جميل أن يكون الوازع الأخلاقي في مجتمع من المجتمعات حاضرا في نقاش الناس وسلوكهم، لكن الأجمل، أن لا يخفي جمال “شجرة” الأخلاق أهمية “غابة” عيشنا المشترك!! أو أن تختصر هذه الأخلاق مفهومنا عن التدين، وتقوم مقامه مع مرور الوقت.
جميل أن يتناصح الناس تجاه أهمية الاحتشام في الملبس، لكن الأجمل، أن لا يمتلك أحد “حصريّة” تحديد ما هو تعريف الاحتشام، أو ما هي حدود ترجمته في الملبس طولا أو سعة أو شكلا.
جميل أن تسود ثقافة حقوق الإنسان داخل المجتمع، ونقاوم جماعيا أي تعد محتمل على الحقوق الفردية والجماعية لأي مواطن أو مجموعة مواطنين، لكن الأجمل، أن نحرص على عدم إيذاء المشاعر الفردية والجماعية لباقي الناس، لاسيما عبر سلوكيات “شاذة” تخالف الأعراف والتوافقات والمشاعر الجمعية لعموم المواطنين.
جميل أن ينتفض الناس والأحزاب ووسائل الإعلام دفاعا عن الحقوق الفردية والجماعية للمواطنين، أو انتصارا لقيمهم الجماعية، أو حماية لمقدساتهم ومنافحة عن قيمهم الدينية، لكن الأجمل، أن لا تتحول هذه الدفاعات الطبيعية إلى “معارك” تتعمق فيها الانقسامات بين الفئات المختلفة لشركاء الوطن، ويتخندق كل فريق وراء “متاريس” آرائه ومعتقداته دون أدنى اعتبار لما يلحق بتعايشنا من أذى وشخصيتنا من تشوه.
جميل أن يهتم رجال السياسة شيبا وشبابا بالقيم المجتمعية وبمحاولة تهذيب سلوك المواطنين في القضايا المختلفة، وبتوسيع دائرة النقاش المجتمعي حول القضايا الخاصة بالحقوق والأخلاق والتدين وتصوراتنا عن أنفسنا، لكن الأجمل، أن يتعاملوا مع هذا الدور بمسؤولية، وأن لا يتخذ الساسة هذه القضايا فرصة للتنافس الانتخابي أو اللعب بعواطف الناس أو التعامل “الشعبوي” مع مواضيع بمثل هذه الحساسية دون مراعاة لآثارها الوخيمة.
جميل أن يزداد إحساس الناس بالمسؤولية تجاه أوطانهم ومواطنيهم، وأن يهتموا بإسداء النصيحة بنيّة جلب المنفعة الفردية والجماعية لعموم الناس، لكن الأجمل، أن يمتنع كل منا عن اعتبار ما يقوله قرآنا منزلا أو قانونا كونيا هو من البديهية بحيث لا يجوز النقاش في مقدماته وآثاره.
جميل أن يمتلئ مواطنونا فخرا وثقة وهم يدافعون عن حقهم في التفكير والتعبير الحر عن آرائهم ومعتقداتهم دون أن يترتب على هذا التعبير أو التفكير تبعات تقيّده أو تعطّله، لكن الأجمل، أن نحترم حق غيرنا في امتلاك حتى أسوأ وجهات النظر وأقلها استحقاقا للاحترام، بل وحقهم في التعبير عنها بحرية طالما لم ينتقلوا إلى محاولة فرضها بالقوة.
جميل أن نحس “بالحياء” ونحن نمارس ما هو صادم لمشاعر الأغلبية التي تشاطرنا حياتنا وأوطاننا، أو حتى مخالف لما توافقت عليه غالبية الناس، لكن الأجمل، أن نكون متسامحين تجاه أخطاء الآخرين، عندما يجدون أنفسهم في مثل هذه الحالة المخالفة أو المخطئة، وهو الأمر المفهوم والإنساني والمتوقع في النهاية منا كبشر، حياتنا هي رحلة اكتشاف وخطأ وتصحيح، ومحاولة للتسامي فوق غرائزنا وطبائعنا “الحيوانية”.
أخيرا، مسموح أن تستنكر ما تعتقده حراما أو مضرا أو تخلفا أو همجية أو منكرا بأقسى ما تستطيع من عبارات، لكن محرم أن تنتقل إلى محاولة أخذ القانون بيدك، وتغيير ما تراه منكرا أو تخلفا بطريقة عنيفة وفجة، لأن هناك مؤسسات منضبطة بواسطة قوانين متوافق عليها تحكمها مبادئ دستورية، هي وحدها المنوط بها تطبيق القانون وتصحيح أي اختلال فردي أو جماعي يلحق بأي من جوانب وطننا وعيشنا المشترك.