أمام تنامي خطر الإرهاب في ليبيا ترغب واشنطن في إقامة قاعدة لطائرات بدون طيار على الحدود الليبية. كما ترغب تونس في بناء جدار حدودي مع ليبيا. فهل يكفي ذلك للحد من تزايد نفوذ الجماعات الإسلامية المتطرفة في المنطقة؟.
يوما بعد يوم يزداد غرق ليبيا في الفوضى وأعمال العنف، فالعديد من المليشيات من مدن وقبائل مختلفة تتقاتل فيما بينها. كما أن وجود برلمانين إثنين في نفس البلد يدل على حدة الإنقسام الذي تشهده البلاد. منذ شهر أغسطس من العام الماضي يحكم في طرابلس متمردون إسلاميون ، بينما اضطر البرلمان المعترف به دوليا لنقل مقره إلى طبرق شرق البلاد. رغم موافقة زعماء سياسيون ليبيون على نسخة جديدة من اتفاق السلام بوساطة أممية، تهدف إلى ممارسة ضغوط إضافية على الحكومة الإسلامية في طرابلس، فإن غياب قيادة سياسية مركزية في البلاد يؤدي إلى تنامي التطرف في ليبيا. في هذا الصدد يقول غونتر ماير، أستاذ الجغرافيا الاقتصادية ومدير مركز بحوث العالم العربي في جامعة ماينز الألمانية ” هذا الوضع منح لما يطلق عليها “الدولة الإسلامية” فرصة الانتشار”. ولهذا السبب فإن الولايات المتحدة تسعى إلى محاربة التنظيم في ليبيا أيضا من خلالاستخدام طائرات بدون طيار.
ليبيا تتحول إلى مركز للإرهاب
بدأ انتشار تنظيم “الدولة الإسلامية” بليبيا في أكتوبر/ تشرين الأول 2014 في المحافظة الشمالية الشرقية من درنة. درنة كانت “منذ عهد حكم الدكتاتور السابق معمر القذافي معقلا للإسلاميين” حسب الخبير في شؤون الشرق الأوسط غونتر ماير. لكن مقاتلي التنظيم الإسلامي تمكنوا من السيطرة على مدن أخرى مثل سرت، مسقط رأس معمر القذافي، وسبراتة بالقرب من الحدود التونسية. ومنذ ذلك الحين نفذ التنظيم الإسلامي المتطرف العديد من الهجمات في ليبيا وقام بقطع رؤوس 21 مسيحي. كما إن العديد من المقاتلين المتطرفين في ليبيا سبق لهم أن حاربوا في صفوف “داعش” في سوريا والعراق. وبعد عودتهم “أصبحوا يشكلون العمود الفقري للإرهابيين في ليبيا” حسب غونتر ماير. ومن بين الجماعات القتالية تحت راية تنظيم ” الدولة الإسلامية” هناك جماعة “أنصار الشريعة” المتطرفة. ويرى غونترماير أن تنظيم “الدولة الإسلامية” في ليبيا تحول من “تنظيم هامشي إلى تنظيم يستقطب العديد من الليبيين”. ومع مرور الوقت صارت ليبيا مركزا للإرهابيين في شمال افريقيا، يهدد المغرب العربي بأكمله، كما يضيف الخبير. ويتوفر التنظيم الإسلامي المتطرف على معسكرات التدريب التي استولى عليها شرق البلاد، كما أدمج مراكز تدريب جديدة في مناطق أخرى. وإضافة إلى استقطاب المقاتلين وتدريبهم يقوم التنظيم بعمليات تهريب الأسلحة عبر ليبيا، كما يوضح غونتر ماير.
تونس تخطط لبناء سور حدودي مع ليبيا
وبالنظر إلى أن حدود ليبيا مع الدولة المجاورة مفتوحة ويسهل عبورها، أعلن رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد بعد الهجوم الإرهابي في سوسة، عن رغبة حكومة بلاده في بناء سور بطول 168 كلم على الحدود الليبية لحماية تونس من المسلحين القادمين من ليبيا. وقد يحول السور المزمع بناؤه دون عبور التونسيين المتعاونين مع التنظيم الإرهابي إلى ليبيا، حيث يشكل هؤلاء العدد الأكبر من المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم ” الدولة الإسلامية”. فمنفذ هجوم سوسة انضم أيضا لتنظيم “الدولة الإسلامية” في ليبيا وخضع لتدريب في أحد المخيمات هناك، قبل أن يعود إلى تونس في نهاية يونيو/ حزيران الماضي لقتل39 سائحا.
استقطاب متزايد للمقاتلين المغاربيين
على الرغم من وجود العديد من المقاتلين التونسيين في تنظيم “الدولة الإسلامية”، فإن تونس لاتشكل قاعدة مهمة بالنسبة للتنظيم. ويبدو أن تنظيم “داعش” يحقق نجاحاً متزايداً في منافسته للجماعات الإسلامية الأخرى، حيث إنه نجح في استقطاب عدد متزايد من المقاتلين من دول مجاورة. كما أن الجماعة الإسلامية الجزائرية “جند الخليفة” أعلنت انشقاقها عن تنظيم القاعدة الإرهابي وأعلنت الولاء لأبي بكر البغدادي، قائد تنظيم “الدولة الإسلامية”. ويرى غونتر ماير أن المغرب “مهدد بدروه بخطر وصول “داعش” إلى أراضيه”، وأنه يشكل حاليا بلد عبور إلى سوريا. فالإسلاميون الذين يفشلون في السفر إلى ليبيا ومواصلة السفر بعدها إلى سوريا، يقصدون المغرب للسفر من هناك، حسب الخبير.
هل تتجه واشنطن إلى توسيع حربها على الإرهاب؟
حسب صحيفة “وول ستريت” نقلا عن مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية، فإن واشنطن تخطط لبناء قاعدة عسكرية لطائرات بدون طيار على الحدود مع ليبيا من أجل الحد من انتشار تنظيم “الدولة الإسلامية” في البلدان المغاربية. وقد تستخدم الولايات المتحدة إحدى القواعد على الحدود الليبية مع تونس والجزائر ومصر والنيجر وتشاد والسودان. وتعمل الولايات المتحدة حاليا على تكوين صورة لها عن أنشطة “الدولة الإسلامية” في ليبيا. وأضاف تقرير صحيفة “وول ستريت” أنه من الممكن أيضا أن “تستخدم طائرات بدون طيار لتنفيذ هجمات على مواقع الإرهابيين”. وسيعني ذلك قيام الولايات المتحدة بتوسيع عملياتها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” التي اقتصرت حتى الآن على ضربات جوية ضد التنظيم في سوريا والعراق ضمن تحالف دولي.