الرئيسية / إضاءات / لماذا يتصدر التونسيون المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق؟
المقاتلين الأجانب
جانب من مقاتلي تنظيم "داعش" بالعراق

لماذا يتصدر التونسيون المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق؟

بالنظر إلى مساحتها وقلة عدد سكانها، فضلا عن التقاليد العلمانية التي عرفتها على مدار عقود، كان من المستغرب للعديدين كيف أن تونس توجد في صدارة الدول التي ينحدر منها الكثير من المقاتلين الأجانب في صفوف الجماعات الإسلامية المسلحة.

في مقاله له حول الموضوع بموقع مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، ذكر الكاتب كريستيان كاريل أن آخر التقديرات تشير إلى وجود 7 آلاف مقاتل تونسي التحقوا بتنظيم “داعش”، أي أن عددهم أكبر من عدد المقاتلين الأجانب القادمين من دول أخرى أكبر مساحة وتعدادا سكانيا مقارنة بتونس، مثل مصر والسعودية.

المد المتطرف الذي شهدته تونس، من خلال أبنائها المتواجدين في سوريا والعراق وليبيا المجاورة، والمنتمين للجماعات المسلحة، وأيضا العمليات الإرهابية التي هزت البلاد والهجوم الذي تم على مدينة بن قردان على الحدود الليبية، يبدو متعارضا مع التطور الذي شهدته تونس في مجال بناء مؤسسات ديمقراطية، يقول كاريل.

كاتب المقال تحدث عن زيارته إلى تونس، والتي سعى خلالها إلى الحصول على إجابات على سؤاله المتعلق بالأسباب الكامنة وراء تخريج البلاد عددا من المسلحين هم اليوم على قائمة المقاتلين الأجانب في الشرق الأوسط؟

من بين الإجابات التي قدمت إلى كريستيان كاريل ما يرتبط بمناخ الحرية الذي وفرته ثورة 2011 للمتشددين للتحرك والتنظيم وتبادل المعلومات.

بعض المسؤولين في الدولة أكدوا لكاتب المقال أن أجهزة الأمن تضررت كثيرا بعد الثورة، وإن كان الكاتب لم يبدو مقتنعا بهذا الكلام معتبرا أن قوى الأمن أبانت عن جاهزيتها من خلال كيفية ردها على هجوم بن قردان.

المثير في الحالة التونسية، كما قال كريستيان كاريل، هو كون المظاهر الغربية حاضرة بقوة في البلاد، ولا يبدو الكثير من الرجال والنساء وهم يرتدون الزي التقليدي، على عكس ليبيا التي تظهر فيها غالبية النساء بالحجاب.

كما أن تونس عرفت تحديثا على النمط الغربي إبان حكم الحبيب بورقيبة، الذي وصفه صاحب المقال “بالعلماني الراديكالي” والمعجب بالزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك.

بيد أن المشكل، يكمن في أن تهميش الدين قد تكون له ردات فعل سلبية، يقول الكاتب، وهو ما حصل في تونس حيث صار المتدينون حينها يشعرون بأنه مهمشون في بلدهم، وهو ما حصل أيضا في تركيا إبان حكم أتاتورك ومن خلفه في السلطة.

بيد أنه، وعلى خلاف تركيا التي أدى فيها الانفتاح السياسي إلى صعود الإسلاميين بزعامة رجب طيب أردوغان، لم يسمح بورقيبة وخلفه زين العابدين بن علي بأي تعبيرات إسلامية مماثلة، حيث لم يتمكن قادة حركة “النهضة” من العودة إلى بلادهم من المنفى إلا بعد ثورة 2011.

بالمقابل، فإن آخرين من أصحاب التوجه الإسلامي انحرفوا أكثر نحو التطرف من خلال الالتحاق بتنظيمات مثل “القاعدة”.

وكخلاصة، يرى كريستيان كاريل أن مصير تونس رهين بمدى قدرتها على التوفيق بين ماضيها العلماني، الذي ساهم في نظره في جعل بذور الديمقراطية تنمو بسرعة، وردة الفعل العنيف المرتبطة التي صاحبت عملية التحديث التي تم على مدار 60 سنة.