إيران… وشرعنة التدخل العربي في اليمن!!

ربما تكون كلمة “الشرعية” أو “المشروعية” ومشتقاتهما اللغوية، هي أكثر كلمة انتهكت في لغتنا العربية، لكثرة ما استخدمها فرقاء مختلف الأزمات التي مرت بها أمتنا العربية منذ قرونها الأولى، ولا نبالغ إن قلنا منذ الفتنة الكبرى، والتي حمل خلالها أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام السيوف في وجه بعضهم البعض، منضوين تحت راية زوجته أم المؤمنين “عائشة بنت أبي بكر” في مقابل ابن عمه “علي بن أبي طالب”. صراع على المشروعية لا نزال نعيش بعض تداعياته حتى هذه اللحظة عبر الصراع السياسي الذي يصر طرفيه على إعطائه بعدا طائفيا بين السنة والشيعة.
مناسبة الحديث، هي الطور الجديد من الصراع بين العرب والفرس، بين السنة والشيعة، بين الشرعية والتمرد، ….الخ، والذي يجري على أرض اليمن السعيد، ملتحقا بسابقيه في لبنان والعراق وسوريا وبدرجة أقل في البحرين والسعودية، والذي يمكن أن نضيف إليه الصراع على “الشرعية” في كل من مصر وليبيا، رغم ضعف البعد الطائفي في الحالتين.
لقد قررت السعودية وثمان دول عربية، إضافة إلى دعم وإسناد تركيا وباكستان، الانتصار “للشرعية” التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي، كما سبق لإيران تماما أن انتصرت “لشرعية” الرئيس السوري بشار الأسد، و”شرعية” نوري المالكي وخلفه العبادي. والمفارقة هنا، أن إيران تهاجم السعودية وحلفائها بسبب “الاعتداء” على اليمن الدولة ذات السيادة، من أجل الدفاع عن رئيس “فاقد للشرعية”، متناسية أو متجاهلة أن هذا التدخل هو نفس ما فعلته في سوريا والعراق، عندما أرسلت قواتها العسكرية لتقمع جموع السوريين الثائرين ضد رئيسهم “فاقد الشرعية”.
نفس الأمر يصدق على تنازع الشرعية القائم بين مناصري الرئيسين المصريين السابق “محمد مرسي” والحالي “عبد الفتاح السيسي”، وبين الميليشيات الليبية المستندة “لشرعية” مجلس النواب في طبرق، و “شرعية” المؤتمر الوطني في طرابلس. صراعات يدفع ثمنها الغالي جموع المواطنين على امتداد هذه الجغرافيا العربية، وتهدر من أجلها ثرواتهم الحالية والمستقبلية.
إن ما تشهده بلادنا العربية من نزاعات معلنة ومستترة، بين القوى الإقليمية والدولية، ووكلائها المحليين للأسف، هي نزاعات عبثية ناهيك عن دمويتها، ولا يبرر استمرارها سوى عجز من يتصدون لها عن امتلاك الإرادة الحرة لإيقافها، والوعي الكافي للوصول إلى قناعة استحالة القضاء على شركاء الوطن بإقصائهم وإبادتهم، وبالتالي القبول بالاحتكام إلى قانون إدارة الشأن العام عبر البرامج والرؤى التي يختار الناس أنسبها، ويعدلون اختيارهم كلما تدرجوا في إتقان قوانين اللعبة وخبروا مسالكها.
إن نجاح العرب في قطع أصابع إيران التي تعبث في اليمن، ونجاح إيران في استكمال هيمنتها على العراق، واستمرار لعبة عض الأصابع بين الطرفين في سوريا، لا تعفي هذه القوى الإقليمية، ووكلائها المحليين التي تشترك في كلمة التوحيد من الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لتوقف شلال الدم المرشح لمزيد من التدفق، وتوفر مليارات الدولارات التي تهدر على هذه الحروب المجرمة، بغض النظر عن “المشروعية” المفترضة للأطراف الداخلة فيها، إذ لا “مشروعية” إلا لمن يحقن دماء الناس، ويقبل بأهليتهم لامتلاك الحق في تقرير الطريقة التي تدار بها شؤونهم، والأطراف التي تسهر على هذه الإدارة.

اقرأ أيضا

مجلس النواب يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2025

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية عقدها اليوم الجمعة، بالأغلبية، على مشروع قانون المالية رقم 60.24 للسنة المالية 2025.

مجلس النواب

مجلس النواب يصادق بالأغلبية على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لـ2025

صادق مجلس النواب، بالأغلبية، على الجزء الأول من مشروع قانون المالية رقم 60.24 للسنة المالية 2025، وذلك في ختام جلسة عمومية امتدت إلى الساعات الأولى من صباح يومه الجمعة.

العلوي تستعرض أبعاد مشروع قانون المالية 2025 وتؤكد صلابة ومناعة الاقتصاد الوطني

استعرضت نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية، اليوم الخميس بمجلس النواب، أبعاد مشروع قانون المالية 60.24، مسطرة على أن قوة الاقتصاد الوطني تكمن في صلابته ومناعته، إضافة إلى تميزه بالدينامية.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *