ربما فهم المغرب أن بقاء مقعده شاغرا في منظمة الاتحاد الإفريقي بات أمرا غير مستحبا، في ظل التحولات الجيواستراتيجية والاقتصادية التي تشهدها القارة السمراء، فبعد أن انسحب منها في 12 نونبر 1984 احتجاجا على خرق الشرعية المتمثلة في قبول انضمام جمهورية الوهم، ظل المغرب جزء من إفريقيا ولم يفارق أبدا قارته السمراء. فالملك محمد السادس ومنذ اعتلاءه سدة الحكم، تعامل مع هذه القارة “العذراء”، بشكل مختلف عن عهد الراحل الحسن الثاني، بحيث هناك أوراش بارزة ومتميزة تتوخى إرساء مناخ الاستقرار والتنمية لتعزيز تعاون جنوب- جنوب.
من دون شك الرسالة التي وجه الملك محمد السادس، إلى القمة الـ 27 للاتحاد الإفريقي في كيغالي عاصمة رواندا، والتي تسلمها رئيس الدورة الحالية رئيس تشاد من قبل رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي، جاءت بمضامين صريحة العبارة مفادها أن “المغرب يتجه اليوم بكل عزم ووضوح، نحو العودة إلى كنف عائلته المؤسسية، ومواصلة تحمل مسؤولياته، بحماس أكبر وبكل الاقتناع”، وبالتالي فاسترجاع المغرب لعضويته سيمكنه حسب مجموعة من المتتبعين من الدفاع بشكل أكثر فعالية عن موقفه تجاه القضية الوطنية، وإسماع صوته لإرجاع التوازن إلى مواقف الاتحاد الإفريقي.
“قرار المغرب بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي، جاء لاعتبارات جيوسراتيجية واقتصادية”. يقول الدكتور محمد زين الدين أستاذ العلوم السياسية في تصريح لـ مشاهد24 ثم يستطرد قائلا: “بعد خروج المغرب من الاتحاد الافريقي على إثر انحياز هذه المنظمة بقبول دولة وهمية غير معترف بها دوليا، بدأ المغرب يدشن علاقات قوية منذ تلك الفترة مع مجموعة من الدول الإفريقية، وبرز ذلك بشكل جلي عندما اعتلى العاهل المغربي محمد السادس عرش أسلافه، بإعطائه نفسا قويا لهذه العلاقات، صاحبها دعوات من دول إفريقية عديدة لعودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي”.
وأضاف الدكتور زين الدين، أن “سياسة المقعد الفارغ لم تعد تجدي نفعا بالنظر إلى التحديات والمخاطر التي تواجها القارة الإفريقية”، وبالتالي يضيف المتحدث ذاته، فإن عودة المغرب إلى كنف الاتحاد الافريقي والذي يعتبر من مؤسسيه “سوف يشكل إضافة نوعية، بحيث سيلعب دورا مهما في ظل التحديات الأمنية والمخاطر الإرهابية التي تعاني منها المنطقة”.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن “جميع التقارير الأوروبية تتكلم عن كون القارة الإفريقية من أكثر القارات جذبا للاستثمارات الدولية، والمغرب استوعب هذا الدرس وسارع إلى خلق استثمارات في مجالات (العقار والأبناك والمال والأعمال والسياحة)”، وبالتالي يضيف المتحدث ذاته “مع هذه الخطوات الاستباقية وقراره بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي سيوجه المغرب صفعة قوية إلى خصومه، وسيضيق الخناق على الجزائر التي اغتنمت فراغ الاتحاد الافريقي من مقعد المغرب لسنين طويلة، وساهمت في تأزيم العديد من الملفات”.
تكثيف جهود المغرب داخل القارة السمراء، دفع بعدد من الدول الإفريقية إلى سحب اعترافها بالجمهورية الصحراوية الوهمية بحيث كان آخرها زامبيا، فالمعطيات والأرقام تشير إلى انخفاض عدد الدول الإفريقية المعترفة بهذا الكيان الوهمي إلى 13 دولة فقط، وهو مما يطرح التساؤل حول الشرعية التي تبرر بقاء عضوية دولة “الوهم”، في الوقت الذي لا تتوفر فيه على الأغلبية المطلقة.