بقلم: المهدي ثابت
مقدّمة
انطلقت صافرة البداية لقرب عملية اختيار رئيس حكومة التوافق الوطني ونوابه، إلا أن إعلان بعض الأسماء المرشحة إنسحابها من خوض تجربة رئاسة الحكومة كانت مفاجأة لبعض داعميهم بعد اقل من (20) يوم على إجراء عملية الاختيار. ومن بين ابرز هؤلاء المرشحين المنسحبين, الذين تعذر بعضهم بقوله أنه تعرض للضغوط، وعدد آخر من المرشحين أكدوا انسحابهم بسبب صعوبة المرحلة وعدم قدرتهم على ادارة البلاد. خوف من الفشل يري بعض المراقبين أن إعلان بعض المرشحين الانسحاب باكرا من عملية الاختيار والمفاضلة هو خوف من الفشل وعدم الفوز لهؤلاء المرشحين في عملية الاختيار.
شروط الشارع الليبي:
يتطلع المواطن ان يكون رئيس الحكومة القادم قادرا على تحقيق الاستقرار، ووقف الحرب و العنف والجريمة ومحاربة الارهاب وتوحيد صفوف الجيش وتمكين المؤسسة الأمنية من بسط سيطرة الدولة، وتحقيق اكبر قدر من الاستقرار الاقتصادي وتوفير الاحتياجات الاساسية، ومعالجة ازمة الكهرباء وتوفير كافة الخدمات، وهذا يتطلب شخصية قيادية تدرك ابعاد المشكل السياسي, ولها قدرة على معالجة التشقق الذي حدث فى النسيج الاجتماعي، وخبرة في إدارة النزاع ودراية بالمؤسسة الليبية وخبرة ادارية و ان يكون بعيدا عن النزاع بالقدر الذي يجعله مقبولا لدى جميع الأطراف.
ابرز المرشحين المنسحبين:
تراجعت أسماء كانت تبحث لها عن مكان فى رئاسة الحكومة المقبلة، من بينها ابراهيم الدباشي من مدينة صبراته مندوب ليبيا في الأمم المتحدة، وكذلك المستشار المالي الدكتور عاطف البحري من ورشفانة وكيل وزارة الاتصالات بحكومة على زيدان. وشهدت الفترة الماضية اعتذار رجل الاعمال عبدالمنعم عبدالعزيز الرجباني، والدبلوماسي محمد البرغثي من الشرق الليبي، سفير ليبيا بالمملكة الاردنية. ومن ابرز المرشحين المنسحبين الشيباني ابوهمود من الجنوب الليبي سفير ليبيا في فرنسا، والذي اعتذر عن تولي منصب رئاسة الحكومة، في حين تخلى المحامي وعضو لجنة الستين ضو المنصوري عون من ورشفانة وكذلك المحامي الدكتور صالح الزحاف من ورشفانة والدكتور عمر الأسود من الزنتان لصالح المرشحين الاخرين. كما شهدت الساحة السياسية انسحاب عبدالمجيد مليقطة من الزنتان النائب السابق لرئيس تحالف القوي الوطنية، في حين اعتذر محمد شعيب عضو مجلس النواب عن مدينة الزاوية و عضو لجنة الحوار السياسي، بينما لم يرحب أحمد عبدربه العبار من مدينة بنغازي بتولي رئاسة الحكومة. فيما تتخوف بعض الاطراف الليبية المشاركة في الحوار من ترشيح مصطفى ابوشاقور المحسوب على التيار الإسلامي عضو الحوار الليبي الذي لم يعلن صراحة رفضه لتولي اي منصب في الحكومة القادمة. المغادرون ساحة الترشح وبعد اجراء عدد من المقابلات مع أعضاء مجلس النواب عن المنطقة الغربية فإن من بين المغادرين باكرا في خوض غمار المنافسة الاكاديمي الدكتور احمد عون والدكتور نبيل الغدامسي والدكتور بشير الاصيبعي، وفي السياق نفسه أعلن العديد من هولاء المرشحين المستقلين انسحابهم عن الترشيح والعودة لممارسة حياتهم العادية بعد سحبهم للترشيحات, وأكد المنسحبون او المغادرون أن عودتهم تأتي حفاظا على وحدة الوطن، مؤكدين أنهم سيظلون دعاة للإصلاح والتغيير داخل البلاد. فيما تسببت خلافات وصراعات داخل مجلس النواب والمؤتمر المنتهية ولايته في انسحاب العديد من الشخصيات. والسؤال المطروح غزارة في المنسحبين وفائض في المترشحين، فهل من انسحب كلف بهذه المهمة من أجل تحقيق توازن لمرشحين اخرين …؟ يبقى الامر كله تداول اسماء من قبل اعضاء سواء بمجلس النواب او من المؤتمر المنتهية ولايته، ويبقى الشارع بعيدا عن كواليس الساسة وسماسرة المناصب. مشاورات سياسية ولاتزال المشاورات جارية بين اعضاء مجلس النواب لاختيار عدد من المرشحين من بين الاسماء المطروحة لتولي رئاسة الحكومة ومن خلال تطبيق المعايير المتفق عليها، وتشهد مدينة طبرق توافد العديد من المرشحين والداعمين للمرشحين من أجل لقاء اعضاء مجلس النواب، كما أن مجموعة المؤتمر الوطني المنتهية ولايته في طرابلس تقوم بذات المشاورات.
