لأول مرة مذكرات طفولة ميسي بقلمه !

خالد الغازي
2016-03-17T13:32:04+00:00
إضاءاتثقافة ومعرفة
خالد الغازي5 يونيو 2015آخر تحديث : منذ 8 سنوات
لأول مرة مذكرات طفولة ميسي بقلمه !

ولدت في روزاريو وهي أكبر مدينة في مقاطعة سينتا، كنا نعيش بسعادة في منزلنا في حي جنوب المدينة يدعى باريو لاس بيراس ومازلت مغرم بـ باريو ، مازال منزلنا هناك حتى الآن وأذهب إليه كلما سنحت الفرصة لرؤية العديد من الأصدقاء، كبرت بجوار خمسة أشقاء وأبناء العمومة وكنا نلعب الكرة فيما بيننا أو مع فرق أخرى من الفتيان في نهاية كل أسبوع.

أتذكر أني حصلت على كرتي الأولى وأنا في عمر الثالثة أو ربما الرابعة وكانت هدية، ومنذ ذلك الوقت أصبحت تلك هي هديتي المفضلة سواء في كريسماس أو عيد ميلادي .. في البداية كنت أهوى تجميعهم، وكنت أبقيهم في البيت ولا ألعب بها في الشارع خوفاً من أن تنفجر أو تتلف.. لكن مع مرور الوقت تشجعت وبدأت ألعب بكراتي في الشارع.

كانت هناك أماكن خضراء في كل مكان لكن ليست كحديقة تصلح للعب، وكان هنالك قاعدة عسكرية مهجورة تدعى بتالون قرب منزلنا فكنا نتسلل داخلها عبر فجوة في جدار السور، لكن في أغلب الأحيان كنا نلعب كرة القدم في الشارع أمام البيت أو في أي مكان بالحي وكانت المباريات مستمرة دوماً، في ذلك الوقت كنا نلعب في شوارع غير معبدة وغير مستوية بطبيعة الحال لم يكن حي من الأحياء الراقية، لكن كان الجميع يعرف بعضه ونلعب بحرية أمام منازلنا وكانت أمي تتابعني وتشاهدني من المنزل لذا لم تكن قلقة عليّ.

بدأت ممارسة كرة القدم وأنا في الخامسة .. في البداية لم يكن يسمح لي باللعب مع من هم أكبر مني لكن الأمر تبدل مع تقدم عمري ، كان أمر في غاية الطرافة .. فلم يكن أخوتي الكبار يسمحوا لي باللعب معهم بحجة أن جسمي صغير وأنهم يلعبون أمام أولاد كبار في السن لا يستطيعون افتكاك الكرة مني لذا خافوا عليّ من أن أتعرض لضرب منهم أو أصاب بأي أذى بسبب غضبهم لإستحواذي على الكرة .. هذا ما إعتاد أخوتي قوله لي وقتها.

misy

بالتزامن مع هذا الوقت كنت قد التحقت بفريق محلي صغير إسمه جراندولي، في الواقع لم أكن وحدي من انضم للفريق حيث كان كل أولاد العائلة قد التحقوا به كما أن أبي كان يعمل مدرباً فيه، كنا نقضي طوال النهار في النادي يوم الأحد من كل أسبوع لأن كل فرد من العائلة كان يشارك في فئة فريق عمري مختلف، بدايةً مني كأصغر فرد نهايةً بعمي الذي يلعب في الفريق الأول.
عندما بدأت اللعب مع جراندولي كنا نواجه فرق صغيرة في الأحياء الجنوبية من روزاريو وقد قادني الحظ للعب مع فرق أكبر من سني، حيث لم يكن هناك فريق لفئة عمري بالنادي، ولكن في احدى المرات تخلف لاعب من الفريق الأكبر عمراً وحثتني جدتي على التقدم للعب مكانه، في البداية كان المدرب غير مقتنع بمشاركتي لكن بعدها تركني ألعب المباراة.

وكانت تلك مباراتي الأولى مع أولاد أكبر مني عمراً، وعندما تكون فريق لمن هم في نفس عمري كان والدي هو من أشرف على تدريبنا، كنت أستغل كل ساعة ممكنة في اليوم لألعب الكرة .. بمجرد عودتي من المدرسة كنت أذهب فوراً للعب في الشارع وبعدها أذهب للتدريب في جراندولي ومن ثم العودة للبيت للأكل وبعدها أعود للعب في الشارع .. دوماً كنت في الشارع للعب الكرة حتى وأنا في البيت كنت أحتفظ بالكرة، وبدأ أخوتي يتخلون عن خوفهم عليّ فقد بدأ الأولاد في الحي يعرفوني رويداً .. في عمر الثامنة أو التاسعة لم أعد أهاب التعرض للضرب..

كما تعلمون لم يكن لدي لاعب مفضل معين اتخذه بطل خاص لي، ولكن مثل كل الأولاد في الأرجنتين أعجبت بـمارادونا وشاهدت مباريات عديدة له مع بوكا جونيورز، وأتذكر متابعتي بشغف بابلو ايمار ، لكن رغم هذا لم لدي نموذج للاعب بعينه أرغب أن أحتذي به، لقد نشأت مع إخوتي وأولاد عمومتي ولعبنا في الشارع وشاهدتهم وكنت أتعلم أثناء اللعب، بجانب والدي الذي إعتاد تقديم نصائح متكررة لي والتي أعتقدت وقتها أنها مزعجة ! ولكن الحقيقة أن عائلتي هي من وجهت لي حياتي، ولكن فيما يتعلق بكرة القدم فقد كنت فقط أفعل ما كنت أفكر فيه بطبيعية وعدم دراسة أو تفكير للأمر.

