طلاب الحركات الثورية يتوحدون ويتخطون خلافات الكبار”، مصر العربية، 21 أكتوير 2014
[15] جمال صلاح الدين، الحركات الثورية تعلن عن تدشين ائتلاف طلاب مصر، صدى البلد، 18 أكتوبر 2014.
[16] يوسف ورداني، م س ذ.
[17] المرجع السابق.
[18] د. مروة نظير، “بين الصعود والإنزواء: ملامح التحولات في النخبة المصرية بعد 30 يونيو”، م س ذ.
[19] د. مروة نظير، “حركة تمرد والمستقبل المأزوم”، موقع المركز العربي للبحوث والدراسات، 27 فبراير 2014. الرابط
[20] خليل العناني، “التيارات الإسلامية في عصر الثورات العربية”، الغد العربي. نت، 6 يناير 2015.
[21] المرجع السابق.
[22] محمد حجاج، “الحركة الطلابية التونسية: من عنف النظام إلى عنف الطلاب”، موقع رصيف 22، 10 يناير 2015. الرابط
[23] إيمان الجندي ، “حركات ثورية ماتت “إكلينيكياً” وأخرى فى متحف التاريخ”، الوفد، 24 يناير 2015
[24] أمينة خيري، “مصر: انكسار الحركات الشبابية بعد 3 سنوات على الثورة”، الحياة،16 فبراير 2014.
[25] محمد حمدي، “هل استطاع الأمن اختراق الحركات الثورية؟”،موقع دوت مصر، 6 ديسمبر 2014
[26] رحاب جمعة وإيريني صفوت، “جدل بين الحركات الثورية بسبب “العودة للميادين” ، صحيفة الفجر، 12/4/2014
[27] إيمان الجندي، م س ذ.
[28] د. نادين عبدالله، “الحركات الشبابية بعد 30 يونيو 2013 : رؤية تحليلية للإستراتيجيات المختلفة”، الملف المصرى – العدد الأول – السنة الأولى، مؤسسة الأهرام، سبتمبر 2014، ص ص 22-25.
[29] محمد هنيد، ” تونس.. الثورة التي تلتهم أبناءها”، التقرير، 4 نوفمبر 2014
[30] د. مروة نظير، “حركة تمرد والمستقبل المأزوم”، م س ذ.
[31] رانيا مكرم ، “اتجاهات الحركات الثورية: الأفول التدريجى”، الاهرام، 6يونيو 2014
[32] خالد الشامي،”شباب الحركات الثورية يطالب السيسي بالثأر لشهداء ثورة يناير”، المصري اليوم، 02-12-2014
[33] رحمة محمود، “واشنطن بوست: السيسي يسترضي الحركات الثورية”، الوفد، 04 ديسمبر 2014
[34] محمد عبد الرحمن، “التيار الشعبي: السلطة تخلق حالة جدية من الاحتقان لدى الشباب.. ولدينا 7 معتقلين بأحداث الأمس”، البداية، 26 يناير 2015
[35] د. مروة نظير، التوقيت الخاطئ: هل يعيد قانون التظاهر رسم خارطة التحالفات في مصر؟ المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية، 29/11/2013
[36] المرجع السابق
[37] خالد الشامي وعادل الدرجلي، “حركات شبابية وثورية: الإخوان يريدون «سيناريو الجزائر»”، المصرى اليوم، 27-11-2014
[38] ربيع فهمى، “الحركات الثورية ترفض مشاركة «الجماعة» فى فعاليات «25 يناير»”، الوطن، 20-01-2015
[39] مصطفى عبد التواب وأحمد عرفة ، ” 6 أبريل تعلن مشاركتها الإخوان بمظاهرات المطرية خلال الذكرى الرابعة لثورة يناير.. وتطالب الأحزاب بمقاطعة الانتخابات البرلمانية.. وقيادى بتحالف دعم الجماعة: شاركوا والهتافات كانت إسلامية، اليوم السابع ، 26 يناير 2015
[40] د. مروة نظير، انحسار أم استعادة قوة: مستقبل الحركات الثورية في المنطقة العربية خلال 2014، موقع المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية، 1 يناير 2014,
[41] يوسف الورداني، م س ذ.س
[42] محمد المشتاوي، “الحركات الثورية تهرب من “أحكام الحظر” إلى تدشين أحزاب”، موقع مصر العربية، 10 أكتوير 2014
[43] محمد جمال عرفة،” الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير.. السيناريوهات المتوقعة”، مجلة المجتمع الالكترونية، 13 يناير 2015.
[44] أمنية فراج، “مستقبل الحركات السياسية في ظل المشهد السياسي الحالي”، مجلة auctimes، 14 ابريل 2014. الرابط
[45] د. نادين عبد الله، م س ذ
[46] المرجع السابق.
[47] المرجع السابق.
[48] محمد المشتاوي، “الحركات الثورية تهرب من “أحكام الحظر” إلى تدشين أحزاب”، موقع مصر العربية، 10 أكتوير 2014
[49] أمنية فراج، م س ذ.
[50] رامز جمال اسعد، “اثر الأحزاب السياسية على التحول الديمقراطى فى مصر (2005-2013)”، المركز الديمقراطي العربي، الرابط
[51] المرجع السابق.
[52] هو تحالف يضم عددا من الشخصيات المستقلة، تجمعهم وثيقة “مستقبل مصر” التي تضم 10 بنود، وتهدف لتحقيق أهداف ثورتي 25 يناير و30يونيو، ومنسقه العام مصطفى الجندي، ويضم شخصيات عامة منها عبد الحكيم عبد الناصر، شاهندة مقلد وعبد الحليم قنديل.
[53] تحالف 25-30 يقرر تجميد كل أنشطته الانتخابية لحين إشعار آخر اعتراضا على نزيف الدماء، أصوات مصرية، 26 يناير, 2015
[54] د.. نادين عبد الله، م س ذ.
[55] المرجع السابق.
[56] د. مروة نظير، “حركة تمرد والمستقبل المأزوم”، م س ذ.
[57] منار مختار، “بالتفاصيل.. 3 سيناريوهات تنتظر خريطة القوى الثورية خلال العام الجديد”، المصريون، 2 يناير 2015.
[58] يوسف ورداني، م س ذ.
[59] أنظر نص المبادرة على موقع حزب “مصر القوية” على شبكة الانترنت.
[60] أنور الجمعاوي، “المشهد السياسي في تونس: الدرب الطويل نحو التوافق”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، سلسة دراسات عربية العدد 6 يناير 2014. ص 26.
المركز الدبلوماسي