ليس هناك ادنى شك حول انزعاج السيدة زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي من خطوة المغرب المعلنة لرغبته في التحرك كبلد افريقي محوري داخل الاتحاد الافريقي. وقد أزعجها اكثر ما أزعجها ان تكون خطوة المغرب مقدمة نحو طرد جمهورية الوهم الجزائري في تندوف. اما دلائل هذا الانزعاج فيمكن رصدها في البيان الاعلامي الصادر عن المفوضية من خلال:
اولا، اعتماد البيان أسلوب دحض وتفنيد ما ليس موضوعا لذلك. واختلاق أسئلة لم تطرح أصلا لتدبيج أجوبة لم تكن هناك اي ضرورة لها.
مثال ذلك. المغرب لم يقل بأنه خاطب رؤساء الوفود الى القمة مباشرة وانما اكد تسليم رسالة من الملك محمد السادس الى الرئيس التشادي رئيس الدورة الحالية للاتحاد الافريقي وهو بالطبع سيحيلها على الاعضاء عبر المفوضية او عبر رؤساء الوفود لان هذا من صلاحياته. وقد اضطرت السيدة زوما الاعتراف من خلال البيان الاعلامي ان الرئيس التشادي أحال عليها رسالة الملك.
الخلاصة على هذا المستوى انه ليس هناك داعٍ للقول ان المغرب لم يحضر فهو لم يحضر.
ثانيا، اما القول ان رسالة ملك المغرب لم تقرأ في الجمعية العامة فهو جواب على سؤال غير ذي موضوع لأن المغرب لم يقل ان رسالة الملك قد قرئت في القمة، وبالتالي لا داعي لتفنيد دعوى ليس لها وجود في الأصل.
ثالثا، يقول البيان ان موضوع انضمام المغرب لم يكن نقطة ضمن جدول اعمال القمة فهل قال المغرب في اي تصريح رسمي او شبه رسمي ان هذه المسألة مطروحة على جدول اعمال القمة او طالب بشكل رسمي بإدراجها ضمن جدول اعمال قمة كيغالي؟ فلماذا إذن ينبغي التأكيد على هذه المسألة في محاولة لتكذيب ما لم يقل.
تحدث البيان عن مسطرة كيفية قبول الأعضاء. وليس هناك من ينازع اي مؤسسة في طرح شروط العضوية فيها. وبما ان هذا واضح في وثيقة القانون التأسيسي للاتحاد، فليس هناك من يشك في ان المغرب قد درس هذا القانون التأسيسي دراسة وافية قبل ان يعرب عن موقفه من الانضمام الى الاتحاد. ولن يطلب غير احترام الآجال والخطوات القانونية.
يقول البيان ان حصول طلب الانضمام على الأغلبية البسيطة يحول الطلب الى حقيقة، لكنه لم يذكر شيئا عن 28 دولة افريقية وقعت عريضة تؤيد عضوية المغرب داخل الاتحاد. وهذا من باب الامانة في نقل الوقائع، وليس المطالبة بتبني الموقف لأن كل الدول حرة مبدئيا في اتخاذ الموقف الذي ترغب في اتخاذه.
ويبدو لي ان بيت القصيد، والنقطة المحورية الذي دفعت مفوضية السيدة زوما الى صياغة هذا البيان هي التأكيد على انه لا مجال لطرد دولة الوهم الجزائري، وان لم تسمها لأن القانون التآسيسي لا ينص على طرد أي دولة.وهذا جواب مسبق على سؤال لم يطرح بعد. لكنه بكل تأكيد إشارة واضحة الى المعركة المقبلة التي تعرف رئيسة المفوضية ان المغرب مقدم عليها لا محالة.
وبما انها تدرك ان مسلسل انهيار المشروع الانفصالي في الصحراء قد دشن مرحلة السقوط الحر فإنها قررت الاستنجاد ليس ببنود القانون التأسيسي للاتحاد، ولو كان ذلك من خلال تأويلها بطرق غير منطقية، وانما بالقول ان القانون لا يتضمن بندا ينص على شروط طرد اي دولة من الاتحاد. وهذا اغرب منطق يمكن ان يواجهه اي عاقل. لأنه من أبجديات نظام عمل كل المؤسسات قدرتها على تغيير بنود او حذف بنود او زيادة بنود تهم القانون التأسيسي او غيره من القوانين المنظمة.
ان السيدة زوما قالت كلمتها وهي انها ترفض طرد جمهورية الوهم الصحراوي من الاتحاد الافريقي. وهذا من حقها، لكن لا يحق لها ان تفرض على الاتحاد وجهة نظرها بهذه الطريقة الساذجة الى ابعد الحدود. لان مثل هذه المحاولة يعني شيئا فقط وهو ان حقد أعداء المغرب يعمي البصر والبصيرة معا.