في محفل فني وإعلامي، تم مساء أمس الجمعة، بمقر وكالة المغرب العربي للأنباء في الرباط، تكريم الإعلامي والمنتج والمخرج الإذاعي والشاعر الغنائي حميد مخلوف، الذي اشتهر بإسهامه في العديد من المجالات.
وقد حرص أصدقاؤه والمعجبون بتجربته الإبداعية، وأناقته الفكرية والمظهرية، وصفاته السلوكية المتسمة بالنبل والتواضع، على تجشم عناء السفر من مدن أخرى، إلى العاصمة، من اجل أن يقاسموه هذه اللحظة، التي طالما تطلعوا لها، إيمانا منهم بما للرجل من مواهب متنوعة تستحق الثناء والتقدير.
فنانون ومغنون وصحافيون وملحنون وعدد من رفاق الدرب، كانوا في الموعد، إلى جانب أفراد أسرة المحتفى به، وقد اتضح أن حفيداته ورثن عنه عشق الفن والموسيقى والرسم، بعد أن قدمن أمام الحاضرين نماذج تنبيء أن لديهن مخزونا من العطاء، ينتظر الفرصة فقط ليتبلور ويخرج إلى الوجود.
وأبى الكاتب والإعلامي المعروف السيد عبد الله شقرون، إلا أن يكون في طليعة المتحدثين عن حميد مخلوف، في ” كلمة من القلب”، مشيرا إلى ما يتمتع به من ذوق مرهف وإحساس جميل، تجلى في إنتاجاته ككاتب وشاعر ومنتج إذاعي، وصاحب “تجربة مهمة في مجال الكتابة للإشهار”.
وفي لحظة استرجاع للماضي، عادت المذيعة آسيا فردوس إلى اليوم الذي تعرفت فيه بمخلوف في إذاعة الدار البيضاء، فقد كان هو أول واحد قابلته لدى دخولها المبنى، لتستمر علاقتهما المهنية، على مدى السنين، وقد تحدثت عن ذكرياتها معه أمام الميكروفون، خلال تعاونهما معا، لتقديم العديد من البرامج، وما رافقها من مواقف وطرائف..
وفي غمرة هذا السرد المشبع بالشغف والحنين والشوق، ومن وراء ابتسامتها، حكت كيف أنها فاجأته ذات يوم، بأن يغني أثناء بث أحد البرامج على الهواء، بعض أغنيات فريد الأطرش، فلم يجد بدا من تلبية طلبها، لأنها كانت تعرف أنه يجيد تقليد هذا المطرب.
الزميل الإعلامي عزيز المجدوب استحضر في شهادته لقطات مضيئة من المسار الفني لمخلوف،” الكائن الشفاف الذي يعكس البيئة التي ينتمي إليها”، فقد ولد في مدينة فاس، وكبرت قامته، وتفتح وعيه في درب السلطان في الدار البيضاء.
وتوقف المجدوب عند الإسهام الغزير لمخلوف في إرساء أسس بناء الأغنية المغربية، منذ الستينيات من القرن الماضي، ككاتب كلمات، إلى جانب الملحنين والمطربين،عبد الرحيم السقاط، والمعطي بنقاسم، والمعطي البيضاوي، وغيرهم من الفنانين الذين كان لهم شرف الريادة.
وبدوره، تحدث المطرب حميد شكري عن مخلوف، الذي كان قد تعرف عليه في بيت المرحوم عبد الرحيم السقاط، لتستمر صداقتهما حتى الآن، واصفا إياه بأنه إنسان ” طيب ولبيب” يعطيك الأمل في الحياة، رغم ما يجتازه من ظروف صحية.
وركز شكري في شهادته على ما تتميز به كتابات مخلوف المنشورة في ديوانه ” كلمات بطعم الحب”، المتسمة بالنفس الصوفي، من إحساس صادق، وعمق جميل، لكونها نابعة من أعماقه. وقال عنه أيضا إنه رجل حافظ دوما على أناقته، بنفس الحرص على صداقته مع الجميع.
وفي ختام الحفل، ومن أقوى لحظات الاحتفاء الفني بمخلوف، الفقرة التي تولت فيها المطربة المغربية الشابة فردوس أداء بعض أغاني السيدة أم كلثوم، حيث لقيت استحسانا كبيرا من طرف الجميع، الذي تساءل عن سر تغييبها عن الظهور في التلفزيون.
مخلوف أشاد بفردوس كصاحبة موهبة وصوت ملائكي” تتحدث عدة لغات، وتترفع عن غناء التفاهات”، حسب تعبيره، متحدثا كذلك عما تقوم به الفيدرالية الوطنية للفنون والثقافات، برئاسة السيد لطفي الشرايبي من جهد في سبيل نشر إشعاع المغرب الحضاري والفني، والدفاع عن الذوق الفني الرفيع.