ابرز المرشحين من المنطقة الغربية:
ووفقا لمصادر مطلعة فإن المترشحين من المنطقة الغربية حتى الان هم ضوء ابو ضاوية و عثمان البصير و اسامة سيالة و العارف النايض، ويرى مراقبين أن الحظوظ حتى الان تغيب عن الباقين، وهم اللواء أحمد عون وخليفة المهدوي, في حين يرى البعض الاخر ربما يتغير المشهد في صالح احدهم. وتواجه ابرز المرشحين الأربعة (ابوضاوية وسيالة والبصير والنايض) العديد من المشاكل, بعضهم لديه ازدواج الجنسية، وصعوبة التوافق مع الأطراف الاخرى, وعدم القدرة على التجاوب الكافي مع المتناقضات واستيعاب المشهد المعقد، والحصول على دعم الجميع لإنجاح عمل الحكومة، فهناك منهم من يحمل جنسية اخرى، ما قد يصعب عليهم التوافق، ويتمتع عثمان البصير بكفأة عالية بينما يصنف العارف النايض بانه مرشح لديه القدرة على الانجاز في حين يرى بعض المراقبين أن ضوء ابوضاوية رجل المرحلة بامتياز ، وأن الداعمين للسيد اسامة سيالة يبحثون له عن مكان في الحكومة القادمة ويرى فيه البعض انه مقنع كوزير .
• ضو ابوضاوية
دكتوارة في الاقتصاد وأستاذ جامعي عمل في مؤسسات اقتصادية ومصرفية ومستشار للصندوق الليبي للاستثمار والتنمية وهيئة مكافحة الفساد وله معرفة بالنسيج الاجتماعي الليبي وعمل في مجال المصالحة الوطنية من خلال وجوده كعضو مؤسس لأول لجنة مصالحة بالمنطقة الغربية واحد الأعضاء المؤسسين لتحالف القوى الوطنية، ومن ابرز الداعمين للحوار والتوافق بين كل الأطراف السياسية, والذي فك ارتباطه من التحالف في يونيو 2013، عندما كان نائبا لرئيس الهيئة العليا للتحالف. ويعتبر شخصية توافقية يتمتع بعلاقات كبيرة مع كل الأطراف والتيارات السياسية وتدعمه كتلة كبيرة من نواب المنطقة الغربية وله قبول من نواب المنطقة الشرقية.
• عثمان البصير
دكتوراة في تقنية المعلومات مقيم منذ فترة بكندا دخل في شراكة مع هيئة الاتصالات الليبية بتأسيس شركة IMS في كندا، لديه بعض براءات الاختراع في مجاله قام ببيعها لهيئة الاتصالات الليبية عندما كان محمد القذافي على رأسها لكنه عاد ودخل في اختلاف مع الدولة الليبية بخصوصها ، يدعمه عدد من نواب مدينة طرابلس.
• العارف النايض
دكتوراة في علوم الأديان ، سفير ليبيا بالإمارات كان رئيسا لمجموعة استقرار العاصمة بعد 17 فبراير 2011 له نفوذ كبير من خلال تمكينه لفريقه من إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار وهيئة الاتصالات وشركتها القابضة ويعد المشرف علي قناة ليبيا hd يحسب علي الحركة الصوفية ويدعمه عدد من النواب، لكنه يجد معارضة قوية من بعض الأطراف ابرزها من مدينة مصراتة وكتلة الجنوب.
• اسامة سيالة
هندسة اتصالات يشتغل حاليا، رئيس هيئة الاتصالات بحكومة عبدالله الثني وشغل وزير الاتصالات في حكومة على زيدان, يدخل السباق الرئاسي بتحالفه مع علي زيدان الذي تدعمه احدي كتل الجنوب وعدد من نواب مدينة طرابلس.
