” أراجيك” ـ مقال بواسطة/ حسن علاء، من مصر
تمكن علماء الجيولوجيا على مدار الخمسين سنة الماضية من جمع الكثير من المعلومات عن ظاهر الأرض وباطنها ووضع تفسيرات لكثير من المعالم التي تحوي تاريخ تكون الأرض والتغيرات التي حدثت لها مثل؛ نظرية “تكتونية الألواح”، التي تفسر الانجراف القاري وتكون الجبال والبراكين والجزر وغيرها من الظواهر المختلفة، واعتبار حركة الألواح التكتونية المسبب الرئيسي للزلازل وما يتبعها من كوارث طبيعية.
أما الآن، فقد حان دور المريخ ليتم استكشاف باطنه، وذلك بعد أن قررت وكالة ناسا الأمريكية دراسة باطن المريخ من خلال المهمة insight التي يتم الإعداد لها حالياً في مختبرات ناسا، حيث تقوم مركبة الهبوط بالحفر إلى أعماق بعيدة داخل الكوكب الأحمر واستخدام أجهزة سيزمية –تعتمد على انعكاس الموجات لاكتشاف خواص الصخور- وحرارية لمعرفة ما يخبئه لنا الكوكب من أسرار.
لماذا المريخ؟
اهتمت الرحلات السابقة إلى الكوكب الأحمر باستكشاف سطحه فقط، فتم دراسة التكوينات الصخرية السطحية مثل الأخاديد والبراكين والتربة وكيميائية الصخور، إلا أن أحداً لم يحاول دراسة التاريخ المبكر للكوكب وتطوره عبر ملايين السنين، ولا يمكن معرفة ذلك إلا من خلال دراسة باطنه للتعرف على التغيرات والأحداث الهامة التي أثرت عليه خلال تاريخه الطويل.
ما يميز المريخ هو عدم نشاطه جيولوجياً، فلا يوجد حركة للألواح التكتونية تهدم التراكيب الصخرية للكوكب بما تحتويه من تاريخ مسجل فيها. لذلك فإن سبر أغوار الكوكب ودراسته ستساعدنا بشكل كبير في فهم الطريقة التي تكونت بها الكواكب وما ستؤول إليه فيما بعد.
فبدارسة حجم وسمك وكثافة الطبقات الصخرية بالإضافة إلى معدل تبرد الكوكب ستوفر المهمة insight معلومات هامة عن آلية تطور الكواكب الداخلية للمجموعة الشمسية. وبالنظر إلى العمليات الأساسية التي تشكل الكواكب؛ فإن المريخ يعد كوكباً حقيقياً وذلك بسبب حجمه المناسب الذي جعله يخضع لدرجات الحرارة المرتفعة في بداية تكونه ليحدث التغاير في مكوناته ويتركب من (القشرة والوشاح واللب) كما هو الحال في كوكب الأرض والقمر وباقي الكواكب الداخلية الأخرى.
التكنولوجيا المستخدمة في المهمة:
يبدو أن الوكالة الأمريكية المعروفة برحلاتها إلى الفضاء الخارجي أرادت أن تقلل من نفقات المهمة هذه المرة فأعلنت أنها ستستعين بنفس التكنولوجيا التي استخدمتها في المهمة السابقة إلى المريخ “phonix” عام 2007 لدراسة الجليد في منطقة قريبة من القطب الشمالي للكوكب الأحمر دون إنفاق الكثير من الأموال على استحداث تكنولوجيا جديدة.
كما أنها ستتبع نفس سياسة الرحلة السابقة في طريقة إرسال مركبة الهبوط، إلا أن المختلف هذه المرة هو استخدام المركبة في الحفر داخل سطح الكوكب للتحقيق وجمع المعلومات المطلوبة ودراسة تصادمات النيازك بما يتيح مقارنتها مع تصادمات النيازك بالأرض.
للمزيد:المريخ “رسمياً” ممتلئ بالمياه.. إعلان ناسا الأخير الذي فاجأت به العالم !
مركبة الهبوط ستكون مجهزة بأداتين؛ إحداهما لقياس تدفق الحرارة الداخلية والأخرى لقياس النشاط الداخلي والاهتزازات الناتجة من قوة جذب الشمس والأقمار لكوكبنا محل الدراسة. وسيقوم العلماء بتفسير البيانات التي تسعى المهمة للحصول عليها من أجل فهم الطريقة التي تكونت بها الكواكب الداخلية للمجموعة الشمسية وبناء تصور لما سيؤول إليه كوكبنا فيما بعد.
تفاصيل المهمة:
من المنتظر أن تنطلق المهمة في مارس 2016 لتصل إلى سطح المريخ في أواخر العام. وعند وصول مركبة الهبوط إلى السطح ستقضي عامين تجمع فيهما معلومات وافية عن باطن المريخ والآليات التي شكلته، وقد تم اختيار الموقع الذي ستهبط عليه المركبة لتخترق السطح مباشرة وتبدأ في عملها. والمواعيد المحددة للمهمة كالتالي:
الانطلاق: من 4 مارس إلى 30 مارس 2016.
الهبوط: من 28 سبتمبر إلى أواخر 2016.
العمليات السطحية: 728 يوم.
نهاية المهمة الرئيسية: 26/9/2018