في تلك الأوقات لم أكن أشاهد أو أتابع مباريات كرة القدم كثيراً، ولكني اعتدت مع والدي وأعمامي أن نذهب لمشاهدة مباريات فريق نيولز أولد بويز وهو واحد من أكبر فريقين في روزاريو، عندما كنت صغير كنت أفكر اني أريد فقط أن أصبح لاعب كرة قدم كان دوماً حلمي ولم أكن أتخيل أنه سيتحقق في يوماً ما، فقد كنت ألعب وأفكر فقط باللعب، ولكن في جزءٍ ما داخل عقلي كنت أتخيل أني سأصبح لاعب كرة قدم محترف مثل اللاعبين الذين اعتدت مشاهدتهم في فريق نيولز أولد بويز.
ولكن بعد عام ونصف رفقة جراندولي انتقلت للتدرب مع فريق نيولز أولد بويز في فريق فئتي العمرية وكنا نلعب سبعة لاعبين مقابل سبعة ولكن بالطبع في دوري أكثر منافسة وقوة، وبعدها بدأت اللعب مع 11 لاعب، لكن ذهبت حينها لأول مرة الى الطبيب بسبب مشكلة صغر حجمي، لقد كنت أصغر حجماً من الأولاد الآخرين وكنت أرى في أعينهم نظرات الإستغراب وهو أمر كان يبعث بعدم الراحة ولكن بمجرد اللعب ويرون كيف ألعب كان كل شيء ينسى، لم أكن أفكر مطلقاً في أن هذا الأمر مقلقاً.

onil

أرسلني نادي نيولز أولد بويز إلى مستشفى متخصص أجرى عليّ العديد من الفحوصات والإختبارات ثم قال لي الطبيب أن هرمون النمو عندي خامل وأنه ينمو ببطء شديد أكثر بكثير من المعتاد وأني بحاجة لعلاج من شأنه تحفيز زيادة الهرمون حتى أنمو بالمعدل العادي لمن هم في عمري، كنت وقتها في عمر الحادية عشر أو ربما الثانية عشر عندما بدأت رحلة العلاج وتكفل والدي بدفع مصاريفها لمدة عام كامل، حتى انتقلت إلى أوروبا، وفي برشلونة كانوا على علم بالأمر وتكفلوا بكامل مصاريف العلاج، لكني لم آت الى برشلونة بالطبع من أجل ذلك.
كنت مازلت صبياً صغيراً في عمر الثالثة عشر عندما جئت لأول مرة الى إسبانيا، ذهب والدي في البداية بمفرده لإنهاء كل الأمور، ثم ذهبت تقريباً في سبتمبر ومكثت قرابة خمسة عشر يوماً وبعدها عدت إلى الأرجنتين ومن ثم عدت مجدداً إلى برشلونة في فبراير مع كل عائلتي، بدأت رحلتي في كامب نو .. لقد كنت مبهور بكل الأجواء وسعيد ولكنه كان أمر غريب بعض الشيء، حيث لم أعد ألعب مثل قبل في الشارع ولا أخوض المباريات المعتادة فيه، الأولاد كانوا كُثر وثقافتهم عقليتهم غريبة بسبب أسلوب تربيتهم، الأمر الذي كان أكثر إزعاجاً لي هو أنني لم أكن أستطع الإنطلاق والجري واللعب خارج المنزل مع زملائي كما كنت في السابق ، مازلت أشعر بداخلي أنني أرجنتيني بنفس الفكر والعادات وأسلوب المعيشة، بالطبع أنا أشعر بالراحة في برشلونة فأنا هنا منذ فترة طويلة.

هناك فقط أمر واحد جلبته معي من الأرجنتين وظل معي في برشلونة ولم يتغير .. وهو كراهية الخسارة في أي شيء على الإطلاق، عندما كنت طفلاً صغيراً وألعب مع إخوتي وكانت النتيجة أقرب لخسارتي كانوا يدعوني أفوز لأنهم يعلمون أنني لو خسرت ستكون مشكلة كبيرة بالنسبة لي .. إنها عقلية مختلفة ، عندما جئت إلى برشلونة وكنا نخوض مباريات في التدريب وكنت أتضايق جدا عند الخسارة لكن الأمر كان عادياً لدى باقي الأولاد .. هذا أمر لم أكن أستطيع تفهمه!

life360

مازلت أحرص على الذهاب إلى منزلي في روزاريو كلما سنحت الفرصة بمناسبة الكريسماس أو إجازة الصيف وكذلك عند مشاركتي مع المنتخب، مازلت أقابل العديد من أصدقائي بالرغم من الاختلافات من الطفولة إلى الآن، حتى في الأرجنتين أصبح الأهل يخافون على سلامة وأمن أولادهم ولا يسمحون لهم باللعب في الشارع، عند التفكير قليلاً في الماضي أعتقد أنني فقدت بعضا من تجارب الطفولة بسبب ذهابي إلى أوروبا، أحياناً يمر علي بعض الأصدقاء للخروج سوياً لكنني لا أستطيع بسبب المباريات، لكني لست نادماً على ذلك لأن هذا هو ما أردت، فأكثر شيء في العالم يسعدني هو لعب كرة القدم التي أحبها فعلاً، وهو أمر كان بداخلي منذ كنت طفلاً .. كنت ألعب كرة القدم للاستمتاع .. كرة القدم ليست وظيفة بالنسبة لي فأنا مازلت أمارسها من أجل المتعة تماماً كما كنت صبياً صغيراً.

ملاحظة : هذا الموضوع تم نشره في مجلة لايف 360، الصادرة عن مؤسسة جلف سبورتس ميديا المالكة للعلامة التجارية سبورت 360، وصدر العدد الأول من مجلة لايف 360 باللغة الإنجليزية يوم الخميس 4-06-2015.
المصدر – فريق سبورت 360

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق