على الرغم من العطلة المدرسية، وانشغال الناس بالصيف ومتطلباته، فإن صفحات الفضاء الأزرق تمتلئ بإرهاصات “ثورة” جزائرية يخبئها الدخول الاجتماعي والمدرسي بعد شهر من الآن، على وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط ومخططها لفرض تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية، واعتبار الفرنسية لغة أجنبية أولى بدل الانجليزية، كما كانت الشائعات تتحدث، وهي قرارات يعتبرها المعنيون بهذا الأمر مخططا متكامل الأبعاد ل “فرنسة التعليم الجزائري” وكتابة شهادة وفاة رسمية لسياسة تعريبه المستمرة منذ عقود.
استهداف مادة التربية الإسلامية
قرارات وخطط بن غبريط التي تلقى معارضة حاسمة من قبل جميع من يعتبرون أنفسهم غيورين على انتماء الجزائر الحضاري لأمتيها العربية والإسلامية، لم تقف عند حد فرض الفرنسية التي يعتبرونها لغة ميتة، وإنما تعدتها للكشف عن توجه بتقليص عدد أيام الامتحانات في البكالوريا، انسجاما مع تقليص عدد المواد الممتحن فيها، “لتقتصر امتحانات البكالوريا على المواد المهمة”، وهو الأمر الذي اعتبره معارضو الوزيرة استهدافا مباشرا لمادة التربية الإسلامية، باعتبارها في عرف الوزيرة “مادة غير مهمة”، وهو ما يمثل برأيهم تهديدا مباشرا للهوية الوطنية، و”يناقض بيان الثورة الجزائرية في الأول من نوفمبر، والذي حسم في هوية وانتماء الجزائر”.
بن غبريط: بين العزل والتجريم
وتعددت الدعوات عبر صفحات التواصل الاجتماعي من أجل شن حرب لا تهدأ إلا بعزل الوزيرة بن غبريط، وإقبار مخططاتها للفرنسة، مطالبين بجملة من المطالب تراوحت ما بين دعوة نقابات التعليم لخوض إضراب مفتوح عن العمل، مرورا بمطالبة الأهالي بالامتناع عن إرسال أبنائهم إلى المدارس، في ما يشبه العصيان المدني، وكذا التنادي لتوقيع الأساتذة والطلاب وأولياء الأمور والأهالي عموماعلى عريضة تطالب باعتبار الوزيرة بن غبريط والجماعة التي تعمل معها “جماعة إرهابية تهدف إلى ضرب الروح المعنوية للشعب الجزائري”، وانتهاء بمطالبة قيادة الجيش وتحديدا رئيس هيئة الأركان الفريق أحمد قايد صالح، بالضغط من أجل إقالة بن غبريط وإلغاء مخططاتها وقراراتها.
وتبدو هذه القضية (فرنسة التعليم الجزائري) مرشحة لمزيد من التصعيد، بل ويمكن اعتبارها معركة “كسر عظم” بين الفريق المنادي بالتخلص من النفوذ الفرنسي في الجزائر، والفريق المدافع عن ضرورة استمرار وتعميق هذا النفوذ، وهو ما ينبئ بدخول اجتماعي ومدرسي ساخن، ستكون له لا محالة انعكاسات سياسية مهمة. أما محطة الاختبار المقبلة، فستكون المحطة التي تتحدث عن تغيير حكومي مرتقب على حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال، وذلك إثر المرسوم الجمهوري الذي يمنع تقلد المناصب العليا على مزدوجي الجنسية، وهي الحالة التي تشمل عددا من الوزراء، حيث يترقب الجميع لمعرفة ما إذا كان اسم الوزيرة المثيرة للجدل بن غبريط سيكون في عداد المغادرين. أمر مرهون بنوعية الضغوط التي سيمارسها معارضو الوزيرة خلال الأيام القليلة المقبلة.