• اللواء احمد عون
احد اعضاء تنظيم الظباط الوحدويين الاحرار الذي تولى السلطة في سبتمبر 1969 وتقلد في النظام السابق الكثير من المناصب العسكرية طيلة 42 سنة الماضية ويدعمه عدد من نواب طرابلس.
ابرز المترشحين من المنطقة الشرقية:
يعد فتحي المجبري ابرز المترشحين من المنطقة الشرقية و ابوبكر بعيرة و محمد المنفي ، ويري المتابعون ان الأوفر حظ يبقي فتحي المجبري في حين يرى أخرين أن ابوبكر بعيرة محل قبول لدى العديد من الاطراف السياسية .
ابرز المترشحين من المنطقة الجنوبية:
فبعد اعتذار الشيباني بوهمود فأبرزهم عبدالرحمن شلقم و علي زيدان رئيس الحكومة السابقة.
مرشحو المؤتمر الوطني المنتهية ولايته: أكدت مصادر أن العديد من القيادات الإسلامية في مدينة مصراته لاتزال تؤيد رجل الاعمال أحمد معتيق, في حين يتداول البعض نوري العبار رئيس المفوضية العليا للانتخابات والمحسوب على التيار الإسلامي, و يرى مراقبين أن الصورة غير واضحة حتى الان حول ترشح او اعتذار اسامة عثمان الصيد نجل رئيس الوزراء عثمان الصيد في العهد الملكي, في حين اكدت مصادر مقربة منه توفر حظوظ كبيرة له, وانه شخصية مستقلة قريبة من كل التيارات السياسية وغير محسوب على تيار الإسلام السياسي. اما محمد العماري زائد فيعد اكثرهم حظا في تولي مهمة نائب رئيس حكومة التوافق شخصيات جدلية .
وطالبت العديد من الشخصيات الوطنية استبعاد الأسماء السياسية الجدلية التي ستعيق تكوين حكومة التوافق الوطني, حيث تري في البعض انه غير محل توافق في حين ان منهم من ساهم في سوء الاوضاع التي تعيشها ليبيا حاليا، وشنت هجوم اعلامي في القنوات ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن ابرز هذه الشخصيات المترشح علي زيدان رئيس الحكومة السابق، ورغم ضعف حظوظه الا أن وجوده جاء مثار استغراب الشارع الليبي والعديد من المراقبين، حتى ان الكثير من النشطاء، قدم اللوم لاعضاء مجلس النواب من الجنوب لاختيارهم شخصية جدلية سبق لها تقلد منصب رئيس الحكومة وقد رجح بعض النشطاء أن هناك اطراف خارجية وراء وجود علي زيدان من ضمن المرشحين لخلط الاوراق وارباك المشهد السياسي.
أسماء مرشحين جدد نتيجة التوتر الحاصل في ليبيا, فقد تشهد الساحة السياسية مرشحين جدد لتولي رئاسة الحكومة وذلك بعد سخط الشارع من تردي الاوضاع والخدمات الاساسية، ومن المرجح أن تشهد الايام القادمة اعتماد اسماء تكون متفق عليها للدفع بها لتولي منصب رئيس الحكومة ، فالكفأت موجودة والتوافق قد يتحقق وفقا للمكاسب السياسية الا أن ما يصعب تحقيقه هو القدرة على الانجاز والعمل على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية.
تغير الية الاختيار لاقت الالية التي اعتمدها مجلس النواب باختيار رئيس ونائبه معارضة واسعة، كما أن هناك إشارات توحي برفض البعثة الأممية لخيار واحد فقط و قد يناقش مجلس النواب تغيير هذه الالية ، وذلك باختيار سته مرشحين حتى يمكن اعطاء قدر من المفاضلة والتوافق بين جميع الاطراف.
وفقا للاستطلاعات فان عملية الاختيار تسير في اتجاه الشخصيات الوطنية المستقلة التى تحاكي هموم الشارع والتي عاشت مع الشعب الليبي ويخشى المواطن من تغول تيار الإسلام السياسي والاحزاب السياسية في حكومة التوافق مما يثير المجتمع الليبي وينظر الى بعض هذه الشخصيات المرشحة بعين الشك والريبة ويعتبرها مصدر للازمات التي عانت منها البلاد ويرى أن التطاحن بين الاطراف السياسية حول المناصب يجعل التفكير في المواطن ثانويا.
عن مركز الدراسات الاستراتيجية والديبلوماسية