لقد صار الحصول على سبايا أو “الاغتصاب الحلال” كما تصفه إحدى الفارات من قبضة التنظيم، طعما مغريا تعرضه ” داعش” لاستقطاب المزيد من شباب المجتمعات الإسلامية المحافظة، التي تصنف المواعدة وممارسة الجنس ضمن خانة المحرمات، ما يجعل من القتال في صفوف التنظيم مكسبا بالنسبة لهؤلاء الذين يحلمون بالظفر بعدد من النساء تحت إمرتهم.
من خلال 21 شهادة جمعتها صحيفة “نيويورك تايمز” لعدد من النساء اللواتي فررن مؤخرا من أسر “تنظيم الدولة الإسلامية“، برزت عدد من الممارسات الجنسية المشتركة بين عناصر التنظيم، كالصلاة قبل وبعد الاغتصاب، تجاهل السن الصغيرة للفتيات، تحليل الاغتصاب بدعوى إرضاء الله والتقرب إليه، كلها ممارسات تشير إلى إضفاء الطابع الديني على الانتهاكات الوحشية التي يقوم بها عناصر التنظيم، والذين إن صح القول، قد تعرضوا لغسل دماغ غير عادي دفعهم لتبرير مثل هذه الجرائم باسم الشريعة الإسلامية.
من أجل إغراء الشباب، وضع تنظيم الدولة الإسلامية سياسة مقننة للعبودية الجنسية، حيث سن عددا من المبادئ والقوانين التوجيهية في هذا الإطار، إلى جانب ذلك أصدرت دائرة البحوث والفتوى التابعة للدولة الإسلامية دليلا يستند إلى بعض الأحكام الدينية من أجل تبرير العنف والاغتصاب في حق السبايا، باعتباره مطهرا للروح.
رحلة نحو الرق
بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة الموصل، بدأت عناصر التنظيم تسعى لتوسيع رقعة سيطرتها لتشمل بعض المناطق المجاورة، حيث تتمركز أقلية الإيزيديين التي تمثل 1.5 في المئة من مجموع سكان العراق البالغ عددهم حوالي 34 مليون نسمة.
تحكي إحدى الناجيات من هذه الأقلية، أنه فور سيطرة “داعش” على بعض قرى الإيزيديين، عمد التنظيم على فصل النساء والفتيات عن الرجال، الذين أعدموا رميا بالرصاص، في وقت تم اقتياد النساء في حافلات نحو مدينة الموصل من أجل عرضهن للبيع كسبايا لباقي العناصر.
بعد ستة ساعات من الرحلة على متن الحافلة، تم توزيع عشرات النساء على عدة مرافق في الموصل، حيث تم التحفظ عليهن لأسابيع، وأحيانا لشهور قبل أن يرسلن إلى بعض القرى الصغيرة في سوريا أو مناطق بالعراق تابعة للتنظيم، من أجل تقديم خدمات جنسية لعناصر “داعش”.
تحكي الناجية، والبالغة من العمر 15 عاما، “تم اقتيادنا إلى أحد قاعات الحفلات الضخمة بالموصل، حيث أمضيت إلى جانب 1300 فتاة يزيدية مدة شهرين في انتظار ما سيحل بنا، قبل أن نرحل نحو قاعدة للجيش تمهيدا لبيعنا كسبايا لمقاتلي داعش”.
سوق السبايا
يعمد مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية على الاستشهاد ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية من أجل تبرير تجارتهم بالبشر، في وقت يؤكد فيه علماء الدين الإسلامي على أن تفسير هذه النصوص القرآنية تعرض للتحريف، حيث قرر تنظيم “داعش” عرض الغنائم من النساء، والتي جناها من بعض العمليات كـ “سنجار” بالعراق، للبيع في سوق السبايا، ليعيد بذلك ممارسات من العصر الجاهلي.
ولتقنين عملية المتاجرة، قام التنظيم الإرهابي بإعداد كتيبات خاصة بالسبايا تعرض فيها صور مختلف الفتيات والنساء المحتجزات من طرفهم، إلى جانب رقم كل واحدة، لتسهيل عملية الاختيار بالنسبة للمشترين.
تحكي إحدى الفتيات، عن تجربتها حينما اقتيدت ورفيقاتها في أحد الأيام من أجل عرضها للبيع في أحد الأسواق، ” كانوا يأتون بنا إلى قاعة، من أجل عرضنا للبيع مثل باقي السلع والمنتجات، حيث عرضت ذلك اليوم نحو 500 فتاة أغلبهن غير متزوجات من مختلف الأعمار، كانت أصغرنا تبلغ 11 سنة”.
وتضيف الفتاة البالغة 19 سنة، “بعد وصول المشترين، قام عناصر التنظيم بتوزيعنا على قاعات مختلفة، حيث تم عرض كل فتاة على حدة، قبل أن يطلب منا نزع ملابسنا والالتفاف يمينا وشمالا، كما طلب منا الإجابة على بعض الأسئلة الحميمية كالموعد المحدد للدورة الشهرية وما إذا كانت الفتاة حاملا، وذلك تماشيا مع القواعد المقننة لممارسة الرجل الجنس مع سبيته، والتي تمنعه من وطئها في حالتي الدورة الشهرية والحمل”.
ملكية خاصة بداعش
وحسب القوانين المنظمة لهذه الممارسة، والتي نشرت في أحد كتيبات إدارة البحوث والإفتاء التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، فبإمكان صاحب السبية التصرف فيها بحرية تامة، وذلك ببيعها لشخص آخر أو تحريرها، حيث يشترط توثيق ذلك بعقود الملكية الموقعة من طرف المالك وأحد القضاة.
وأباح الكتيب لمقاتلي “داعش” ممارسة الجنس مع المسيحيات واليهوديات اللواتي يتم أسرهن في المعارك، كما وأجاز وطء الفتيات اللواتي لم يصلن سن البلوغ إذا كن صالحات للجماع.
تتحدث فتاة تبلغ من العمر اثنتي عشر عاما عن معاناتها داخل منزل مقاتل من “داعش”، واصفة الممارسات التي كان يقوم بها بـ”الوحشية”. كان جسدها نحيلا لدرجة يمكن معها لبالغ تطويق خصرها بيديه.
“لقد توسلت إليه مرارا وتكرارا ليتوقف، لقد كان الأمر مؤلما للغاية، لكنه كان يبرر ما يفعله بدعوى أن الإسلام أباح له اغتصاب كافرة، وأن الأمر يزيد من تقربه إلى الله”، تحكي الفتاة التي تعيش اليوم رفقة أسرتها بمخيمات اللاجئين بعد أن أمضت قرابة 11 شهرا من الأسر.
بالرغم من كونها ما تزال مجرد طفلة، تعرضت للاغتصاب يوميا من قبل عنصر “داعش” رغم تعرضها لنزيف متكرر. أمر تؤكده أسيرة إيزيدية تبلغ من العمر 34 عاما، كانت شاهدة على مأساة الطفلة.
إقرأ المزيد:داعش يقدم النساء كجوائز في مسابقات رمضان
وتؤكد الأسيرة الإيزيدية أنه بالرغم مما عانت من آلام، إلا أنها كانت أفضل حالا بالمقارنة مع ما تعرضت له الطفلة.
كان مغتصب الطفلة يقول إن ما قام به ليس “بخطيئة، بل أمر أباحه القرآن وشجعه عليه مادامت الفتاة غير مسلمة، فذلك يرضي الله”، تحكي المرأة الإيزيدية، مضيفة “لقد عمد إلى تقييد يديها وتكميم فمها، ثم سجد للصلاة قبل أن يغتصبها”.
وتحكي الأسيرة الفارة من جحيم ‘داعش” عن معاناة الطفلة الإيزيدية”لقد دمر جسدها بشكل لا يوصف، لقد أصيبت بالتهاب داخلي من شدة الممارسات العنيفة التي كانت تتعرض لها من طرف محتجزنا، والذي ما يفتأ يسألني عن سبب ضعفها وعدم مجاراتها له”.
وتضيف الأسيرة وهي تسترجع شريط الأحداث المرير، “لقد أخبرته أنها مجرد فتاة صغيرة وأنها بحاجة إلى الرعاية الطبية، إلا أنه تجاهل معاناتها واستمر في اغتصابها مؤكدا على أنها ليست بفتاة صغيرة مادامت تعرف كيفية ممارسة الجنس”.